الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالصور.. "البوابة نيوز" في رحاب "أبو الحسن الشاذلي".. الآلاف يتوافدون للمشاركة بمولد قطب الصوفية.. ويصعدون إلى قمة وجبل "حُمَيْثِرَة" غدًا

ممسجد سيدي ابو الحسن
ممسجد سيدي ابو الحسن الشاذلى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في صحراء "عيذاب، وعلى بعد قرابة 150 كيلو من مدينة مرسى علم، أقصى جنوب مصر، تجد وادي وجبل "حُمَيْثِرَة"، به ضريح لـ"أبي الحسن الشاذلي"، فهو طريق ممتد وسط الجبال يقطعه زوار المقام، وصولًا للوادي، حيث ينقطعون عن الاتصال بالعالم الخارجي، فلا توجد أي شبكات اتصال، أو هواتف محمولة في المنطقة المحاطة بالجبال من جميع الجهات.

وفيه يطوي المريد جناح الشوق، قاصدًا إطفاء لهفته ورغبته الصعبة في الحج، لضيق الحال، إلى حجه الأصغر، فتتزامن وقفة حميثرة، مع وقفة عرفات، فعلى وقع المديح النبوي، والأنغام الصوفية، تنقل سيارات نقل كبيرة، غُطيت صناديقها بغطاء الأفراح على هيئة خيام، يتخلل زواياها جريد النخل الأخضر، زوار مولد أبو الحسن الشاذلي من كافة محافظات مصر، حيث تحتفل الطرق الصوفية، ومريدوها، ومحبو آل البيت، بمولده العارف بالله الشيخ أبو الحسن الشاذلي في بداية شهر ذي الحجة من كل عام على مدار 10 أيام.
عند وصولك إلى "حُمَيْثِرَة"، ترى الخيام مقامة لأبناء الطرق الصوفية من جميع محافظات مصر، حيث الخدمات والذبائح، بخلاف الساحات المحيطة بالمقام، والتي أنشأها أصحاب الطريقة الشاذلية، والطرق الصوفية الأخرى، ولعل أشهرها ساحة الحاجة زكية، والساحة الأحمدية، وساحة الأشراف، وساحة السادة الرفاعية، والمرغنية، والسلمانية، والبرهامية الشاذلية.

وحين تتجول تسمع تردد الأذكار والمدائح والإنشاد الديني وأشعار رجال الطرق الصوفية في مدح الإمام الشاذلي، وهو أحد أقطاب الصوفية، والذى ولد عام 571هـ بقبيلة الأخماس الغمارية، إليه تنتسب الطريقة الشاذلية، سكن الإسكندرية تفقه وتصوف في تونس، وتوفي بوادي حميثرة بصحراء عيذاب متوجهًا إلى بيت الله الحرام في أوائل ذي القعدة 656هـ. 
"البوابة نيوز" صعدت إلى قمة جبل حميثرة، والتي لم يكن الوصول إليها بالأمر السهل، حيث يتجاوز ارتفاعها أكثر من 350 مترًا، حيث يقف زوار المولد فوق الجبل، بالتزامن مع مشاعر موسم الحج، مؤكدين سعادتهم برؤية أنوار بلاد الحجاز، في المساء، إذ يبتهلون إلى الله أن يرزقهم برحلة الحج إلى البقاع المقدسة.
صعود "حميثرة"، والذبح هناك، سنن يسنها كل من زار تلك المنطقة، بعد زيارة المقام، داخل مقام "أبو الحسن الشاذلي"، المريدون والصوفيون يزهدون بالدعاء داخله، وأصوات مختلفة تسمعها وأنين التقرب بواسطة تلك المقام، والجميع يرفعون أكف الضراعة، ويدعون الله داخل المقام.

