الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"البوابة نيوز" ترصد "قفشات" أديب نوبل

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لم يعد هناك من نكات منذ أصبحت حياتنا نكتة سمجة».. هكذا كتب أديب نوبل نجيب محفوظ، ملك الفكاهة والإيفيهات، كما كان يطلق عليه «الحرافيش»، ونحن نحتفى بذكرى رحيله، نتذكر أطرف مواقفه وعاداته، وأشهر «إيفيهاته» مع أصدقائه، فقد تميز الراحل بخفة ظل لا يعرفها إلا من اقترب منه، وتعاملوا معه، فكان صاحب بديهة حاضرة، ومهارة فائقة فى ارتجال القفشات الفورية.
نتوقف عند رأى محفوظ فى الفكاهة لدى المصريين، كما يروى عنه الأديب محمد سلماوي، فى كتاب «حوارات محفوظ»، يقول الأديب الكبير الراحل: أجد أن روح الفكاهة من الخصائص الأساسية للشخصية المصرية، فلا شك أن الإنسان الذى لديه صبر الانتظار؛ فإن روحه تكون سمحة تميل للدعابة.
وقد وجد الكاريكاتير على جدران بعض المقابر القديمة، ليؤكد لنا أن روح الدعابة التى يتمتع بها المصرى الآن تعود إلى أجداده القدامى. تظهر البساطة وعدم التكلف فى المظهر العام لأديبنا الكبير، فهو لا يلبس ربطة عنق أبدًا، وهو دائم إهداء ربطات العنق التى تجيئه إلى أصدقائه بمناسبة أو دون مناسبة.
ويقول محمد سلماوى، أحد تلامذة أديب نوبل: أذكر أنه فى مرة أثناء زيارة عادية فى بيته قدم لى ربطة عنق أنيقة، وحين سألته عن المناسبة قال: المناسبة أننى لا أعرف ماذا أفعل بكل ما يجيئنى من ربطات العنق هذه!
يقول محفوظ: ظللت ألبس ربطة العنق لسنوات طويلة، لكنى كنت أصبت منذ زمن بحساسية جلدية، فأصبحت أية ربطة عنق تضايقني، ولم أكن فى البداية أستطيع أن أجاهر بعدم ارتداء ربطة العنق، فكنت أدارى ذلك بأن ألبس «بلوفر» يخفى العنق، لكنى بعد ذلك أقلعت عن ذلك أيضًا، والآن لا أستطيع أن أعود إلى ربطة العنق ثانية لأنى لا أعرف كيف تربط.
كلام حشاشين
من طرائف محفوظ، أنه عندما صدرت روايته «ثرثرة فوق النيل»، وأثارت ضجة لانتقادها الأوضاع الاجتماعية والسياسية فى الستينيات، وعندما قابله أحد المسئولين، ليسأله عن المغزى الذى قصده فى روايته على لسان شخصياته، أجاب محفوظ: أبدا.. هذا كلام حشاشين! لأن أبطال الرواية كانوا يحششون فى العوامة.
نجيب وبرلنتى
عندما سأله الحرافيش - كما يحكى الأديب الكبير جمال الغيطانى - فى جلستهم الأسبوعية عن إحساسه لحظة الزلزال الذى أصاب مصر عام ١٩٩٢، قال: «كنت أجلس فى الصالة، شعرت به بقوة، وتطلعت إلى السقف منتظرًا سقوطه، وسقوط برلنتى عبدالحميد فى حجري»، وبرلنتى واحدة من أشهر نجمات السينما فى الستينيات، كانت تسكن الطابق العلوى من نفس العمارة التى يسكنها محفوظ!
اكتب اسمى
عندما زاره المفكر الفرنسى جارودى ذات مرة عام ١٩٩٧، سأله: ماذا تكتب الآن؟ أجاب محفوظ بتلقائية: أكتب اسمي! كانت زيارة جارودى له عقب محاولة الاغتيال التى تعرض لها عام ١٩٩٤ بسبب روايته «أولاد حارتنا» وأصيبت يده اليمنى، وكان يتلقى علاجًا طبيعيًا بانتظام، ويعاود التمرين على الكتابة مثل طفل، مكررًا كتابة اسمه آلاف المرات.
موظف عند نوبل
بعد فوزه بجائزة نوبل لاحقه الإعلاميون والصحفيون فى كل الأوقات والأماكن، وأرهقوه بالأحاديث واللقاءات؛ فقال: «أنا بقيت موظف عند نوبل».
زاره الكاتب «ثروت أباظة» فى المستشفى بعد حادثة طعنه المعروفة، وبكى بحرقة فقال له: «إيه يا ثروت هو أنت اللى انضربت ولّا أنا». سأل الكاتب والناقد المسرحى فؤاد دوارة نجيب محفوظ ذات يوم: متى يصل أدبنا الى العالمية؟ فكان رأى نجيب محفوظ أن هذا لن يحدث أبدًا. لأن المجتمع المصرى أو المجتمع العربى ليس عالميًا. فكيف يصبح أدبنا عالميًا؟
وكما يقول الأديب يوسف القعيد: لم يكن نجيب محفوظ يعرف، وهو يقول هذا الكلام سنة ١٩٧٥ أن نوبل ستأتى له بعد ثلاثة عشر عامًا من هذا الكلام. أى فى أكتوبر سنة ١٩٨٨، عندما حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل. 
وأذكر أن أكثر عبارة كانت تضايقه هى وصف الأديب العالمى التى كنا نصفه بها بمناسبة ومن دون مناسبة!.