السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النساء والسلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عنّ ببالى أن أطرح أسئلة مشروعة -وكنتُ أمضيتُ مايُقارب العقدين فى الانشغال بتوثيق سيرة مغيبة للمرأة فى بلادى ليبيا- حول حزم دولية من المواثيق والمعاهدات واللوائح والعهود والتشريعات المُصادق عليها، والتى عليها ملاحظات من بُلداننا عبر تقارير الظل التى يشُوبها مايشُوبها من تلفيق وإخفاء للحقيقة (ليبيا نموذج)، تلك المُراجعات والاقتباسات التى تُدلل وتطالب بمنشدى السلام والأمن العالميين، والتمكين السياسي، ومناهضة العنف، والتمييز الإيجابي، ووو.. إلخ، جميع ما راج كنداءات وشعارات وتحديدا فى الحقبة التى تلت تأسيس عُصبة الأمم المتحدة وبالخصوص أيضا عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية، عنّ ببالى أن أتساءل: هل من دونتُ سيرتهُن عرفن كل هذه الحزم الدولية أو عملن من خلالها؟ أم أن من شَرّعن كل ما سبق ذكرهن من عانين من سياسات مُناهضة مُثقلة بثقافة ذكورية تعادى حضور المرأة؟، أم أن الحروب التى خاضتها بعض من دول العالم الكُبرى أنتجت تلك العداوة والتمييز؟، أم أن ما جرى من تقييد ذهنى وجسدى واجتماعى كان جراء التحول إلى المجتمع المدينى الصناعي؟
سنتذكر أنه عبر تكون مجتمعات الشرق ومما درسنا فى نظريات الاجتماع وعلم الإنثروبولوجيا ولاحقا بالنسبة لى مما طالعت أو قاربت فى لقاءات مباشرة مع سيدات فاعلات رائدات وحواريات فى أنحاء من بلدى بعضهن خرجن من مجتمع فلاحى ورعوى وفى هذا المجتمع كُن ندا للرجال يتقاسمن الحياة وهن مُضطلعات بأدوارهن الاجتماعية والاقتصادية داخل خيامهن أو كهوفهن أوبيوت الطين (الأنثى هى الأصل)، كن صانعات للاستقرار مُثبتات لقيم السلام والأمن، من دونتُ ووثقتُ سيرتهن كن قد نهضن من بواكير القرن الماضى وفى لحظة الفعل كن فاعلات وفى ساعة الدفاع عن النفس والمبدأ كن مُدافعات.
ما فى جعبتى أثناء اشتغالى فى توثيق نهضة الليبياتو التى رافقها بالتوازى عملى الأكاديمى (الإنثربولوجى – السيسيولوجي) كانت مقاربتى بأجمعها نسوية، من نساء النهضة الليبية إلى راويات القصص الشعبي، كنتُ جالستُ لساعات نساء فاعلات فى الزمن الصعب ومن ذلك كان ما عنونت به كتابي: (نساء خارج العزلة) و(حاملات السر)، ولا أذيعُ سرا إذا ما قلت إنى لم أشعر بفارق السعى والانتماء للحياة من حيث المبدأ بين رائدات النهضة وسيدات الواحة نموذج راويات القصص الشعبي، فعند سماعى وتسجيلى لمسيرة بعض من رائدات العلم والعمل والفن والثقافة والرياضة والنضال السياسى كان مبدأ هنحب العمل والإيمان به هما معنى الوجود لديهن، وإرادة الفعل كذلك، كانت القصص المُفارقة التى سمعتها من سيدات يُمثلن لى جدات وأُمهات.
ولكن والساعة هذه التى نحن فيها علينا أن نعرف وندرك أننا لسنا الأوائل ولسنا فقط من شق عليه المسير عبر طريق صعب، ولعل ما حققتهُ النساء منذ تحول فبراير ٢٠١١ سيكتبهُ التاريخ لهن منذ المشاركة النضالية لحظة الثورة ثم المشاركة السياسية التى سجلت حضورا فى مقاعد برلمانيها، ولجنة دستُورها، إذا ما أشرنا إلى جهود فى مغاربية نسوية تدعو للمناصفة وهو ما أدرجته أجندة الأمم المتحدة لعام ٢٠٣٠، لذلك يجدر بنا المثابرة والعمل ما دامت التشريعات واللوائح والمواثيق الدولية معنا وأيضا العالم ومُتغيراته ففيها ما يزرع الأمل بأن النساء صرن فى الواجهة رئيسات حكومات ووزيرات وشاهدُنا بارز كمثال فى أكثر من جزء من العالم (الإفريقى والآسيوى واللاتيني)... يا نساء العالم واصلن المسير لعل الطريق طويل وعسير ولكنه سيكون فى طوعنا لو ملكنا أقداما راسخة وعقلا يحمل مشروعا يُثابر عليه وبمزيد من الوعى المعرفى بالحقوق المتمثلة فى التمثيل النيابى والسياسى والقضائي، وبالنسبة للسلام والأمن فلم تكن النساء فى تاريخهن غير رديفات للسلام أينما حللن وأقمن ولن يحل سلام دُونهن.