الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

رسومات الحج على البيوت.. فن مصري يوثق الرحلة المقدسة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«حج مبرور»..عبارة يراها العائدون من رحلة الحج المقدسة مكتوبة على منازلهم ومنازل الجوار، بالإضافة إلى عدة رسومات منها كعبة مشرفة يطوف حولها الحجاج ملبين، يعلوهم حمام، يهرولون بين الصفا والمروة برحلة أشبه بسيرتهم من الميلاد للمعاد، ويقفون بعرفات راجين، وتنتظرهم روضة النبى بشوق؛ وقد يرى الحجاج سفينتهم أو الطائرة أو حتى الجمل بانتظارهم؛ وستنبت فروع خضراء وتلتف حول النقوش والألوان المبهجة على جدران البيت لتكون بشرف استقبال الحاج. ومنذ صلوات المصرى القديم، ظلت جدران البيوت شاهدة على عمق التحام المصريين بالدين.. وشكلت فنونهم الفطرية، معرضا مفتوحا تراه بقرى مصر ومناطقها الشعبية.. توثق الرحلة وتباركها وتجعلها طقسا يوميا للفرح..
فى هذا «الملف» تصحب «البوابة» قراءها فى جولة مع رسامى الحج، والفن التشكيلى عموما الذى استلهم تلك الرحلة وساهم بفرحتها الملونة.

موسيقى ورسم توثق كرنفال الحج
ليس بالرسم حفظ المصريون طقوس الحج فى فلكلورهم؛ فكانت هناك مجالات عديدة من بينها الغناء والموسيقى؛ ومنذ دخول الإسلام مصر مع عمرو ابن العاص، والمصريون ملتزمون بشعائر الإسلام، وكالعادة ابتكر المصريون بإبداعاتهم الخاصة غناءً للمناسبات الدينية، فنجد أثناء صيام رمضان، أغانى استمدت من التراث الفرعونى مثل «وحوى يا وحوي.. إياحا»، والتى يرجع أصلها مناجاة للملكة إياح حوتب، زوجة الملك سقنن رع، وأم أحمس البطل الذى حرر الهكسوس، فغنى لها المصريون القدماء احتفاء بتخلص مصر من خطر الهكسوس، واستمرت الأغنية بعد دخول الإسلام لمصر لتصبح ابتهاجًا برؤية الهلال ليلة أول رمضان إيذانا ببدء الصيام.
كذلك شعائر الحج، الذى كان شاقًا ومكلفًا، نظرًا لبدائية السفر، حيث كانوا يتحركون عبر الصحراء فى قوافل على ظهور الجمال، مع الجانب الخطير الذى قد ينالهم فى الطريق، من قطاع طرق أو هجوم وحش بري، وعدم رجوع بعض الحجاج نتيجة للقتل أو المرض بسبب حرارة الشمس، أو الإصابة بوباء من الأوبئة، ولهذا كان المصريون دائمًا ما يهونون عليهم الرحلة ببعض الأغانى والأهازيج التى استمدوها من تراثهم الغني، والذى امتزج بحداء الجمال الذى وفد إليهم من الفاتحين المسلمين.
حتى أواخر القرن العشرين، كانت الطقوس الخاصة بالحج مقامة فى مصر، حيث يحضر الموكب بالعربة «الكارتة»، وتعلق الزينات والأعلام، وتزين المنازل، وتقام الليالى لأهل الله، ويراضى الفقير، وتذبح الذبائح وتوزع على الجيران والمارة من عابرى السبيل، وتوارثت تلك الطقوس، وتناقلت الأغانى شفاهية، واستحدثت أغانى مناسبة للعصور المختلفة، وفى العصر الحديث اشتهر أكثر من منشد ومنشدة بأغانى الحج، على رأسهم مداح النبى الأشهر محمد الكحلاوي، ومنهم جابر العزب، والحاجة نعمة القناوية، وفاطمة عيد، وأمين الدشناوي، وليلى نظمي؛ ومن أشهر الأغانى للحج أغنية جابر العزب، فى مدح السيدة فاطمة البتول حيث ينشد: «يا فاطمة يا فاطمة.. يادرة نبينا/ افتحى البوابة يا فاطمة أبوكى داعينا»؛ وأيضًا ينشد سيد إمام الذى اشتهر مؤخرًا مع فرقة مشروع مصري: «أول كلامى صلاة الزين/ دا ذكرته لينا بتزين/ وباسمه الغالى معتزين/ واسمك محمد يا نبي/ رايحة فين يا حاجة/ يا شاقة البحوري/
رايحة أزور النبى محمد/ وأزمزم شعوري/ رايحة فين يا حاجة/ يا أم توب سماوي/ رايحة أزور النبى محمد/ وارجع ع القناوي»؛ وتنشد سيدات قنا: «يوم طلعت أنا من بلدي/ جرت دموعى على خدي/
سبت الحبايب والحبان/ سبت الوالدة أمى بتبكي/ يا ناويين/ يا هنا للموعودين/ اسمع وصلى على النبي».
