الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علي الدين هلال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى العام ١٩٨٢ كانت السنة الأولى لى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، طالبا مع عشرات آخرين، كان لدينا جيل من الأساتذة الجامعيين الكبار، لم تتفق الدفعة كلها على حضورها بالكامل لمحاضرات أى أستاذ جامعي، باستثناء أستاذ العلوم السياسية، الذى كنا نتزاحم لحضور محاضراته.
كان اللافت للانتباه أن وجدنا طلبة من سنوات مختلفة يشاركوتنا الحضور الأسبوعى كل يوم أربعاء الثانية عشرة ظهرا لأستاذ السياسة القادم من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، رجل لم يتجاوز عمره منتصف الأربعينيات، أنيق فى مظهره، نظارته الطبية منحته هيبة مطلوبة، ثم حديث متدفق بسلاسة تجعل قاعة العلم هادئة تماما، بدأنا نحفظ اسمه وهو د. على الدين هلال.
كان لدى الدكتور «هلال» ميزة ميزته عن بقية أقرانه من الأساتذة وهى أنه يخصص جزءًا من محاضراته للنقاش العام مع الطلبة دون محاذير على أي موضوعات، وكان يسمح لنا أن نسأله كل الأسئلة دون خوف، لم نجد هذه السعة فى الحوار إلا مع على الدين هلال.
كان طبيعيا بعد تخرجنا فى كلية الإعلام، أن يحتفظ بعضنا بتواصله مع الدكتور هلال، مرت سنوات منذ التخرج ودخولى عالم الصحافة، وفوجئت بتليفون منه يقول لى أنا على الدين هلال، عاوزك تجرى معى حوارا على صفحات جريدة العربى الناصرى، لأنى استمتعت بحواراتك الأخيرة فى الصحيفة.
كان ذلك فى أوائل الألفية، وكان د. هلال يشغل منصب أمين الإعلام بالحزب الوطنى، وعضو هيئة مكتب الحزب الوطنى المنحل، بعد أن غادر وزارة الشباب والرياضة، وقبلها عمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جلست وتناقشت وتحاورت مع الدكتور هلال كثيرا، بعضها كان صالحا للنشر فنشرته، وجزء مما قيل احتفظت به لنفسي.
لدى الدكتور «هلال» الكثير من الأسرار التى تتعلق بملف طلب مصر تنظيم كأس العالم، والحقيقة التى ذكرها لى خلاف كل ما هو متداول ولا أعرف لماذا إصراره على عدم إعلان تلك التفاصيل، رغم قيام ثورتين فى مصر، طالبته غير مرة بضرورة كتابة مذكراته، لكنه متحفظا حتى تلك اللحظة.
بعد قيام ثورة يناير، وبدء القبض على رموز نظام مبارك، وبعد أن جرى القبض على الرئيس الأسبق مبارك ذات نفسه، سألته بإحراج: هل الدور قادم عليك وسيتم سجنك لتربحك المالي؟ ابتسم وربت على كتفى قائلا: شخصان من رموز نظام مبارك لن يسجنا فى قضايا فساد مالى لأنهما لم يتربحا ماليا، الأول هو الدكتور مفيد شهاب، والثانى هو أنا، وقد أكدت الأيام صدق ما قاله.
للدكتور «هلال» ابن يعمل فى مجال الاستشارات القانونية من خلال مكتب يمتلكه مع بعض الشركاء، وهذا المكتب يذهب إليه الدكتور هلال بصفة متقطعة أيام مبارك وحتى الآن، بعد أن تراجعت الصحة بعض الشيء بسبب المرض، لكنه كان حريصا على المشى فى نادى المعادى حيث سكنه.
المرة الأخيرة التى رأيت فيها الدكتور هلال، كانت فى عزاء والدتى بمسجد عمر مكرم، أواخر يناير الماضى، ورغم تأثير العمر على وجهه وحركة جسده، إلا إنه لا يزال محتفظا بوهج الأستاذ.