الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حجاب الطفولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تستخدم قوى الإسلام السياسى سلاحًا أشد فتكًا وضراوة من الحجاب للهيمنة على المجتمع بجميع أطيافه، حتى أنهم لم يكتفوا بإقناع البالغين بفرضيته الدينية، وإنما تطاولوا بكل وحشية على طفولة الصغيرات وبراءتهن، وقيدوهن منذ نعومة أظافرهن بقماش يحجب عنهن نور الشمس ومداعبة الهواء وانتعاش الماء، وهو ما تراه متجسدًا فى صغيرات الأرياف والمناطق الفقيرة فى محافظة الفيوم.
أطوف بسيارتى بين الحين والآخر فى شوارع الفيوم وحاراتها وزقاقاتها، والتى أصبحت أزورها بشكل مستمر بعد أن تركت فيها قطعة من روحى بجوار جسد والدى المدفون هناك فى مقبرة العائلة، أرى هؤلاء الصغيرات فائقات الجمال يرتدين حجابًا لا مبرر له أبدًا سوى إجبارهن على الخضوع منذ الصغر تمهيدًا للقهر والإكراه فى الكبر!
أتوقف كثيرًا لأسألهن عن شارع لا أعرفه أو طريقٍ أكثر اختصارًا، يجاوبننى وهن يتأملن خصلات شعرى المتبعثرة من هواء الطريق بإعجاب وأمل، أستشعر كل صغيرة منهن وهى تحلم يومًا أن تمتلك حريةً تجعلها صاحبة القرار الوحيد فى مصير شعرها الذى تخبرها فطرتها أنه تاج جمالها ويخبرها الشيخ الملتحى فى الكتاب ومدرس الدين فى الفصل أنه عورة وفتنة!
أى فتنة يا قوم فى شعر طفلة صغيرة لا هم لها إلا أن تلعب وتلهو مع رفيقاتها بالدمى بل وربما بالتراب؟
متى استوحشتم هكذا وقمعتم إنسانيتكم وفطرتكم بقيود لم تطيقوها ولكن سمحتم لأنفسكم أن تجبروا فتاة صغيرة على التقيد بها مدى الحياة، هل يطيق رجل فيكم أن يغطى شعره لمدة تزيد على عشر ساعات يوميًا وربما أكثر؟ هل يطيق أحدكم أن يتقيد بملابس سميكة وقاتمة وكئيبة فى جو حار ورطب؟ هل يستطيع فرد منكم أن يتخلى عن غريزته الطبيعية فى الميل لجذب انتباه الناس وإعجابهم؟ وأن يخرج من بيته بوجه شاحب وملابس مهلهلة؟ هل يتحمل أحدكم رائحة عرقه وتأفف الناس منه فى سبيل ألا يتعطر وألا يعتبرونه زانيًا وهو لم يرتكب ذنبًا إلا أنه كان يحافظ على نظافته الشخصية؟.