والغريب أن تلك الأغانى لم تقيد كتابيًا ولم تتعرض للنسيان، على الرغم من أن حافظيها وناقليها أميون، فتنشد النساء فى الصعيد.
لا يقدر أحد أبدًا على نسيان أغانى مداح النبى محمد الكحلاوي، ونظرًا لعظمة صوته، فظلت تسجيلاته حاضرة حتى بعد وفاته، على الرغم من مئات الذين أعادوا إنشاد مدائحه ولكن المستمعين لم يقتنعوا إلا بصوته فقط، ولكن الغريب عندما أذاع التليفزيون المصرى إحدى حفلات موسم الحج، وعزفت الموسيقى مطلع أغنية مدد يانبى للكحلاوي، انتظر المشاهدون من سيتقدم ليتولى ذلك التحدي، وفوجئ المشاهدون بطفل أسمر سمار الصعيد، يغنى بصوت شجى عذب، وعلى الرغم من صعوبة الأغنية إلا أنها اشتهرت بصوته، وعلقت فى أذهان الناس، تنبأ له الجميع بأن يكون له شأن ويخلف العظماء على عرش الطرب الأصيل، إلا أن القدر اختطفه فى عمر ١٣ عامًا برصاصة فى رأسه أثناء إحيائه لإحدى حفلات الزفاف والتى تخللها إطلاق رصاص، حيث تلقى بالخطأ رصاصة فى رأسه فمات على الفور، وخسرت الساحة الفنية اسمًا كان من المقرر أن يكون له شأن كبير بما يملك من صوت وموهبة كبيرة، فتقول الأغنية: «أنا جيت أزورك يانبى وأقول مدد/ شاهدت نورك يانبى زاد المدد/ مدد يانبى يا نبى مدد».

فى قلب كل «نقّاش» فنان
«عم محمد» يكشف سر انتشار الرسوم بالأحياء البسيطة... ومصطفى: لدى أعمال حازت إعجاب فنانين كبار
عم محمد وصاحبه مصطفى، من رسامى شعائر الحج على جدران المنازل المصرية، عقدنا معهما مقابلة؛ وصلنا لورشتها؛ فوجدنا لوحات مبهرة ملقاة على الأرض، وأعمال حفر على الخشب، وألوانا ومقاييس ونقوشا ومعدات لا حصر لها.. لا أحد يطرح عليهما الأفكار فبمجرد أن تطلب منهما رسم حائط منزل كى يصلا فى الوقت المحدد، وفى غضون ساعتين تكون الجدران بأكملها محلاة بأشكال وعبارات الحج الدينية والشعبية. 
يمسك عم محمد بالفرشاة، ويضع الخطوط العريضة ببنط أسود واضح، يبتعد ويراقب ما فعله، ثم يبدأ بالتلوين، ويفعل مصطفى الشيء نفسه على الجدار المقابل.
محمد ومصطفى صديقان منذ عقود، وقد تجاوز عمراهما الأربعين، وجربا السفر للخليج طلبا للرزق، ولكن لمصر روحا لا تقاوم. 
هل مسألة الرسم على الجدران مربحة؟.. يجيب أحدهما نافيا، فـ«المسألة محبة أو أكل عيش لفك ضيق، ولكن ليس بها فرص ربح»، السعر عادة يتراوح من ٣٠٠ لـ١٠٠٠، ويصبح السعر أغلى بالطبع، كلما قام الفنان بتمهيد الحائط وطلائه قبل الرسم عليه، كما يجرى بالبيوت القديمة والحوائط المتهالكة.
