الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

طلب نشره بعد وفاته.. محفوظ عبدالرحمن في حوار لـ"البوابة نيوز".. أم كلثوم تزوجت سرًا وأنجبت 3 أطفال.. "سعدية" ابنة "كوكب الشرق" ولدت مصابة بمرض عقلي

محرر البوابة مع الكاتب
محرر البوابة مع الكاتب والسيناريست الراحل محفوظ عبد الرحمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محفوظ محمد عبدالرحمن عرفات، هو الاسم الكامل للكاتب والسيناريست الراحل محفوظ عبدالرحمن، الذى يعتبر أحد أهم كتاب الدراما على المستوى المصرى والعربي، خلال العقود الخمسة الماضية، فهو كاتب وباحث ومؤلف، كتب للتليفزيون والمسرح والسينما، وفى الرواية والقصة القصيرة، وقدم أبحاثًا فنية ومقالات نقدية فى مختلف مجالات الفن، ما جعل اسمه يكتب بحروف من نور بين كتاب الدراما المصرية والعربية من خلال ثلاثية «بوابة الحلواني» ورائعته «أم كلثوم» إلى جانب «ناصر 56» و«حليم»، وغيرها من الأعمال الفنية المحفورة فى ذاكرة ووجدان المشاهد المصرى والعربي، فضلًا عن تأسيسه جمعية «مؤلفى الدراما»، وهو ما أهله للحصول على جائزة الدولة التشجيعية فى عام 1972، وجائزة الدولة التقديرية فى عام 2002.
كان لـ«البوابة نيوز» لقاء تاريخى معه قبل رحيله بشهور قليلة، فتح خلاله قلبه وصندوق ذكرياته لمشوار حياته الفنية، منذ أن خط أولى كلماته فى مجال القصة القصيرة، مرورًا بكل الأعمال التى قدمها للتليفزيون والسينما والمسرح، ووصولًا للأعمال التى كان ينوى أن يقدمها.
وتذكر الكاتب الراحل فى حديثه مع «البوابة نيوز» بعض الذكريات الخاصة، التى أوصى بعدم نشرها إلا بعد وفاته، وقد سبق أن نشرت الجريدة جزءا من الحوار المسجل، مع الكاتب الراحل دون الأجزاء التى أوصى بعدم نشرها، والآن جاء الوقت لتقديم وصية الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن لجمهوره ومحبيه.. فإلى نص الحوار:
■ ما الدافع وراء تقديم مسلسل «أم كلثوم»، وما القصة الحقيقية وراء زواجها وإنجابها لثلاثة أبناء؟
- الدافع الأول لتقديم العمل هو حبى وإعجابى الشديد بأم كلثوم منذ صباى، غير أن هذا الحب كان دافعًا للتفكير فقط فى تقديم عمل درامى يتناول جوانب حياتها، لكن دون الإقدام على كتابة أى كلمة تخص هذا المشروع الفني، أما الدافع الثاني، والرئيسى لتقديمى المسلسل، فهو علمى بأن أم كلثوم قد تزوجت من مستشار قضائى يدعى «وجدان»، ولا أذكر اسمه الثاني، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، أحدهم فتاة تدعى «سعدية»، وقد علمت بذلك عن طريق الصدفة أثناء إقامتى فى إحدى الدول العربية، فى فترة مرض السيدة أم كلثوم بالكلى، وقبل رحيلها بأيام قليلة، وأثناء إقامتى كنت منزعجًا من فتاة تسكن بجوارى ودائمة البكاء والعويل، وهو ما أزعجنى وأغضبنى ودفعنى فى الذهاب إليهم، فوجدت تلك الفتاة التى علمت أنها تدعى «سعدية» فى حالة من الانهيار ودائمة العويل والبكاء على والدتها، التى علمت فيما بعد أن هذه الوالدة التى تبكى عليها «سعدية» هى كوكب الشرق أم كلثوم، وهو ما وقع علىّ كالصاعقة.
