الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

شعراء: وزير التنمية المحلية فشل في مواجهة الفساد فنصَّب نفسه وصيًا على "المعارف"

وزير التنمية المحلية
وزير التنمية المحلية الدكتور هشام الشريف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شغلت شائعة نقل الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى وزارة التنمية المحلية، الرأى العام الثقافى، وتصدرت اهتمامات المثقفين بشكل لم يسبق له مثيل، فقد انتفض الجميع للذود عن الهيئة الأضخم على مستوى وزارة الثقافة، مؤكدين أن الحل يكمن فى إصلاح الهيئة وليس التضحية بالباقى منها فى وزارة لا تقوى على إصلاح أوضاعها من الأساس، وأشار البعض إلى ضرورة تعاون المحافظات مع قصور الثقافة، وتسهيل مهامها وعدم وضع العراقيل أمامها للقيام بالدور المنوط بها.
ويعتبر العديد من المتابعين أن هذه الشائعة، ليست إلا جزءا من الحرب النفسية على وزارة الثقافة، التى بدأت منذ عدة أشهر بلقاء جمع وزير التنمية المحلية بالعديد من المثقفين فى المجلس الأعلى للثقافة، واستطلع خلاله رأيهم فى العديد من المشاريع الثقافية بالمحافظات وعلى رأسها إقامة ألف مكتبة بالأقاليم.
«البوابة» التقت العديد من المثقفين المهمومين بهذه القضية لتستطلع رأيهم فيما يحدث.


أين المحافظ؟
فتح الشاعر ماهر مهران، النار قائلا: الثقافة جزء من منظومة التنمية المحلية فى التشكيل الإدارى للدولة، بمعنى أن أى اجتماع لمدينة أو محافظة يكون مدير ثقافة الفرع أو الموقع جزءًا منه، وعلى المحافظ أو رئيس المدينة أن يكلف مسئول الثقافة بما يراه مناسبًا، ومن هنا أتساءل لماذا لم يكلف الوزير مسئولى الثقافة فى الفروع والمدن بما يراه نافعًا؟ ولماذا يجمع شلة العواجيز بالمجلس الأعلى للثقافة، ويبدأ مهرجان الزفة الأبة؟ وأين نجد سيادته فى مشكلة المطبات التى تملأ الشوارع والقمامة التى تسد الطرق والمخلفات التى تسد الترع والمصارف والبيوت والمصانع التى تصرف فى الترع والمصارف والنهر، وأين سيادته من موظفى المحليات فى القرى الذين لايذهبون إلا يومًا واحدًا، ويذهبون فى العاشرة صباحًا، وأين هو من موظفين فى المحليات استولوا على أرض الدولة وانتشروا فى القرى يرهقون كاهل المواطنين بضرائب متعددة المسميات.
يبحث عن الأضواء
وأضاف مهران، أن وزير التنمية المحلية يترك مسئولياته ويعمل عملًا لا هو ولا موظفوه قادرون على أدائه، والأفيد له وللوطن أن يحلوا مشاكل الناس من مياه شرب غير آدمية وطرق مشوهة وموظفين صاروا عبئا على الناس، إنه باختصار رجل يبحث عن الأضواء لا العمل الميداني، فى المقابل تخاذل وتكاسل وزارة الثقافة عن الذهاب للجماهير جعله هو يستغل هذه الفرصة ليس لتثقيف الجماهير لكن ليغطى على المشاكل المترهلة فى المحليات وكذلك ليحتوى كبار الكتاب الذين لا يملكون الصحة وللذهاب للقرى المعذبة النائية.


عش الدبابير
أما الشاعر سمير الأمير، فقال: إن وزير التنمية المحلية أشبه بمن ضاع منه شىء فى الظلام، فإذا به يبحث فى منطقة أخرى تماما، وعندما سأله الناس مندهشين؛ لماذا تبحث هنا وقد ضاعت أشياؤك هناك، أجاب قائلا: «ﻷن هنا نورا ويمكننى أن أرى جيدا»، والمشكلة أن الوزير لا يستطيع أن ينكش فى عش الدبابير، فوجد أن بإمكانه النكش فى عش «اﻷمامير»، ولذا فإن عليه أن يصرف نظرا عما يفعل، وأن يتجه إلى إصلاح شئون وزارته.


