حينما فكرت في الكتابة عن ألبوم أصالة الجديد "مهتمة بالتفاصيل" خشيت من الأمر خصوصًا وأن أغلب المشاركين فى الألبوم تجمعني بهم صداقة قوية وهو ما جعل الأمر أكثر صعوبة، فالكتابة إما أن تكون حيادية ومؤثرة أو أن تكتفي بنقل الردود والأفعال أفضل بكثير إلا أني فى النهاية فضلت الكتابة. وضح منذ البداية أن اسم الألبوم له مدلول كبير على ما يحويه من أعمال فنية، فالمتابع لأصالة على مدار السنوات الماضية يرى أن هناك حالة اختلاف واضحة تعيشها لدرجة أنها غيرت بشكل كبير في جميع تفاصيل عملها، ويبدو أن أغنية "الورد البلدي" و"ملهمة الوحيدة" اللاتي اعتبرهما من أجمل أغاني ألبومها الماضي إلا أن الألبوم الحالي شهد تغيرًا أكثر قوة وتأثيرًا. فنجد أصالة قد رحلت بنا إلى فترة الثمانينيات من خلال أغنية "يوم الرحيل" ولمست في طريقها جمال أغنية "صندوق صغير" الذى هبت من خلالها رائحة فيروز ولكن دون أي تقليد فبقيت الأغنية بعيدة تمامًا وتاهت خلالها أصالة في السطور حيث قالت: "يا سطوري ضلي دوري" فربما بطل الأغنية سافر قبل ان ينهي تلك القصة التي تغنت بها فظلت اصالة تعيش علي نغم تلك الكلمات التي اعتبرها وبكل صدق اكثر جمل الالبوم تأثيرا ورغم ذلك حصلت الاغنية علي اقل نسب الاستماع مما يؤكد ان الجمهور لا ينتظر هذا اللون من اصالة.
مرحلة الاختيار في البوم اصالة من المؤكد ساعدت في تلك الاختيارات فقد اعتمدت علي بعض الاسماء التي عرفها الناس وسطرت العديد من الاغاني التي اصبحت علامات فى بعض الالبومات التي طرحت مؤخرا بالإضافة الي العنصر الشبابي الذى يعمل لاول مرة وهو عنصر اخر فى الاهتمام بالتفاصيل. ولم أفاجأ بان اغينة " يوم الرحيل " التي وضع الحانها احمد زعيم بان تصبح الاغنية الاعلي متابعة من قبل جمهور اصالة، فالأغنية التي ارجعتنا للماضي قليلا وبالتحديد الي اغاني الدراما التي قدمت فى الثمانينات وهي الاغنية التي كررت فيها اصالة كلمة حبيبي اكثر من مرة، تجد فيها اصالة وقد ذابت في الحب لدرجة ان الجميع بحث خلف الاغنية، وهذا مؤشر علي ان الدراما لا تكاد تفارق الجمهور حتي يبحث عنها في طرب اصالة ولما لا وان الجمل التي جاءت بها تخرج من يسمعها عن نطاق الحياة ليذهب بعيدا ومنها مثلا " دبلت فى قلبى اى لحظة فرح من يوم الرحيل. بقى مستحيل. انام فى ليل مافيهوش عيونك ياحبيبى. بصحى وبافوق على شوق وذكرى وعذاب وويل وجراح وهم. بقى مش مهم.ادوق الم مالهوش نهاية ياحبيبى لكن الاكيد ان انا لو عشت ميت مليون سنه. وايضا " دايما بخبى فى قلبى اى جرح عن عيون الناس وقلبى خلاص مالوش خلاص غير حضنك انت ياحبيبى. وتاتي جملة " مستنيااااك..روحى حبيبى قلبى معاك مستنياك. بحلم فى يوم يرجع هواك مستنياك...مستنياك... مستنياك " والتي تبقي فيها اصالة علي الامل في انتظار الحبيب. وحتي لا ننسي فان الشاعر الشاب احمد قطوط والموزع توما وضعوا بصمتهم الخاصة بجوار الحان احمد زعيم الذي ينتظر البعض البومه ايضا الفترة المقبلة. الحالة التي عاشتها اصالة في الالبوم لم تقف عند تأديتها لأغاني الالبوم بل انها تعدت ذلك الامر وذهبت لتقدم لنا تجربة انسانية حية من خلال اغنية " مين فينا " ورغم ان المزيكا التي في الاغنية مسموعة كثير خصوصا وان اول شخص عمل هذا اللون هو الملحن العالمي فرانسيس لاى صاحب موسيقى فيلم "لف ستورى " الا ان الموزع الشاب نابلسي اضاف للأغنية كثيرا واعادنا الي موسيقي فرانسيس لاى التي تعيدك الي فترة السبعينيات.