نظرة مختلفة
وكانت المفاجأة الأخرى التى صدمتنى هى إصابة «سعدية» بمرض البلادة، الذى يدفع الإنسان لعدم الاهتمام واللامبالاة اتجاه أى شيء، حتى لو كان مُضرًا له، وهذا يتناقض مع حالة الانهيار الدائم وشبه الجنونى على والدتها، منذ هذه الفترة وازداد بداخلى شعور الاهتمام بتقديم عمل درامى عن «أم كلثوم»، ولكن هذه المرة كانت نظرتى للعمل اختلفت، من تقديم عمل يتناول حياة أم كلثوم الفنية والشخصية إلى تقديم عمل يهتم بالأساس لتقديم حياة من قدموا المساعدة لأم كلثوم، وعملوا على تلميعها وتقديمها للجمهور العربي، كى أعطى هؤلاء الفنانين المجهولين حقوقهم الفنية والأدبية، إلى جانب عدم التعرض لحياة أم كلثوم الشخصية، خاصة بعدم معرفتى بزواجها وإنجابها وإخفائها ذلك عن الجمهور والرأى العام، حتى لا أتعرض لمشاكل فى حالة إفصاحى عن هذا السر، وحتى لا أضطر إلى الكذب والتضليل حول حياتها الشخصية، ومع ذلك أشرت فى المسلسل إلى زواجها مع الاحتفاظ بسر إنجابها لثلاثة من الأبناء. 
ثراء الشخصية
وكان لقائى مع صديقى ممدوح الليثى عقب عودتى إلى القاهرة، وتصادف أن طلب منى تقديم عمل تليفزيونى عن أم كلثوم، تدور أحداثه فى ٢٠ حلقة، فشعرت أن هذا ليس صدفة، بل إشارة لتقديم عمل عن حياة أم كلثوم، فقمت بكتابة المسلسل وتم تقديمه فى ٣٨ حلقة، وليس ٢٠ كما طلب الليثي، لثراء شخصية أم كلثوم، وتشعب علاقاتها ومواقفها التى تتطلب حلقات كثيرة.
أسباب النجاح
فأم كلثوم كانت تمتلك صوتًا جبارًا، غير أن هذا ليس السبب الوحيد الذى جعلها سيدة الغناء العربي، وأشهر المطربين العرب وأحبهم للجمهور، فالإمكانات الصوتية التى توفرت لها توفرت لغيرها من مطربات جيلها ومطربات الأجيال اللائى جئن بعدها، والسبب الرئيسى لهذا النجاح، هو حب أم كلثوم للنجاح والشهرة أكثر من حبها للغناء، ومن خلال التحليل النفسى لحياة أم كلثوم تكتشف أنها كانت محبة للنجاح والشهرة أكثر من حبها للغناء فى حد ذاته، حتى لو كان هذا النجاح على حساب أقرب الناس إليها، كما أن السبب الثانى فى نجاح أم كلثوم، والذى يُحسب لها، هو إخلاصها للشعب المصرى وحبها له، وهو ما انعكس إلى حب وإخلاص هذا الشعب لها ووضعها فى أعلى درجات النجومية الفنية على المستوى العربي. 
صندوق ذكريات القادة
■ كنت من مؤيدى الرئيس الراحل عبد الناصر، وقريبًا من رجاله وكبار قادته.. فماذا كان يدور بينكم؟
- كنت صندوق ذكريات لكثير من القادة السياسيين، ذلك لأن الله وهبنى ذاكرة حديدية، وهو ما يعرفه عنى المقربون منى، ومن بين هؤلاء القادة بعض رجالات الزعيم عبد الناصر، الذى أحبه، لذا فقد كان سامى شرف، مدير مكتب عبد الناصر وسكرتيره وأحد مؤسسى جهاز المخابرات المصرية، دائم الاستعانة بى فى الأمور التى تخص عبد الناصر، وخاصة فى الفترات الأخيرة التى كانت تتطلب منه إعادة التذكير بالأمور السياسية للرد عليها، فكان يتصل بى لأذكره ببعض الأحداث والمواقف السياسية.