شو اعلامي
بينما قال الشاعر محمد على عزب: إن هذه العقليات بذلك التفكير الروتينى لا تستطيع محاربة الإرهاب، وما قاموا به مجرد شو إعلامى فارغ من المحتوى، لأن محاربة الإرهاب عبر القوة الناعمة الثقافة والفكر قد تكون أهم من محاربة الإرهاب أمنيا، ولكن ما الذى تقدمه وزارة الثقافة من منتج ثقافى وتوعوى لمواجهة الإرهاب؟ وليس وزارة الثقافة وحدها، أين الإعلام ووزارة التعليم ووزارة التنمية الإدارية؟ مؤكدا أن ما يحدث مجرد شو إعلامى بدون خطة أو برنامج حقيقى يتضمن محتوى فكريا وتوعويا يخاطب المواطن.


الثقافة غائبة
من جانبه لفت الشاعر سعيد شحاتة، إلى أهمية دور وزارة الثقافة قائلا: إذا غاب الماء وجب التيمم، ووزارة الثقافة غائبة عن المشهد بالفعل لا بالقول، ولهذا أسبابه الكثيرة أقلها الاستعانة بعديمى الخبرة لشغل المناصب التى تحتاج إلى قيادات حقيقية جادة مدربة لديها مشاريع بناءة فاعلة، والأمثلة موجودة ولا تحتاج إلى من يشير إليها، وفى ظل هذا الوضع المؤسف، وتراجع دور قصور الثقافة باعتبارها العصب الرئيسى لهذه الوزارة، لا يمكن أن نستنكر على أى وزارة أخرى القيام بواجبات إضافية، خاصة الواجب الثقافى التوعوى الذى نحن فى أمس الحاجة إليه.
دعم المشاريع الثقافية
وأضاف شحاتة أن التنمية المحلية إذا استطاعت بالفعل فأنا على المستوى الشخصى أرفع لها القبعة، وأطالب بتدعيم مشاريعها الثقافية من قبل الدولة التى تحارب الإرهاب، فأزمات وزارة الثقافة تخصها ولا تخص المواطن الذى ننادى باستهدافه ثقافيا، والحرب على الإرهاب لن يحسمها السلاح وحده ولن تحسمها مسميات الوزارات، الحاسم هنا هو النشاط الفعلى على أرض الواقع.. أهلا بأى نشاط ثقافى من أى وزارة حتى ولو كانت وزارة التموين.
أما عن وزارة الثقافة فأعتقد أن الوزير يجب أن يحسم خلافاتها الطاحنة فى أسرع وقت ويعاقب المقصر، حتى يتسنى لها استعادة وجودها فى الشارع، بدلا من تحويل مثقفيها للنيابة الإدارية بين الحين والآخر وتصعيد من لا يستحق على رأس من يمكنه أن يقدم شيئًا لمجتمع ينتظر الكثير.