وهذا لا ينفي ان الاغنية التي شاركها الغناء فيها محمد الشرنوبي وهو ايضا ملحن الاغنية والتي بدأت كلماتها ب " مين فينا حدد لون عينيه.. ويوم ولادته واسمه إيه فيه حاجات كده كتير ف الحياه.. موجوده وما نعرفش ليه " اخذت مساحة كبيرة للاستمتاع بها، ويبدو ان اصالة ارادت ان توصل للجميع رسالة بان يعيش الحياة بشكل الجميل والطبيعي من خلال وصفها لها الدقيق لها في جملة " زي بنت بنوت في شبرا بالصليب او بالحجاب ".
كل هذا يؤكد ان اصالة اهتمت بالتفاصيل لدرجة ان سردت قصص الحب بكل اشكالها من خلال تجربة قريبة لها ولم تكتفي اصالة بالتجربة الجميلة فقط والتي تنتهي بالحب او غيره فراحت لتغني في اغنية " هايقولك " لتجربة الخيانة والاسطوانة التي يتبعها الشباب في سياسة توقيع الفتاة في حبه بشكل مختلف ومعبر ولأول مرة تجد مشاعر اصالة الانسانية تظهر في الغنوة وبتضحك كمان ورغم ان اللحن قدم من قبل الا ان الموضوع المكتوب وصوت اصالة هما بطلا الاغنية.
وتغني ايضا للحب والانتظار في " يوم الرحيل " وتنهي القصة بالاهتمام بالتفاصيل.
وتاتي اغنية " قاصد ايه " لتؤكد الاهتمام ايضا حيث اهتمت اصالة في الاغنية بالموسيقي والفواصل الموسيقية والاغنية مختلفة وهي الاغنية التي كتبها هشام صادق ولحنها مدين ووزعها كريم عبد الوهاب.
وتقدم الدراما ايضا في اغنية " يا عالم " ولكن بشكل مختلف عن " يوم الرحيل " فهنا دراما رومانسي وعادلت اصالة في الاغنية بين اللحن والكلام وهو ما جعل الاغنية تظهر بشكل جيد في النهاية.
اما اغنية " رجع الفرح " عادت من خلالها اصالة للموسيقي الشرقي وقدمت حالة سلطنة من العيار الثقيل فالأغنية احتوت علي مجموعة مقامات موسيقية رائعة والموزع اسامه الهندى صاغها بشكل مختلف.
وتبقي اغنية " كفاية كلمه " لتبقي اقل اغاني الالبوم وان احتفظت بانها الاغنية الاصلح للمسرح اغنية " للاستديج "
اما عنوان الالبوم والذي اخترت له ان يكون اخر اغنية فهو الاكثر عبقرية لألبوم فنان منذ سنوات وكعادته الملحن ايهاب عبد الواحد الذي اعتادت علي تقديم الاستايلات الجديدة في المزيكا، ليقدم لنا غنوة خفيفة ع الاذن لبساطه الكلام الذي كتبه امير طعمية واللحن الذي ينتمي لمقام العجم الذي يدخل يدخل القلب ع طول.
اصالة اكدت للجميع انها الصوت النسائي الاذكي في الفترة الاخيرة ولو اختلف البعض علي ذلك ولكن يتبقي وقت نزول الالبوم ليؤكد ذلك، فمن يجرا علي الاختلاف ويملك القرار يحصد النجاح.
