الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سلامًا وتحية لشرفاء الرقابة الإدارية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول البابا شنودة رحمه الله فى أحد مقالاته: «عاش الحق والباطل يتصارعان على مدى العصور.. وكثيرا ما كان الباطل ينتصر، لأن وسائله أكثر، الباطل يستطيع أن يكذب ويغش ويخدع، والحق لا يستطيع ذلك، الباطل يمكنه أن يقسو ويبطش ويقتل ويغدر، والحق لا يمكنه أن يفعل ذلك، الباطل يلجأ إلى حبك المؤامرات وتدبير الحيل المهلكة، بينما الحق لا يسمح له ضميره بفعل شىء من هذا كله، الباطل يقدم لأتباعه المغريات والنجاسات مما يرضى غرائزهم المنحرفة، والحق يرتفع عن هذا المستوى.. أيضًا الحق مقيد بقيم ومبادئ ووصايا إلهية، لا يستطيع أن يخرج عن طاعتها، بينما الباطل متسيب يفعل ما يشاء، ويسلك حسب هواه بلا ضابط. لذلك فالوسائل عديدة أمامه، والباب مفتوح له فى أى طريق يسلكه.. لذلك فالباطل له أنصاره وأتباعه الكثيرون، لأنه يوصلهم إلى أغراضهم بشتى الطرق والحيل والأساليب.. يوصلهم بالإدعاء، أو بالرشوة، أو بالتزوير والتزييف، أو بالاتصال بمراكز القوة وأصحاب القرار، فينالون ما يشتهون!».. والباطل فى زماننا أحد أهم وجوهه الفساد المستشرى فى أجهزة الدولة، والذى أرى أنه أكبر وأخطر التحديات التى تواجه مصر، لأنه يزرع الإحباط فى النفوس، ويطفئ نور الإبداع، ويقتل طاقات الأمل والإيجابية التى يمكن أن تنقل مصر إلى مصاف الدول العظمى.. والغريب أن وقائع الفساد فى كل مؤسسات الدولة متكررة، والفاسدون وجوههم وحكاياتهم متشابهة، ومصالحهم متشابكة، جميعهم راشى ومرتشى، وجميعهم يجيد الاضطهاد والتنكيل والقمع للمتميزين الذين لا يعتمدون سوى على مواهبهم وكفاءتهم ولا يجيدون التعامل مع منظومة الفساد المتشعبة.. حكايات مكررة لأناس يتمتعون بالعلم والموهبة والكفاءة فيجدون أنفسهم فرادى فى مواجهة طوفان الفساد والشللية والمحسوبية، ويتم وأد طموحهم، يحاولون إثبات أنفسهم ومواجهة الفساد فيتم التنكيل بهم، لتتحول طاقات العمل والإنجاز إلى محاولة الصمود فى وجه هذا الفساد، ويفقد الوطن طاقات أبنائه التى تهدر فى المحاولات اليائسة لمواجهة الفساد، والمآسى المكررة للبلاغات التى يتم تجاهلها أو حفظها.. ونجد أنفسنا محاطين بطاقات سلبية، ومواطنين يعانون الإحباط ويشتكون الحظ أو يفقدون إيمانهم بالوطن والحق والعدل.. ولكن فى كل مرة تقوم هيئة الرقابة الإدارية ورجالها الشرفاء بالقبض على أحد هؤلاء الفاسدين القابعين لعهود طويلة فى مؤسساتنا المهمة، نجد طاقات الأمل تتجدد، ويتبدد معها الإحباط فى قدرة هذا الوطن على لفظ الفاسدين فيه.. ويزيد الإيمان بالمثل الشعبى القائل: «الحجر الداير لابد من لطه».. فمهما طال الزمن أو زاد النفوذ أو احتمى بالكبار وبشبكات المصالح والعلاقات الاجتماعية الضخمة، سيأتى يوما ويقع، ويكشف الله ستره عنه لينكشف الوجه القبيح.. ولكن فى كل مرة يتم القبض على أحد كبار الشخصيات فى مصر بتهم الفساد، نجد الكثير من التساؤلات التى تتبادر إلى الأذهان، إذا كان هذا العدد الضخم من حيتان الفساد يسقطون فى أيدى الرقابة الإدارية يوميا، فكم من الفاسدين ما زال قابعا فى مؤسساتنا ويتمتع بالسلطات الواسعة والحماية التى تمكنه من ظلم الكثيرين؟!.. وكيف وصل هذا الفاسد إلى تلك المكانة المرموقة؟!.. وكيف استطاع التخفى عن أعين الجهات الرقابية على مدار سنوات طويلة؟!.. ما نعلمه جميعا أن أى مسئول لا يتولى منصبه إلا بعد التقارير التى تعدها الجهات الأمنية والرقابية، والتى من المفترض أن تكشف عن أدائه ونقائه ومدى نظافة يده!!
علينا أن ندرك جميعا أننا مسئولون عن هذا الفساد وأن علينا مواجهته بقوة وصلابة وإصرار، فكما يقول الإمام على ابن أبى طالب كرم الله وجهه: «حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق».. ولن يستطيع رئيس الجمهورية وحده أو الجهات الرقابية أن تصل لشبكات الفساد المتشعبة والمتشابكة فى مؤسساتنا، إلا إذا قام كل منا بدوره، مهما كانت الصعوبات أو العراقيل التى نواجهها فى سبيل ذلك، ومهما تعرضنا للتنكيل أو الظلم.. علينا أن ندرك أن الحق حتما سينتصر.. ونؤمن بأن الحق سبحانه وتعالى يأبى أن ينتصر الباطل مهما علا شأنه.
شكرا إلى رجال هيئة الرقابة الإدارية الشرفاء الذين يعيدون إلينا الأمل.. وشكرا إلى كل المثابرين الذين لم يفقدوا الأمل يوما فى أن الحق دوما سينتصر.