نظرنا لما رسماه بإبداع وسرعة شديدين، فكانت بضع آيات قرآنية منها «وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» و«أتموا الحج والعمرة لله» وعبارات مثل «الله أكبر» و«من زار قبرى وجبت له شفاعتي» وكلمات شعبية منها «يا داخل هذا الدار.. صل على النبى المختار» 
يقول عم محمد، أكبرهما سنا إن الناس زمان كانت أكثر ودا، وكان الطلب على تلك الرسوم كبيرا؛ فالجار أو القريب يأتى بالخطاط أو الرسام لينقش رسوما على جدار جاره الحاج؛ لكن اليوم لا تجد من يعرف جاره بنفس العمارة، ولهذا انتشرت تلك الرسوم بالأماكن البسيطة، ولم تنتشر بالأحياء الراقية، التى تحولت لغابات أسمنتية بلا روح. 
ويقر صديقه بأنه تعلم من أعمال الفنانين التشكيليين الكبار، كالفنان محمد طوسون، والدكتور محمد مصطفى، والذى وضعت لوحاته ذات الطقس الدينى بمعارض العالم. 
لكن الفنان مصطفى يعترف بأن الأعمال المنقوشة على الجدران للحجاج معظمها تجاري، ولا يرقى لمستوى الفن، وهو جزء من انتشار فنون مستنسخة وليست أصلية، وإن كانت تعبيرا جميلا عن محبة طقس الحج ولكنها لا تعيش، وهو يؤكد أن لديهما لوحات حازت إعجاب تشكيليين كبار بمصر والعالم العربي.
بادرناه: لماذا لا نرى لوحاتكما إذًا بالمعارض التشكيلية؟.. يؤكد أن بيع اللوحة فى مصر محدود، وهو مجال يحتاج لتفرغ أكبر، وبصراحة أكبر يعتمد على وجود دخل مادى من خارج الفن، بالبداية على الأقل، ولهذا السبب يضطر لأن يرسم أعمالا تجارية كغرف الأطفال والجدران وما شابه. 
وهنا يلتقط عم محمد الخيط، ويسترسل فيقول: زمان كنتِ ترين تمثالا يمكث فنانه عشر سنوات لينتجه، ولهذا عاشت تماثيل مايكل أنجلو العالمية وتمثال نهضة مصر مثلا لمختار، وليس ما نراه اليوم من أعمال مقلدة.
ثم يقول بزهو شديد: حين جمعوا الفنانين لرسم جداريات بشارع الهرم عن النيل والأهرامات، تحديتهم بأن ننهى ما فعلوه فى أسابيع بساعات معدودة، وهذا ليس لأننا «نقاشون»، ولكن لأننا فنانون وأصحاب «حرفة وفن» معا، وكان مشروعى ولا يزال أن أرسم لوحة ممتدة تجمع كل حكام مصر منذ القدم وحتى اليوم، ولوحة ثانية للأدباء والمبدعين.
أعجبتنا الفكرة، ولاحقناه: واضح أنك تحب الطرب والأدب!، فضحك وقال: طبعا، أنا أسير ومعى إما القرآن الكريم أو روائع عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب فى أوقات الفراغ، وأحب نجيب محفوظ والعباقرة الذين جعلوا لنا حضارة ولحياتنا معنى لا يدركه إلا من يعيش بمصر. 

كتاب أمريكى: تعكس الإخلاص الدينى عند المصريين
يعد كتاب «رسومات الحج»، الصادر عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية ٢٠٠٩، والذى ألفه أفون نيل، المتخصص فى الفنون الشعبية العالمية والمصورة آن باركر، من أحدث الكتب وأبرزها فى مجال رصد فلسفة رسوم الحج فى مصر، وقد رأيا أنها تعكس موهبة الفنانين الفطرية، وإخلاص المصريين الديني، وقدما سجلا حافلا برسوم الحج من قرى ونجوع مصر.
تقول صاحبة فكرة الكتاب المصورة آن باركر: كانت المرة الأولى التى لمحت فيها عينى بنظرة خاطفة عبر نافذة القطار رسمًا من هذه النوعية، كانت منذ عام ١٩٨٥، عندما كنت مسافرة من القاهرة إلى أسوان بالقطار السريع، لقد بُهتّ بمرأى هذا الجمال البسيط المفعم بالحياة، والذى يتحدى الزمن فوق حائط بيت من بيوت قرى الريف المصرى النائية، وبعدما تعرّفت على القوة الدافعة التى تقف وراء هذه الرسومات، اليوم أعتقد أن رسومات الحجّ كما يُسمّونها، يُقصد من ورائها تخليد شعيرة الحجّ أو رحلة الزيارة المقدّسة إلى مكّة المشرّفة.