■ رغم هذا التقارب من قادة عبد الناصر وحبك له قمت بانتقاده، وكان لك موقف مع وزير إعلامه محمد فائق.. لماذا؟
- حبى لعبد الناصر كرئيس وزعيم وطنى من الدرجة الأولى لا يمنعنى من انتقاده أو تقديم اللوم له، فيما يخص شئونا لبلاد، فبعد نكسة ٦٧ كانت هناك حالة من الصدمة لدى معظم الشعب المصري، وبالأخص مؤيدى عبد الناصر، فقدمت مسلسل «عبدالله نديم» الذى قدمت من خلاله نقدًا لاذعًا للنظام فى وقتها، ومع ذلك تم عرض المسلسل ولم يُمنع، بل زاد على ذلك الموقف الغريب الذى حدث من محمد فائق وزير الإعلام فى وقتها الذى أمر بإعادة عرض الحلقة الأخيرة من المسلسل مع منحى مكافأة ١٣٠ جنيها، عن حلقات المسلسل الـ١٣، وهو مبلغ كبير فى وقتها، وعلمت أن ذلك تم بإيعاز من وكيل وزارة الحربية، والد زوجة محمد فائق، الذى شاهد المسلسل وأعجب به كثيرًا.
■ ولكنك عدت وقدمت رائعة «ناصر ٥٦»، وكان لهذا العمل قصة أيضًا فما هي؟
- كان مشروع فيلم «ناصر ٥٦» سهرة درامية، وليس فيلمًا كما تم تقديمه، وكان ذلك من خلال مشروع أقدم التليفزيون المصرى على تقديمه، وهو تقديم أهم الشخصيات التاريخية والفنية والثقافية، من خلال سهرات درامية تتناول حياة كل شخصية، وكان المشروع يضم فى بدايته مجموعة من كبار كتاب الدراما ومخرجى التليفزيون، غير أن المماطلة فى تنفيذ المشروع والروتين الحكومى أدى إلى اعتذارهم، وكان آخرهم الكاتب أسامة أنور عكاشة، الذى رأى أن فكرة سهرة درامية لهذه الشخصيات يعتبر إهدارًا لحقوقهم، وإهدارًا للدراما التى ستكتب وتختزل فى سهرة درامية.
أما أنا لعلاقة الصداقة التى تجمعنى بالراحل ممدوح الليثي، منذ فترة الدراسة الجامعية، إبان دراسته بكلية الشرطة، شعرت بالحرج من الاعتذار، فقررت أن أدفعهم للاستغناء عنى بدلًا من الاعتذار عن العمل بالمشروع، فقمت بكتابة أسماء ٨ شخصيات تاريخية، سأقوم بكتابتهم، وكان على رأسهم شخصية الزعيم جمال عبد الناصر، ووضعت اسمه على قائمة الأسماء، لعلمى بأن هناك أوامر سياسية بعدم ظهور شخصية عبد الناصر على الشاشات، وبالتالى سيتم رفض تقديمه، وأستطيع الاعتذار عن المشروع ككل.
وكان يحضر معنا هذه الاجتماع الفنان الراحل أحمد زكي، الذى تحمس للغاية لتقديم كل الشخصيات وخاصة شخصية عبد الناصر، فكان معى أثناء تقديم الأسماء لليثي، وصدم بمعرفة حقيقة أبعاد ظهور عبد الناصر عن الشاشات.
وعند خروجنا قال لى: «لو أنت خلصت كتابة مسلسل ناصر النهاردة بالليل، أنا هصوره بكرة الصبح»، وهو من قام بإقناع ممدوح الليثى لتقديم العمل، غير أننى طالبت الليثى بموافقة كتابية عليها توقيعه قبل كتابة العمل، وهو ما قام به الليثي، وبعد كتابة العمل زاد حماس أحمد زكى لتقديم الشخصية، غير أنه طالب أن يُقدم فى فيلم، وليس سهرة درامية.
