الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الحق فى الدواء": الحكومة مضطرة لرفع الأسعار.. وصيدلى السوفالدى: عملية "ترقيع"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قوائم نواقص الأدوية احتوت على ما يُقارب ١٥٨٠ صنفًا، يأتى على رأسها ما يزيد على ٥٥ صنفًا من الأدوية التى لا تتوافر لها بدائل فى السوق، كأدوية الأورام والبلهارسيا وأمصال الكبد وأدوية الهرمونات بالنسبة للسيدات، والأدوية النفسية والعصبية إضافة إلى أدوية الفشل الكلوى والكبدي، بحسب ما أكده محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء.


ويقول فؤاد: «عقار ليبيدول، وهو محلول من اليود ومواد أخرى للحقن الوريدى يستخدمه مرضى الفشل الكبدي، سعره الحقيقى ٢٧٠ جنيها، فى حين يتم بيعه حاليًا بسعر يصل إلى ٢٥٠٠ جنيه فى مراكز الكبد بوسط البلد، بسبب النقص الشديد فيه، وعقار «كيتوستريل» لعلاج الفشل الكلوي، والذى يصل سعره إلى ٤٥٠ جنيها، يُباع حاليًا بسعر ٢٠٠٠ جنيه داخل مراكز الكُلى بسبب العجز الشديد فيه أيضًا، وهو نفس الأمر بالنسبة لأكثر من ٥٠ صنفا من الأدوية».
وأشار «فؤاد» إلى أن العجز فى أدوية الطوارئ داخل المستشفيات المصرية بلغت نسبته خلال الأيام الماضية حوالى ٦٠٪ ما يُعد أزمة حقيقية تُعرض حياة الكثيرين من المرضى إلى الخطر، مؤكدًا أن أزمة نواقص الأدوية فى سوق الدواء موجودة، وتشهد يوميًا دخول أصناف جديدة فى قوائمها، لكن يظل الجانب الأخطر منها فى الأدوية التى ليس لها بديل أو مثيل فى السوق.
وعن السبب الحقيقى وراء أزمة نواقص الأدوية الحالية، قال «فؤاد» إن سوق الدواء المصرية، تعتمد بنسبة تتجاوز ٩٠٪ على الاستيراد من الخارج، وأنه بعد تحرير سعر الصرف ووصول سعر الدولار إلى أكثر من ١٨ جنيها، كان من الصعب أن تستمر شركات الأدوية فى استيراد بعض الأصناف من الخارج، فى حين أنها تبيع تلك الأصناف على أساس أن سعرها ٨ و٩ جنيهات، خاصة أن استيراد المادة الفعالة بسعر الدولار الحالى يتبعه عملية تجهيز وتصنيع للدواء فى مصر، مع تحديد هامش ربح للصيدلى وشركة التوزيع والمصنع، ما يمثل عبئًا لا تضطر أن تتحمله تلك الشركات لتبيع فى النهاية العقار بأسعار الجنيه المصرى قبل التعويم.
ويرى مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن الحكومة ليست لديها خطة لحل الأزمة بقدر ما لديها خططًا للتأجيل، وأنه على الرغم من ذلك، ستضطر الحكومة، آجلًا أو عاجلًا، إلى رفع الأسعار مرة أخرى، كونه الحل الوحيد للقضاء على أزمة نواقص الأدوية، بحكم أن صناعة الدواء فى مصر تعتمد على الاستيراد، وبالتالى على سعر الدولار مقابل الجنيه.
وأشار «فؤاد» إلى أن زيادة أسعار الأدوية للمرة الثالثة، والمتوقعة خلال الأسابيع المقبلة، سَبَق وأن نوّهت إليها الحكومة، حيث ستزداد أسعار الأدوية بنسبة ١٥٪ بالنسبة للشركات الأجنبية والأدوية المستوردة، و١٥٪ بالنسبة للأدوية المصرية، مؤكدًا أن شركات الأدوية أخطرت الحكومة مؤخرًا بأن كُل مصنع جَهّز قائمة الأصناف المُرشح زيادة أسعارها، كما أن وفدًا من الشركات الأجنبية للدواء التقى، منذ ٣ أسابيع، بوزيرة الاستثمار ووزير التجارة والصناعة للاتفاق على ذلك.


ويُرجح محمد عز العرب، أستاذ الكبد ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، أن أسباب أزمة سوق الدواء المصرية، تعود إلى الأخطاء التى وقعت فيها وزارة الصحة أثناء التفاوض مع شركات ومصنع الدواء قبل زيادة الأسعار فى مايو ٢٠١٦ ويناير ٢٠١٧، حينما اتفقت معهم على زيادة الأصناف بناءً على كامل سعر المُنتج، فيما كان من المفترض أن تكون الزيادة انتقائية، حسب التكلفة الفعلية للمادة الخام ومُدخلات الإنتاج التى تمثل فقط ١٥٪ من ثمن الصنف.
ويتابع عز العرب: «شركات الأدوية اتفقت مع وزارة الصحة على زيادة الأسعار وفقًا لكامل سعر الصنف، شاملًا بذلك أجور التشغيل وبند الدعاية الذى يصل أحيانًا إلى ٥٠ و٦٠٪ من سعر الصنف، فى حين أن تلك الشركات تستورد المادة الخام ومُدخلات الإنتاج، التى تمثل فقط حوالى ١٥٪ من السعر الإجمالى للصنف، وهو الجزء الوحيد الذى تأثر بارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه المصري، كما أن المادة الخام فى السوق العالمية يقل ثمنها».
وكَشف «عز العرب» عن اتفاق بين وزارة الصحة ومصنعى وشركات الأدوية، منذ يناير الماضي، على زيادة أسعار أصناف الأدوية، التى لم تلحقها قرارات الزيادة مطلع العام الجاري، كُل ٦ أشهُر، مُطالبًا بضرورة تغيير نظام تسعيرة الدواء كاملًا لوجود تشوهات فى أسعار بعض الأصناف تصل أحيانًا إلى ٢٠٠٪ بالنسبة لنوع الدواء الواحد، مع ضرورة الإسراع فى إنشاء مصانع للمادة الخام فى مصر لحل مُشكلة سوق الدواء التى تطفو على السطح بين حين وآخر بشكل نهائى.


وقال إسلام محمد الشهير بصيدلى السوفالدى إجراءات الحكومة فى تعاملها مع أزمة نواقص الدواء بأسلوب «الترقيع»؛ حيث إنه كل فترة يحدث شد وجذب بين الحكومة وشركات الأدوية، حتى وصل الأمر لأن يزيد سعر الدواء مرتين فى السنة الواحدة، كما أن شركات الأدوية بدورها تعمل على تعطيش السوق، لدرجة أن كل ما هو مستورد من دواء غير موجود، بالإضافة إلى أن الشركات المصنعة والمستوردة تُعتبر المُستفيد من تلك الأزمات على طول الخط، لكن الشركات الموزعة لا تستفيد سوى مكاسب «ستوكات» لديها فى مخازنها تقوم ببيعها بحسب الأسعار الجديدة.
ويُضيف إسلام: «فى حالة ما تم تطبيق القانون وتم سحب رخصة شركات الدواء التى تتعمد تعطيش السوق؛ فإنه سيتم حل الأزمة من جذورها، لكن بالرغم من أن وزير الصحة تحدث عن وضع عقوبات خلال ٣ أشهر على الشركات التى تسعى إلى خلق أزمة دواء، فإنه حتى الآن لم نر أي عقوبات اتخذت ضد الشركات ذات الأصناف الناقصة».