يقول المصور: من سوء الحظ أن «هذه الزهور المبعثرة فى صحراء مصر»، لا تتوافر لها الحماية ضد أشعة الشمس الحارقة والرياح الرملية والأمطار الموسمية، تعانى من تحلل ألوانها وضياع معالمها، ولا أحد يهتم بأنها غير قابلة للإصلاح أو الاستنساخ.
وفى الكتاب، نرى مظاهر الاحتفال بالحج، فغالبًا ما يصاحب السفر والترحال للحج عند المصريين ضجيج واحتفالات لتوديع الحُجّاج، تتخلّلها أغانى الحج للمطربين والمطربات: أم كلثوم، محمد الكحلاوي، ليلى مراد، ياسين التهامي، هذا فضلًا عن سقاية العصائر والشربات لزوار الحاج أو الحاجة، واصطحابه فى مواكب احتفالية بالطبول والمزمار والإنشاد الديني.
ومن مظاهر العودة من الحجّ التى بدأت بالاندثار، تبارى الأصدقاء فى استقبال الحاج بالأعلام البيضاء من فوق صهوات جيادهم، بالإضافة لرسوم الحج التى تحمل مفردات الثقافة الشرقية.
ويقوم أغلب الحجاج من مصر بتلك الرحلة فى أواخر سنوات عمرهم، أو عندما تكون ظروف الأسرة المالية قد أصبحت أكثر يسرًا واستقرارًا وأمنًا.
وتؤكد الكاتبة أن الرسومات الرمزية التى يُنفّذها رسّامون، ذوو ذوق وحساسية وعلى دراية؛ غالبًا ما تحكى قصة الحجّ بأسلوب راقٍ فى الرسم، ومهنة إبداع رسومات الحجّ ليست حرفة جوّالين، لذلك عادة ما يُقيم الفنان فى نفس المنطقة المحلية التى يُنفّذ فيها إبداعاته، وهذا يُفسّر ظاهرة أن معظم مَنْ وجدناهم متخصّصين فى هذا المضمار مدرسون بحكم الوظيفة، وأن بعضهم برع فى تصميم الإعلانات التجارية، والبعض الآخر تفوّق فى طلاء المنازل بالأسلوب التقليدى المتعارف عليه فى الريف المصري، وكما فى أى من الحركات الفنية المعروفة، يُلاحظ بين فنّانى رسومات الحجّ مَنْ يفتقد الأسلوب الفنى المتميز، ومَنْ يتعايش مع قدراته التخيلية المحدودة؛ بينما يتمتّع آخرون بالموهبة الفذّة.

باحث: «شهادات الحج» وراء انتشار الرسوم على الجدران
كان الحجاج قديما يخوضون غمار رحلة صعبة وشاقة إلى بلاد الحجاز، وكانت محاولة تسجيل وقائعها أمرا مهما وجانبا يدعو للفخر بين المقربين بأداء مناسك طاعة الله والتبرك بها فى حياتهم، ومن جهة أخرى فإن هؤلاء البسطاء عادة لا يكونون قد سافروا برحلة سواها لخارج القطر المصري. 
ويرى البعض أن تلك الرسوم انتشرت أثناء فترة عمل كسوة الكعبة فى مصر، والتى كانت يقام لها احتفال كبير يسمى «يوم المحمل»، وهى مستقاة من ثقافة المصريين المتجذرة منذ الفراعنة، بتوثيق حياتهم عبر صور على الجدران. 
عمرو منير، باحث فى التراث الشعبي، يؤكد أن معظم المشتغلين بالتراث الشعبى ذهبوا فى تفسيرهم لرسوم الحج إلى ما يعرف فى التراث الشعبى المصرى بــ«شهادات الحج»، والتى كانت تعطى للحجاج الذين ينوبون عن غيرهم فى القيام بمناسك الحج لمرض الراغب فى الحج، وقد ظل العرف جاريًا بهذه العادة إلى خمسينيات القرن العشرين، ومتحف عفت ناجى بالقاهرة به شهادات يعود تاريخها إلى ١٩١٠، وكانت هذه الشهادات يكتب عليها اسم الحاج، الذى أناب غيره فى القيام بهذه الفريضة، فمتى عاد هذا النائب يسلم الشهادة المصورة لصاحبها كدلالة على الوفاء بالأمانة.