«مبارك» منع «ناصر ٥٦»
■ كيف لنظام مبارك أن يمنع ظهور شخصية عبد الناصر.. وفى الوقت ذاته يقدم على إنتاج التليفزيون الرسمى فيلما عنه؟
- لقد دار بذهنى هذا التساؤل فى وقتها، وأدركت إجابته بعد الانتهاء من تصوير الفيلم، وتجهيزه للعرض، وأدركت أنه قُدم بموقف شجاع من ممدوح الليثى ليس أكثر، حيث قامت دور العرض المصرية بغلق أبوابها أمام الفيلم، ولم يتم عرضه إلا فى سينمات قليلة للغاية، إلى جانب عدم التسويق له، مع انتشار الأخبار حول أنه فيلم «أبيض وأسود» وليس «ألوان»، وعدم توافر المقومات الفنية فى الفيلم، وغيرهما من الأخبار التى تمنع الجمهور الذهاب للسينمات، غير أن الدول العربية كان لها موقف مغاير تمامًا من الفيلم، فقلبت موازين الموقف ليحقق الفيلم أعلى الإيرادات فى الدول العربية، مقارنة بإيرادات الأفلام التى سبقته، وقد كان للفيلم صدمة أخري، وهو أن معظم المقدمين على مشاهدة العمل، من خلال متابعة دور العرض، كانوا من الشباب وليسوا من جيل عبد الناصر كما توقعنا.
«دمشق سرقتنى مرتين»
■ رغم قوميتك العربية وحبك للشعب السوري.. غير أن لك موقفًا مع أهم المهرجانات المسرحية هناك.. فما هو؟
- أنا عاشق للشعب السورى ولسوريا عموما، لكن منذ سنوات ومع بدايات أعمالى المسرحية تعرضت لحادثة سرقة فنية بمهرجان «دمشق المسرحي» لدورتين، حيث تم طباعة مسرحية «عريس لبنت السلطان» وبيعها دون الرجوع لى أو الحفاظ على حقوقى الأدبية.
وفى المرة الثانية تم تقديم مسرحيتى «الفخ» تحت عنوان المسرحية المجهولة، دون الإشارة لكاتبها أو اسمها الأصلي، وقد حدث ذلك لحداثة سنى وحداثة عملى بمجال الكتابة المسرحية، وهو ما أغضبنى وأزعجنى كثيرًا، ودفعنى لعدم حضور دورة المهرجان التى جاءت بعد هذه الأحداث، بالرغم من تقديم ثلاثة أعمال مسرحية من تأليفى ضمن المهرجان، قامت بتقديمها ثلاث دول عربية من إجمالى ١٦ دولة عربية مشاركة بالمهرجان.
صدمة إذاعية
■ بدأت فى مجال كتابة الإذاعة قبل الكتابة للسينما، وكان لك صدمة معهم.. ما هي؟
- فى بداية حياتى المهنية، كتبت عملًا إذاعيًا عن «إخناتون» الفرعون المصري، وكان يحمل نفس الاسم، فقام صديقى الشاعر فاروق شوشة بتقديمه للتليفزيون المصرى من أجل إنتاجه، غير أن سعد لبيب، رئيس البرنامج الثانى فى الإذاعة المصرية المختص بالبرامج الثقافية، وكان العقل المدبر للإذاعة وأخطبوطها، رفض العمل، متعللًا بأننى كاتب مجهول وفى بداية مشوارى الفني، وقام بأخذ الفكرة، وطلب من أستاذ جامعى كانت تجمعهما الصداقة بكتابة عمل عن «أخناتون»، إلى أن جاء المخرج نور الدين مصطفي، وعن طريق الصدفة قرأ العمل، فطلب من الإذاعة أن يقوم بإخراجه، وهو ما رفضه سعد لبيب، وطلب منه أن يقوم بإخراج العمل الآخر الذى قام صديقه بكتابته، غير أن نور الدين مصطفى قام بمقارنة العملين، وأصر على تقديم العمل الذى قمت بكتابته، وهو ما انصاع له رئيس الإذاعة بعد شهادات الكثير بأفضلية أوراقي.