الثقافة والمحليات
الناقد أحمد عبدالرازق أبو العلا، حدد ملاحظاته حول هذا الأمر فى العديد من البنود قائلا: أولا؛ لا أعلم شيئا عن تلك المبادرة، وما يتعلق بها، لمعرفة أهميتها ودورها، والضرورة التى دعت وزارة التنمية لتبنيها، ولذلك سأحدثك عن الفكرة بعيدا عن التفصيلات الغائبة، والتى كان من الأهمية طرحها بشكل واضح على جموع المثقفين، أو حتى الجمهور المُستهدف بهذا النشاط.
ثانيا: مع إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقرار الجمهورى رقم ٦٣ لسنة ١٩٨٩، تم النص على اختيار ممثل للإدارة المحلية ليكون عضوا فى مجلس إدارة الهيئة، يختاره الوزير المختص، ومنذ ذلك التاريخ حتى وقت قريب، كانت العلاقة بين الثقافة والمحليات تقوم على تعاون تبناه المحافظون، الذين كانوا يدعمون الثقافة بمحافظاتهم، من خلال البنود المالية المتاحة لهم، بهذا الشأن.. ومن ميزانية وزارة التنمية المحلية، التى تُصرف للمحافظات.. وكان هذا التعاون يعتمد على قدرة القيادات الثقافية، بما فى ذلك رئيس الهيئة نفسه، ومعه أيضا وزير الثقافة، فى التواصل مع وزارة التنمية، ممثلة فى المحافظين، وبقدرتهم، ووعيهم بطبيعة العمل الثقافى، من هنا استفادت جميع الأنشطة بهذا الدعم فى جميع المجالات، المسرح، الثقافة العامة، المؤتمرات، حتى نشر الكتب، ومع غياب وعى القيادات، وضعف أدائهم، واختيارهم بشكل غير مدروس، غابت قدرتهم على ترجمة التعاون على أرض الواقع بشكل ملموس، الأمر الذى دفع معظم المحافظين إلى التوقف عن دعم الثقافة فى محافظاتهم، وبالتالى أصبح معظم النشاط معتمدا على ميزانية الهيئة فقط، إلا أقل القليل، فتراجعت معظم الأنشطة، وضعف الأداء. 
عمل عشوائى
وأضاف أبو العلا، فى ظل السياق الذى أشرت إليه، رأت وزارة التنمية على ما أعتقد، أنه من الممكن القيام بهذا الدور، ما دام أن هناك فى ميزانيتها بنودا تسمح لها بإدارة نشاط ثقافى، وفى هذا الإطار نؤكد أن هذا العمل – على ما يبدو – يسير سيرا عشوائيا، بدليل أننا لا نعرف عنه شيئا (ما طبيعته – أهميته – وسائله – استراتيجيته؟) !! ولذلك نوجه النقد بسبب غياب كل هذا، أما عن ضرورة أن تلتفت وزارة التنمية المحلية، لإصلاح أحوال المحليات التى أصبحت مرتكزا للفساد، فهذا أمر مهم بالفعل، وينبغى الاهتمام به، أكثر من اهتمامها بتبنى مشروعات ثقافية، ربما تفتح بابا آخر للفساد، فى ظل غياب الشفافية والوضوح، المتعلق بإدارته، لكننى مع أى جهة تقوم بدعم النشاط الثقافى، حتى وإن لم يكن فى اختصاصها، لأن الثقافة، بطبيعتها وسيلة من وسائل التنمية. 
ضعف الأداء
وختم أبو العلا بقوله: لو أن وزارة الثقافة المعنية بهذا الأمر وحدها تقوم بعملها من خلال المؤسسات والهيئات التابعة لها، ما استطاعت وزارة التنمية أو غيرها منافستها والتدخل فى عملها، لكنه فى ظل ضعف الأداء، أصبح هناك مبرر لهذا النشاط، الذى تم بعيدا عن وزارة الثقافة تماما، ومن الواضح أنه يتم مستقلا، بدون تعاون بين الوزارتين.. وكنت أفضل أن يتم من خلال بروتوكول تعاون، واضح المعالم، وقائم على أسس حقيقية وواضحة، حتى نصدق أن وزارة التنمية حريصة بالفعل على تفعيل النشاط الثقافى فى المحافظات، لكى لا تُتهم بأن مبادرتها جاءت مجرد سبوبة، يستفيد منها بعض المثقفين المشاركين فيها بسرية، ويعملون فى الخفاء.


