الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سرطان الفساد.. والعشوائية.. إفساد!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس من الفطنة.. ولا من العدل.
اجتياح مشاعر المصريين بأحد قضايا الفساد الذي ترسخت جذوره عبر عقود مضت.. وعهود متعاقبة لأنظمة سياسية لم تُدرك مدى خطورته في تقويض دعائم سلطتها وقدرته على إفشال مساعيها!
مازال المجتمع يعاني من الفساد المستشري في الهيئات والمصالح الحكومية تحديدا..الذي وُصف في عهد مبارك بأنه وصل إلى (الرُكب).. أما الآن فقد تجاوز الرأس وكدنا نختنق.
ورغم حاجتنا إلى سرعة كشف تلك القضايا.. ووقف ذلك السرطان الذي يقوض مساعينا نحو التنمية ونحو حياة طبيعية لا يتسيد فيها الفاسد ولا يُضام فيها الشريف.. رغم كثير من الأسباب التي يمكن أن تجعلنا نُثٙمِن الإعلان عن القبض على هؤلاء الفاسدين واحداً.. تلو الآخر.. ولكن يحتاج الأمر لظروف تسمح بالفهم السوي.. بينما أصبح الإعلان عن المفسدين وأربابهم وقضاياهم بوجه عام.. باتت تروع البعض من مدى فجاجتُه.. وتروج للفساد في ظل ظروف اقتصادية طاحنة.. وصلت إلى حرمان بعض شرائح المجتمع من حقهم وحاجاتهم الأساسية والضرورية التي لا غنى عنها في المناسبات الدينية.. وعدم قدرة الكثيرين على الحصول على الحد الأدنى من التسرية عن النفس بالخروج لزيارة الأهل والأقارب أو .. للشواطئ والمتنزهات.. لضيق ذات اليد!؟
نقيضان.. لا يمكن أن يتجاهلهم من تولى الأمانة.. حاجة الفقراء وسفه الفاسدين والتنفيذيين!؟
الحرمان من الطعام والشراب الذي شرعهُ الله لهم في أعياد دينية.. خطأ كبير لن تحتمل بلادنا جريرته!
ولن تسد الصدقات والتسول واجبات وحقوق.. لسببين.. لأن بلادنا تكتظ بالخيرات التي تكفي الجميع.. ولأننا لم نسمع أو نرى بوادر للتقشف بين جموع التنفيذيين الأغنياء الذين يفترشون مكاتبهم بوثير الأفراش.. وتمتلئ جراجاتهم بفاخر السيارات، وينعمون في التكييفات، ولم نسمع عن خفض نفقات نثرية بمئات الآلاف.. ولم يتم خفض نفقات رحلات الحج ولا المصايف.. لكبار التنفيذيين.. ولا تم إلغاء حفلات التكريم ومنح الدروع لمن يستحق ومن لا يستحق.
ميزانية التقشف يا سادة كانت واجبة.. رقبل أن نفكر في مشاحنات مع العمال... أو تأجيل المعاشات.. أو
تحصيل أية مبالغ كانت للحكومة.. فالأمر بات لا يُحتمٙل !؟
فلهيب الأسعار واضطراد الزيادة في نفقات المواصلات ومصروفات المدارس وجشع التجار أطاح بالسلم الاجتماعي للمجتمع.
ومن ثم لا يمكن أن نترك عشوائية الإعلان عن قضايا الفساد لتزيد من وتيرة الغضب وتعلي لغة الحقد والتشكيك في كل قيادة وكل مسؤول!؟ أو في المرأة... ومدى نزاهتها وقدرتها على النجاح، ولا في أحقيتها في مكانة ناضلت من أجلها!؟
المؤسف.. هو أن كثيراً من الذين يُروجون لعدم وجود شرفاء.. أو وطنيون يبغون خيرا لأوطانهم... هم في الأغلب من يختفون خلف سُتر ولم يتم كشفُهم بعد!؟
فليس من الطبيعي التشفي ولا محاولة إقناع الذات والآخرين، والترويج بأن الفساد هو الفعل الطبيعي الذي ينتهجه العامة ولاسيما الأغنى والأقوى!؟
ملامح لابد أن تأخذها الجهات الرقابية في الحسبان في البحث عن وقائع أخرى... الحقيقة أن الكشف عن قضايا
فساد بهذا الحجم الذي يتم الإعلان عنه... مثل قضية الرشوة لنائب محافظ الإسكندرية.. وقضايا أخرى
مماثلة.. متهمون لا يمكن مجرد التفكير في فسادهم... تستحق الإشادة بإرادة سياسية ومجهود أجهزة رقابية.
ولكن تبقى إدارة وإسلوب الإعلان عن تلك القضايا... ولا أقصد قرار منع النشر الذي يصدر بعد صاعقة الإعلان عن تلك القضايا... وإنما قبل ذلك بكثير... فلابد أن نجنب المجتمع خطر انتشار سرطان الفساد... بالإعلان عنه في توقيت خاطئ لم يتم إنهاء التحقيق فيما طرحته الجهات الرقابية من حقائق وما قدمته من مستندات وأدلة... ومخاطر ذلك... كثيرة... كاستمالة البعض، وتبرير البعض لأفعالهم المشابهة زعزعة الثقة بين أفراد
المجتمع، والتأثير السلبي على الأبناء من خلال الحوارات الخاطئة والمقصود بها تشويه المجتمع وأبنائه.
لاشك أن الفعل الصحيح أيا كان يتكون من عدة عناصر... فكرة صائبة تُطبق في وقت مناسب بطريقة صحيحة.. ومن ثم.. كان يمكننا الاستهلال ببعض الأخطاء تدريجيا... حتى نصل إلى الإعلان الكامل عن تلك
القضية (واقعة الفساد).. حتى نتجنب إشكالية كسر القدوة وفقدان الثقة.. أو تبرير فكرة سرقة المال العام... من بعض الخبثاء والمقلدون دون وعي ومن يفتقدون المبدأ والهدف في رحلة الحياة!؟
تحضرني قصة... رجلٌ كان يعاني جرح في أصبع قدمه الكبير... وذهب إلى عدة أطباء لعلاجه.
وتناول أدوية كثيرة... حتى جاء طبيب كبير وشخص الجرح بأنه مرض خبيث يحتاج إلى عملية جراحية... استاء المريض... وذهب إلى طبيب آخر يضاهيه في المهارة.. فقال الطبيب هذا الجرح الغائر لا يحتاج إلا إلى (كحت) فقط... ووافق الرجل على إجرائه! أملاً في الشفاء... ولكنها كانت القاضية.
لقد وضع الطبيب المشرط في الجرح... فانتشر المرض الخبيث في جسد المريض... وأخفى الطبيب نتيجة التحليل عنه... وضاعت فرصة نجاة المريض.
ماأقصده.. هو أن الفساد أشبه بأحد أنواع السرطان التي تتطلب الدقة والحذر في التعامل معه، وتجاوز المساحة المريضة والتخلص من جزء آمن.. تحسبًا لنجاح العملية الجراحية.