«مؤامرة التسعينيات»
■ أشرت كثيرًا فى مجمل حوارك حول إلى الانحدار الفنى والأخلاقى فى فترة التسعينيات.. فهل كانت هناك مؤامرة إعلامية؟
- نعم.. فبالنظر إلى أوضاع مصر الفنية والثقافية والأخلاقية قبل فترة التسعينيات، وبعد بداية التسعينيات، سنجد أن هناك انحدارًا فى مناحى الحياة، وقد كنت أتوقع هذا الانحدار منذ بداية التسعينيات، بعد أن دفعت بى الظروف لحضور أحد المؤتمرات المريبة فى إمارة دبى، فى بداية تسعينيات القرن الماضي، كان هذا المؤتمر يضم مجموعة من كبار رجال الأعمال المصريين، ودارت أحاديث هذا المؤتمر وحواراته حول وضع أسس للسيطرة على القنوات والأعمال الفنية، من خلال سيطرة رجال الأعمال وفرض منهجهم الإعلامي، عبر الأموال التى تضخ من قبل شركاتهم عن طريق الإعلانات التى تقدم من خلال الشاشات الفنية، اتضح نجاح هذا الاجتماع، الذى انسحبت منه على الفور، من خلال سيطرة الإعلانات التى نعيشها الآن على القنوات وتزايدها فى مقابل تناقص الوقت المسموح لعرض الأعمال الدرامية، وهو ما يظهر من خلال متابعة بعض القنوات الخاصة، والتى أرفض ذكر اسمها، وتبث السم فى العسل داخل المجتمع المصرى من خلال المحتوى غير الأخلاقى الذى تقدمه للجمهور، وذلك لضرب مصر حضاريًا، وتشويه تاريخها، إلى جانب قتل اللغة العربية، كل هذا يتم من خلال خطة منظمة للقضاء على كل ما هو جيد داخل المجتمع، وذلك لصالح رؤوس الأموال وأصحابها المستفيدين من ذلك.
«شريهان مبتذلة»
■ كان لك رأى فى الفنانة شريهان مع بداية ظهورها.. لكن موقفك اختلف مع مرور الأيام.. لماذا؟
- نعم.. فمع ظهور الفنانة شريهان، كنت أرى أنها مبتذلة وتظهر بمظهر غير لائق وعرى زائد عن اللزوم فى أعمالها التليفزيونية والسينمائية، وهو ما دفعنى للتصريح من قبل برفض العمل معها، إلا أنه مع مرور الوقت ومع التركيز فى فن شريهان ومقارنة بما وصل إليه الفن والفنانات من الأجيال التى تلتها، اكتشفت أن شريهان من أكبر فنانات جيلها وأعظمهن وأننى كنت خاطئًا فى نظرتى الأولى لها.
الخديو إسماعيل
فى مجمل حديثكم تعرضت لبعض الشخصيات التاريخية التى اشتهر عنها عكس الحقيقة من وجهة نظركم، فما حقيقة الخديو إسماعيل؟ وما السبب وراء تشويهه، خاصة أنه تم تقديم العديد من الأعمال الفنية عن حياته والتى كان آخرها مسلسل «قصر عابدين»؟
فى البداية مسلسل «قصر عابدين».. مسلسل «خايب» ولا يرتقى لمستوى الشخصيات التى تم تقديمها من خلاله، أما ما تعرض له إسماعيل من ظلم، فأرى أنه تم بشكل غير متعمد نتيجة تولى ابنه للحكم، بعد أن تم خلع إسماعيل، وقد أعاق تولى ابنه كتاب التاريخ من إعطاء إسماعيل حقه، حتى لا يقعوا فى فخ التمجيد، فيقارن بين إسماعيل وابنه أو يقللون من قدره فيتعرضون لبطش ابنه.