وشهادات الحج هذه تفسر الصورة الشعبية الذهنية عن أماكن الحج أو بعض المساجد المهمة، وذلك نقلا عن الشهادات التى كانت تمنح للحجاج الذين وكلوا أمر الحج إلى غيرهم، وأصبحت فيما بعد الأغراض من الرسوم الشعبية المطبوعة هى مجرد التبرك بها توطئة للقيام بالحج ومناسكه.
وفيما يتعلق بالصور التى كانت وما زالت ترسم على جدران البيوت الشعبية فى مصر، فمن المحتمل أن تكون قد اتضحت الحاجة إليها لتميز الحاج ببديل للشهادة الممنوحة، للذين يوكلون غيرهم للقيام بمناسك الحج وحاليًا أصبح الرسم متأرجحًا وفقا لرغبات الحجاج وقدرات الرسامين، الأمر الذى جعل تلك الرسوم الجدرانية تبتعد تدريجيا عن الصفة التى كانت حافزًا على قيامها.

التشكيلى طاهر عبدالعظيم: استلهمت لوحاتي من «السيرة النبوية»
احتفت العديد من اللوحات التشكيلية بموسم الحج وأيقوناته منذ صدر الإسلام وحتى اليوم، وأبدى العديد من الرسامين التشكيليين اهتماما بالرسوم الفطرية التى يرسمها المصريون على جدرانهم، وهى امتداد للعصور الفرعونية والرومانية والقبطية والإسلامية، ولكل مرحلة أيقوناتها التى سجلها المصريون على جدران بيوتهم ومعابدهم. 
والمراجع تشير إلى انتشار تلك الرسوم منذ نهاية القرن الـ١٩، وعادة ما نرى صورة الكعبة تتوسط جداريات الرسامين عن الحج، وتستخدم الألوان الزيتية عادة لرسم تلك اللوحات الفطرية. 
ومن اللوحات التى تناولت مناسك الحج؛ لوحة الفنان والمستشرق الفرنسى «ليون بيلى»، بعنوان «حجاج فى طريقهم إلى مكة» التى رسمها عام ١٨٦١، ويصور فيها قافلة من الحجاج، يشقون الصحراء على ظهر الجمال، أو سيرًا على أقدامهم، فى طريقهم لبيت الله الحرام. وقد عُرضت ببريطانيا وقطر مؤخرا لوحات ونماذج لمئات التشكيليين عن رحلة الحج المقدسة.
وقدم الفنان طاهر عبدالعظيم الكعبة المشرفة عبر ٩ لوحات ضمن لوحاته الملحمية عن السيرة النبوية، مجسدًا تطور بناء الكعبة، منذ عام الفيل، حتى نزول الوحى على النبى محمد.
يقول الفنان: إن مظاهر الاحتفال بالحج اختلفت من ثقافة لأخرى، وفى مصر ابتكر الفنانون الشعبيون مظاهر للاحتفال بالرحلة منها تزيين الحوائط الخارجية بعبارات ورسوم أصبحت بمرور الوقت أيقونات ثابتة، وهى تعكس ثقافة المجتمع الذى نشأت فيه من موتيفات أو وحدات زخرفية وطرق للخط والكتابة المختلفة، حتى أصبح لهذا النوع من الفن متخصصون وغالبا هم خطاطون، وهو يختلف عن اللوحات التشكيلية التى عبرت عن الحج سواء بفن الخط أو التصوير. 
أما عن لوحاته المتعلقة بالكعبة، فقد استلهمها من قراءاته للسيرة النبوية، وقد أنجز نحو ستين لوحة ضمن مشروعه عن تجديد عرض السيرة النبوية ولجأ فيها لدار الإفتاء المصرية وفضيلة الشيخ على جمعة رئيسها السابق، واللوحات مصممة بأبعاد كبيرة حوالى ١٦ مترا للعرض ومتر ونصف للارتفاع.