مبادرات جيدة النية
أيضا قال الناقد محمد رفيع: تلك المبادرات هى مبادرات جيدة النية صحيحة المقصد، ولكن آلية التنفيذ هى المربط، فيمكن أن توفر الثقافة للناس كتابا وفنون وتجعلهم قريبي المنال من جميع المحافظات لكن ماذا لو أن الناس لا تريد أو منشغلة عن ذلك بلقمة العيش أو أنهم يخافون الثقافة.
لا أقصد أبدا وضع العراقيل، لكنى رأيت بعينى مبادرات كثيرة ذهبت هباء، لأننا اخترنا آلية غير صالحة أو توقيتا غير مناسب، فى الثمانينيات كانت مبادرة الدولة حول التوعية بمشكلة التضخم السكاني، وظهرت مبادرات مثل انظر حولك وحسانين ومحمدين، وانتشرت فى المراكز الصحية التوعية بالحفاظ على الصحة ووسائل منع الحمل وأطباء وطبيبات لتوعية المواطن المصري، بعد أربعين عاما أقول لقد تفاقمت المشكلة بنسبة ٣٠٪، لأن هناك ترسانة من المعتقدات، أولها: أن ذلك حرام فلا يخشى أحد على رزقه والأعمار بيد الله، وما حدث أن الإعلام الرسمى سار فى طريق التوعية والإعلام الشعبى وبعض المتدينين ساروا فى اتجاه آخر يوهم الشعب سرا أنه لا جدوى من ذلك، وكما استخدم الإعلام الرسمى عبارات مثل المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف وهل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون كانت هناك على الناحية الأخرى تناسلوا تناكحوا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة.
أزمة ثقة
وأضاف رفيع: الشعب المصرى منذ زمن طويل، وهو يتشكك فى السلطة بشكل دفين منذ أيام الاستعمار، ونشأ لديه إحساس بأن أى قرارات ستتخذها السلطة هى ليست لمصلحته فهى لمصلحة المماليك أو الإنجليز أو القصر أو الإقطاعيين، لكنها بالطبع ليست فى مصلحة الفلاح الفقير وصار الشعب له إعلامه الخفى ومعتقداته وصار يتلذذ بكسر القوانين التى فرضت عليه فيتهرب من الضرائب وقوانين المرور ويسرق الكهرباء لأن أزمة الثقة لم تحل حتى مع الاستقلال ولا تتوحد إرادته مع إرادة السلطة إلا فى الأزمات والحروب ليعود بعدها أدراجه مستترا خلف منظومة قيمه ومصالحه.
آليات ديناميكية
وأضاف رفيع: لن تنجح المبادرات إلا بالاعتراف بذلك أولا ثم اختيار الآليات المناسبة فالثقافة لا ثمار لها قريبة المنال، ولا مصلحة من ورائها مباشرة، لكن تحتاج لعقول تخطت أزمة الثقة، وأزمة المصالح الضيقة، وعلى ذلك نحتاج لجهاز تفاعلى يرصد المبادرات أثناء تنفيذها ويعدل من مسارها، ويكتب القوانين واللوائح من جديد، فى كل مرة يكتشف أنها أصبحت بالية، ولا يستكبر على الاعتراف بالفشل، ولا ينتظر حتى النهاية، ولا يخفى هذا الفشل لاستبقاء منصب أو جاه، نحن نحترم اللوائح والقوانين أكثر مما نحترم الإنسان وحقوقه، ولا أحد يجرؤ ظاهريا على تغيير تلك اللوائح حتى مع قناعته بأنها بالية، ومن هنا لكى لا تذهب تلك المبادرات والأمنيات هباء نريد وضع آليات ديناميكية للتنفيذ، يجب وضع خطط تدريب عالية للمنفذين، فلا يكفى أن يكون فى اللجنة وزير أو كاتب كبير، لكن نحتاج كوادر مدربة على إدارة المشاريع واتخاذ القرارات، نحتاج لجنة مراقبة ليس للمال العام ولا للمخالفات، ولكن لجنة لاستخدام آليات معينة لديها الصلاحيات لتغيير وتبديل الطرق المتبعة وتقسيم المستهدفين من المشاريع ليس جغرافيا ولا عمريا فقط، ولكن على مستوى الوعى وتكوين كوادر من نفس المحافظات وبناء مراكز تدريب تعمل ليل نهار على تجهيز هذه الكوادر، بغير ذلك لن يذهب الحصان للبحر.