وبعد قيام ثورة يوليو قام مجموعة من مرتزقة التاريخ بتشويه صورة أسرة محمد على، ومن ضمنهم الخديو إسماعيل، غير أن الحقيقة والتاريخ المنصف يقول إن هذا الرجل من أفضل الحكام، الذين قدموا خدمات لمصر، ومن هذا المنطلق تم التحول فى الجزء الأول من مسلسل «بوابة الحلواني» لإنصاف عمال حفر القتاة، ومعهم الخديو إسماعيل، أما الأجزاء الأخرى من المسلسل فتمت كتابتها بناءً على طلب الجمهور وجهات الإنتاج فى التلفزيون المصرى نتيجة نجاح الجزء الأول.
موظفون فشلة
■ ما تقييمك للرقابة على المصنفات الفنية؟.. وهل مع بقاء الرقابة أم إلغائها؟
- لا يوجد فى العالم تليفزيون لا توجد به رقابة، حتى صناعة «البورنو» لديها حدود، ويكون عليها رقابة تحدد الحدود، التى تتم من خلالها، فالرقابة فى حد ذاتها ضرورة لابد منها، لكن فى الوقت نفسه يجب أن يتم تحسين مستواها، فلا يصح أن تتكون الرقابة من مجموعة من الموظفين الفشلة منعدمى الرؤية الفنية والثقافية، أو مجموعة من أصحاب الوسطة، ثم يتحكمون فى حركة الفن فى مصر بطريقة جاهلة، وبتطبيق قوانين دون دراية، حتى لا يقعوا تحت مساءلة، من اربط الحمار مطرح ما يحب صاحبه.
■ أنت مع بقاء الرقابة.. فكيف يتم تحسين مستواها؟
- من خلال تكوين رقابة فنية تضم مجموعة من الفنانين أعضاء النقابات الفنية، وليس من مجموعة من الموظفين، فالرقيب فى الوقت الحالى عبارة عن موظف يطبق القوانين الرقابية، لكنه يفتقد الجانب الفنى فى شخصيته، لكن فى حالة وجود رقابة من الفنانين أنفسهم، سيسهل هذا على العملية الفنية كثيرًا.
الثقافة فى الحضيض 
■ ما تقييمكم للمستوى الثقافى فى مصر؟
- هناك أزمة انعدام ثقافة لدى المواطن المصري، لا تنبئ بخير ولا تنبئ بتطور ثقافى، إلى جانب انعزال الحكومة والمسئولين فى الدولة عن نبض الشارع، وعن مستوى وعيهم الثقافى، فحسب ميزانيات وزارة الثقافة يصبح لكل مواطن مصرى جنيهان فقط، من أجل تقديم الخدمة الثقافية للمواطن بكل فروعها، وهو مبلغ لا يصح الحديث عنه بالمرة، خاصة فى دولة بقيمة مصر التاريخية والحضارية والثقافية. 
فمجال الثقافة إن لم نوجد له الإمكانيات المادية فلن يتطور، خاصة مع حالة الموت التى يعيشها المثقفون المصريون، وعدم سعيهم للارتقاء بالمستوى الثقافى العام، فضلًا عن الأزمات الاقتصادية الأخرى التى يعيشها معظم الشعب المصري، والتى تفرض عليه عدم الاهتمام بالمستوى الثقافى، رغم أن الاهتمام بقضية الثقافة والقضاء على العجز الثقافى الذى نعيشه سيكون هو الحل لكل القضايا الأخرى على المستويات السياسية والاجتماعية والأخلاقية، وخاصة قضية الفساد التى تعتبر القضية الأساسية فى مصر الآن، ولا يمكن أن نقضى على هذا الفساد إلا من خلال الثقافة، ولا يمكن أن نقضى على التدين الشكلى وانتشار الفكر الوهابى المتأسلم إلا من خلال الثقافة والفن، وتفعيل دور وزارة الثقافة فى نشر كل مجالات الثقافة والفنون فى كل نواحى الجمهورية.
