الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اختصاصات الهيئات والنقابات الإعلامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مطلع شهر أغسطس الجارى أقرت نقابة الإعلاميين بعض العقوبات بحق عدد من مقدمى البرامج؛ فأوقفت كلا من ريهام السعيد، ودعاء صلاح، الإعلاميتين بقناة النهار، لمدة ٣ أشهر عن العمل، ووجهت إنذارًا لكل من الإعلامى سعيد حساسين فى قناة العاصمة، والإعلامى محمد الغيطى فى قناة LTC، وذلك لأسباب تعلقت بارتكاب ما وصفته النقابة بمخالفات إعلامية متنوعة، وأرسلت ما يفيد ذلك إلى إدارة هذه القنوات. 
وفى نفس التوقيت تقريبا، اجتمع المجلس الأعلى للإعلام، وأصدر قرارات مغايرة لما جاء فى عقوبات نقابة الإعلاميين؛ حيث أقر المجلس إيقاف برنامج «صبايا الخير» الذى تقدمه ريهام السعيد، شهرا واحدا فقط، وليس ثلاثة، مع توجيه إنذار للقناة بعدم تكرار ما وصفه بالجرائم الإعلامية التى يرتكبها البرنامج مرة أخرى، وتكليف نقابة الإعلاميين بالتحقيق مع فريق عمل البرنامج.
وأقر المجلس أيضا نفس هذه العقوبة بحق برنامجى محمد الغيطي، وسعيد حساسين، فى حين كانت النقابة قد عاقبتهما بالإنذار فقط.
وفى توقيت لاحق، خفض المجلس عقوبة إيقاب ريهام السعيد إلى أسبوعين، بعد التماس تقدمت به إدارة القناة، وأبقى على باقى عقوبات البرامج الأخرى كما هى دون تغيير. 
وبينما اكتفى المجلس الأعلى بتوجيه الإنذار فقط للإعلامية دعاء صلاح، كانت النقابة قد أوقفتها ٣ أشهر عن العمل. 
ومع تضارب العقوبات بين الهيئتين، النقابة والمجلس، ارتبك الإعلاميون المعاقبون أنفسهم، وقرر بعضهم مثل ريهام سعيد ودعاء صلاح الالتزام بعقوبة المجلس الأعلى للإعلام فقط، وضرب عرض الحائط بعقوبة نقابة الإعلاميين، ليس فقط لأن عقوبة المجلس فى هذه الحالة كانت هى الأقل (أسبوعين بدلا من ٣ أشهر)، ولكن لأن الإعلاميتين وإدارة القناة لم يعترفوا من الأساس بعقوبة النقابة، باعتبارها تحت التأسيس، ولا وجود شرعيًا أو رسميًا لها، حتى إن إحدى الإعلاميتين تهكمت على النقابة التى ليس لها مقر حتى الآن، الأمر الذى أغضب رئيس النقابة الإعلامى حمدى الكنيسي، وأخطر إدارة القناة مجددا بضرورة الالتزام بالعقوبة المقررة وهى الأشهر الثلاثة، خاصة بعد ظهور ريهام السعيد مرة أخرى، مع انتهاء عقوبة الأسبوعين التى قررها المجلس الأعلى للإعلام، وهددت النقابة بشطب الإعلامية من جداولها، ما لم تلتزم بمدة الإيقاف. 
ما سبق كله لا يعنى إلا أن المؤسسات التى كان من المفترض بها أن تنهى حالة الارتباك فى السوق الإعلامية، زادته ارتباكا بقرارات متضاربة، وسوء تنسيق يبدو بوضوح أنه متعمد، فى إطار حرب المساحات بين الهيئات والنقابات الإعلامية والصحفية، ومدى أحقية كل منهما فى فرض سيطرته ونفوذه على المؤسسات الإعلامية؟ ومن له صلاحية فرض العقوبات؟ هل المجلس بوصفه الهيئة الإعلامية الأعلى؟ أم نقابة الإعلاميين بوصفها تملك منح ومنع عضويتها؟ وسحب تراخيص عمل الإعلاميين، وحق شطبهم من جداولها؟ وهل السبب فى عدم الاعتداد بعقوبات نقابة الإعلاميين كونها ما زالت تحت التأسيس؟ وماذا بعد أن يتم تأسيسها بشكل رسمي؟ والسؤال الأكثر فضحا لما جرى ويجرى بشأن صدور هذه الهيئات والنقابات دون اختصاصات واضحة ومحددة، ماذا إن كانت القناة التى ينتمى إليها الإعلامى المتجاوز هى قناة رسمية؟، من يعاقبه فى هذه الحالة؟ المجلس الأعلى أم نقابة الإعلاميين أم الهيئة الوطنية للإعلام المعنية بالإشراف على التليفزيون الرسمى للدولة؟ والإشكالية ذاتها تنطبق على الصحفيين والمؤسسات الصحفية القومية والخاصة، فى ظل تعدد الهيئات المعنية بالإشراف عليها ومتابعة أدائها، بين المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، وأخيرا نقابة الصحفيين. 
لا بد من تدخل حاسم وسريع لفض الاشتباك الحاصل بين عمل هذه الهيئات، وتحديد اختصاصات كل منها بشكل يمنع نهائيا الحرب الدائرة الآن بين رؤسائها على المقرات والصلاحيات، قبل أن تتحول لأدوات هدم لا بناء للإعلام المصرى.