السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

ناجي العلي.. ريشة تقطر إبداعًا

ناجي العلي
ناجي العلي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"احذروا ناجي، فإن الكرة الأرضية عنده صليب دائري الشكل، والكون عنده أصغر من فلسطين، وفلسطين عنده المخيم، إنه لا يأخذ المخيم إلى العالم، ولكنه يأسر العالم في مخيم فلسطيني ليضيق الاثنان معًا، فهل يتحرر الأسير بأسره؟ ناجي لا يقول ذلك. ناجي يقطر، يدمر، ويفجر، لا ينتقم بقدر ما يشك، ودائمًا يتصبب أعداء"، هكذا قال عنه الشاعر الفلسطيني محمود درويش.
غدًا 29 أغسطس تمر ذكرى رحيل الفلسطيني ناجي العلي أحد أشهر رسامي الكاريكاتير العرب، مبتكر شخصية "حنظلة" التي تجسد طفلا في مخيم للاجئين.
إنه ضمير الثورة كما كانوا يلقبونه تميز بالنقد اللاذع في رسومه، رسم ما يقدر بأكثر من 40 ألف رسم.
يقول: "كنت صبيًا حين وصلنا زائغي الأعين، حفاة الأقدام، إلى عين الحلوة.. كنت صبيًا وسمعت الكبار يتحدثون.. الدول العربية.. الإنجليز.. المؤامرة.. كما سمعت في ليالي المخيم المظلمة شهقات بكاء مكتوم.. ورأيت من دنت لحظته يموت وهو ينطلق إلى الأفق في اتجاه الوطن المسروق، التقط الحزن بعيون أهلي، وشعرت برغبة جارفة في أن أرسمه خطوطًا عميقة على جدران المخيم.. حيثما وجدت مساحة شاغرة حفرًا أو بالطباشير".
ويحكي العلي أنه حين كان صبيًا في مخيم عين الحلوة بلبنان، انتظم في فصل دراسي كان مدرسه فيه أبو ماهر اليماني الذي علمهم رفع علم فلسطين وضرورة أن نحييه، وحدثهم عن الصدقاء والأعداء، وقال لناجي حين لاحظ شغفه بالرسم "ارسم.. لكن دائمًا عن الوطن".
في الفترة من عام 1960-1961 أصدر ناجي العلي بالاشتراك مع بعض رفاقه بحزب القوميين العرب نشرة سياسية بخط اليد تحت اسم “الصرخة”، وفى نفس الوقت وتحديدًا عام 1960 دخل الأكاديمية اللبنانية للرسم ليدرس بها عام واحد؛ لكنه لم يكمل بها إلا شهرًا واحدًا بسبب مطاردته من الشرطة اللبنانية ومنذ ذلك التاريخ أصبح ناجي العلي زبونًا دائمًا بمعظم سجون لبنان.
كان الصحفي غسان كنفاني قد شاهد ثلاث أعمال من رسوم ناجي في زيارة له لمخيم عين الحلوة فنشر له أولى لوحاته وكانت عبارة عن خيمة تعلو قمتها يد تلوّح، ونشرت في مجلة "الحرية" العدد 88 في 25 سبتمبر 1961. 
يعلق العلي على ذلك قائلًا: "لم تصدق عيناي ما رأته ولا كذلك قلبي الذي أخذ يتراقص فرحًا بهذا الإنجاز الكبير، شعرت بعد ذلك أن غسان كنفاني هو أب من نوع استثنائي خاص.. أب للإبداع يكتشفه ويقدمه ويشجعه على المضي في المغامرة".
في سنة 1963 سافر إلى الكويت ليعمل محررا ورساما ومخرجا صحفيا فعمل في الطليعة الكويتية، السياسة الكويتية، السفير اللبنانية، القبس الكويتية، والقبس الدولية.
ويقول: "فكرت في أن أدرس الرسم في القاهرة، أو في روما، وكان هذا يستلزم بعض المال، فقررت أن أسافر إلى الكويت لأعمل بعض الوقت.. وأقتصد بعض المال.. ثم اذهب بعدها لدراسة الرسم".
عاد إلى بيروت للعمل في جريدة "السفير" هناك، لكنه شعر بتغير مخيم عين الحلوة الذي يصفه بأنه كان أكثر ثورية قبل الثورة، كانت تتوافر له رؤية أوضح سياسيًا، يعرف بالتحديد من عدوه وصديقه، كان هدفه محددًا فلسطين، كامل التراب الفلسطيني، لكنه حين عاد كان المخيم غابة سلاح، صحيح، ولكنه يفتقد إلى الوضوح السياسي، وجده أصبح قبائل، غزته الأنظمة ودولارات النفط لوثت بعض شبابه.
أصدر ناجي العلي ثلاثة كتب في الأعوام (1976، 1983، 1985) ضمت مجموعة من رسوماته المختارة، حصلت أعماله على الجوائز الأولى في معرضي الكاريكاتير للفنانين العرب اللذان أقيما. 
في دمشق عامي 1979 1980م. نشر أكثر من 40 ألف لوحة كاريكاتورية طيلة حياته الفنية، عدا اللوحات المحظورة التي لازالت حبيسة الأدراج، اختارته صحيفة "أساهي" اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامي الكاريكاتير في العالم.
تزوج ناجي العلي من وداد صالح نصر من بلدة صفورية في فلسطين وأنجب منها أربع أبناء هم خالد وأسامة وليال وجودي. يقول العلي: "في الحرب وأنا في الملجأ قلت لزوجتي إنني أنذر نذرًا لو بقيت على قيد الحياة فسوف "أفضح" هذا الواقع العربي بكل مؤسساته وبكل أنظمته على حيطان العالم العربي كله إن لم أجد جريدة، ومازلت عند نذري، عندي رغبة في الاستمرار في الإيفاء بالنذر".
ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه، فرحل عن عالمنا وقد تجاوز الخمسين عامًا بقليل.