أداء الوزارة
■ على ذكر وزارة الثقافة.. ما تقييمكم للوزارة وأدائها ؟
- حتى لا أكون متحاملا على وزير الثقافة الحالى أيًا كان اسمه، أريد أن أوضح أن العملية الثقافية فى مصر بدأت بالانهيار فى فترة تسعينيات القرن الماضي، نتيجة إهمال الدولة ككل للدور الثقافى، وليس إهمال وزارة الثقافة فقط، فالواقع يخبرنا أن وزارة الثقافة تشبه الأخت الصغيرة بين وزارات الحكومات المصرية، ولا يستمع إليها أحد ولا يهتم بها، فمن الطبيعى أن تكون النتيجة بهذا المستوى المتدنى من الثقافة فى المجتمع، ومن الطبيعى أن تقل أعداد المواطنين الصالحين، فلا يمكن لدولة أن تنتج مواطن صالح بدون وضع الثقافة على أولوياتها، كالغذاء والتعليم والصحة.
وهذا الانعدام الثقافى انسحب على المستوى الفنى الذى أصبح مُسفا ومخزيا وهادما للمجتمع، خاصةً بعد أن رفعت الدولة يدها عن العملية الفنية والثقافية ككل.
■ هل للدولة دور فى إثراء العملية الثقافية والفنية؟
- من المفترض بعد ثورتين أن يعود دور الدولة للنهوض بالعملية الثقافية والفنية، إن كان لدى صُناع القرار الرغبة فى النهوض بالمجتمع المصرى ككل، ففى ستينيات القرن الماضي، وجدنا الدولة تقوم بإنتاج أعمال فنية ذات قيمة، إلى جانب سماحها لتقديم بعض الأعمال الفنية، التى هاجمت النظام نفسه فى وقتها، مثال فيلم «شيء من الخوف» الذى هاجم نظام عبدالناصر فى عهد عبدالناصر نفسه، إلى جانب اهتمام الدولة وقتها بدور الثقافة الجماهيرية وقصور الثقافة وانتشارها فى كل محافظات ومدن مصر.
أما الآن فتحولت مراكز الثقافة ودور الثقافة الجماهيرية إلى خرابات والدولة لا تهتم بها، إلا جانب انتشار الأعمال الفنية المدمرة للمجتمع والدولة تتركها تُقدم للجمهور ولا تمنعها ولا تقدم أعمالا أخرى تمحى التأثير السلبى لهذه الأعمال الفنية المخربة، لذا أرى أن الدولة متخاذلة فى المجال الفنى والثقافى، وليس الدولة فقط بل رجال الأعمال أيضًا موقفهم مخز من الحركة الفنية والثقافية فى مصر، بل وعلى كل المستويات الاقتصادية والسياسية، فتحول دور رجال الأعمال من مساند للدولة إلى مخرب لها، وخاصة بعد مؤتمر دبى فى تسعينيات القرن الماضى، والذى سبق أن أشرنا إليه.
فترة الستينيات
■ أثناء الحديث معكم شُعرت بنبرة حزن وحنين عند ذكر فترة الستينيات والسبعينيات.. فما السبب؟
- هذا حقيقي.. والسبب هو هذا المستوى الذى وصل له المجتمع المصري، فبالمقارنة بين فترة الستينيات والسبعينيات مع عصرنا هذا، سنجد أن مصر اختلفت تماما على كل المستوي، وكأن الشعب الذى عاش هذه الحقب التاريخية شعب آخر عن الذى يعيش الآن.
ففى الستينيات كنا نقول للحرامى «أنت حرامي» ونسعى لتقويمه، ومع السبعينيات أصبحنا نقول «هذا حرامي»، ونصمت وفى الثمانينيات أصبحت الجملة «حرامى ونعمله إيه، وفى التسعينيات تحولت الجملة لتبرير فعل الحرامى بأنه «أكل عيش» ومع الألفية الثانية لقمة الحضيض، فأصبحنا نقول للحرامى «خدنا معاك»، والدليل الأكبر على هذا الفساد، وهذه السرقة هو ما يحدث فى كل الوزارات الحكومية، فلم يتوقف الفساد والسرقة على مستوى رجل الشارع العادي، بل وصل إلى كبار المسئولين وكبار الموظفين، فأصبحت كل الوزارات حرامية، فتدخل إليهم لقضاء مصالحك فتخرج دون ملابسك.