ويعد ضريح الإمام أبو الحسن على الشاذلي، هو أحد المساجد التي أنشئت في عصر الدولة الأيوبية في مصر، حيث يتكون ضريحه القديم من مبنى مثمن الشكل بكل ضلع من أضلاعه السبعة نافذة واحدة مستطيلة، ويتوسط الضريح ثمانية أعمدة تقوم فوقها رقبة مرتفعة تعلوها قبة مدببة، غطى الجزء المحصور بين القبة والمثمن الخارجي سقف مسطح كما زخرف أعلى جدران المثمن بشرافات مسننة.
وتعد من أشهر الأناشيد التي ينشدها زوار المولد، "يا ساكن حميثرة.. فوقك قبة منورة.. أروي العطاشا يا شاذلي.. بكاسات معطرة"، كذلك "شاذلى يا أبو الحسن.. أدعيني وأزورك سنوى.. وأتملى بنورك سنوى.. شاذلى يا أبو الحسن".

فيما تخرج الطوائف والطرق الصوفية من ساحاتها المبنية بالقرب من المقام، تحمل البيارق بين غناء القصائد وترديد الابتهالات، بعد صلاة العصر، فيما يسمى بالدورة، وتتجمع حول المقام، القائم بسرة الوادي، حيت تلتف كل جماعة وتؤدي أذكارها توقيعا وغناءً ورقصا بالبيارق، كما تشارك النساء أيضا في الاحتفال، فبعض السيدات تضع طبقا به حناء فوق رأس واحدة منهن، وتذهب به نحو المقام معها إحدى العرائس وتشبه ليلة الدخلة، فيتم الغناء على الدف والطبلة مرددين "شاذلي يا أبو الحسن".
ولعل من أبرز المظاهر البدعية تلك التي يعتقدها عدد من زوار أبو الحسن الشاذلي، يتخذ بعض منهم الذين لا تساعدهم ظروفهم على الحج إلى مكة المكرمة في نفس أيام الحج الأعظم، الرحال إلى ضريح الشاذلي، ليقفوا على جبل حميثرة متجهين بقلوبهم إلى عرفات الله، ويقضون العيد في رحاب ساحة الشيخ العابد، باعتباره "الحج الأصغر" على حد وصفهم.
إلا أن الصوفيين يرفضون تلك المعتقدات، مشيرين إلى أن الهدف من وقوفهم على جبل "الحميثرة"، هو إقامة مولد سيدي أبو الحسن الشاذلي، وليس لإقامة شعائر الحج الأصغر أو التعبد.

وبعيدًا عن هذه المظاهر الوثنية، والمخالفة لما هو معلوم من الدين، فإن هذا المولد شهد تراجعًا ملحوظًا في عدد مريديه منذ العام الماضي، بعد أن كان يزوره مليوني زائر، إلى أقل من 250 ألفًا، بفعل تدهور الوضع الاقتصادي، إذ تتطلب المشاركة فيه نذورًا وهدايا، أصبحت تفوق طاقة المواطنين.
وقال "خالد ديش"، أحد زائري المولد، إن زيارة الشاذلي مستحبة، لكنها لا تُعتبر حجة كما يعتقد البعض، لكنها زيارة تريح الإنسان نفسيًا، لأنه يزور أحباب الله وأولياءه الصالحين.

فيما أكد "مصطفى عطيتو"، من محافظة قنا، وأحد أتباع الطرق الصوفية: "أنا من الحريصين كل عام على زيارة الضريح والمشاركة في المولد، حيث إن الزيارة للتبرك بصاحب المقام ومكانه وضريحه".
من جانبها، أعلنت محافظة البحر الأحمر، حالة الاستنفار القصوى، لاستقبال زوار المولد من كافة محافظات والدول العربية، حيث أدى اللواء أحمد عبدالله، محافظ الإقليم، صلاة الجمعة بالمقام، وأهدى زوار المولد 10 سيارة مياه محملين بـ 300 طن مياه، كذلك توفير 600 طن بالمشربيات و1200 طن بخزانات التكديس.