الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عزت شاكر يكتب: جوني إريكسون

القس عزت شاكر
القس عزت شاكر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وُلِدَت جوني إريكسون في بالتيمور، ميرلاند، أمريكا عام 1948، وتعلَّمت ركوب الخيل في شبابها المبكر وبرعت فيه، وكانت أيضًا تجيد التنس والسباحة. وفي 30 يوليو عام 1967 عندما كان عمرها 19 سنة تغير مسار حياتها تمامًا بعد أن تعرضت لحادث مروع أثناء غطسها في مياه خليج (شيزابيك) عند غروب الشمس حيث قفزت (جوني) فاصطدم رأسها بجسم صلب، فأصيبت بكسر في عنقها سبب لها شللًا كليًا في جميع أعضاء جسمها من العنق وإلى أسفل ما عدا رأسها، وأصبحت غير قادرة على القيام بأبسط حاجاتها الشخصية، وكان محتومًا عليها أن تبقى بقية حياتها عالة على الآخرين في كل الاحتياجات.
لقد مرت جيني بأسوأ أيام عمرها وهي عاجزة عن كل شيء، أُجرٍيَت لها العديد من العمليات الجراحية وهي مجرد جثة على السرير تتدلى من جسدها أنابيب لاستخراج البول وأخرى لنقل الغذاء. وكانت نتيجة الرقاد لشهور طويلة حدوث قروح في جسدها فكانوا يقلبونها كل ساعتين.
تخيل كيف أنه في غضون ثوان تغير حالها من النشاط والحيوية إلى العجز التام. 
وقد كانت والدتها تمضى ساعات طويلة وهي تمسك لها الكتاب المقدس وبعض الكتب الأخرى مفتوحة أمامها لتقرأ فيها... وفي وسط هذه الآلام والضيقات كان قلبها يناجي ربها وإلهها. وذات مرة رفعت قلبها إلى الله بعد أن سمعت قول الإنجيل: "اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ، 3عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا" (يع1: 2-3). فتساءلت: ماذا يريد أن يقول الله لي أنا الفتاة السجينة المغلق عليها، غير القادرة على الحركة؟
ووسط كل هذه الأجواء استمدت قوة عجيبة أثناء سماعها لآية من سفر المزامير لمست أعماق قلبها "يَعْضُدُهُ الرَّبُّ عَلَى فِرَاشِ الأَلَمِ، وَيَرُدُّ عَافِيَتَهُ" (مز3:41). وشعرت في روحها وكأن الله يخاطبها قائلًا: إنني أعمل في حياتك بصورة أفضل مهما كانت حالة جسدك. فأعلنت تحديها للضعف، وقامت بتعلم الكتابة والرسم بفمها وخلال ساعات الليل كانت تتخيل الله يقف إلى جوارها، مواسيًا ومشجعًا يقول لها: "ها أنا معك دائمًا... إنني أعمل في حياتك بصورة أفضل حتى وإن كنت مقعدة".
فأمسكت "جوني" فرشة الألوان بأسنانها ورسمت لوحة بعد الأخرى بفمها مستخدمة العضو الوحيد المتحرك في جسدها وهو رأسها فرسمت بها لوحات من روائع الفن العالمي، وكانت توقع على رسوماتها بعبارة: "المجد للرب". وقد وضعت في اعتبارها أن ما حدث لها كان جزءًا من مخطط الله لحياتها.
وذات مرة زار (نيل ميلر) عضو هيئة تأمين والدها، وأعجب بلوحاتها، فأخذها وأقام لها معرضًا، وفي صبيحة يوم العرض، أغلق الشارع الذي به المعرض من كثرة السيارات والناس الذين أتوا لزيارة المعرض، وعلى واجهة المبنى شعار كبير يعلن عن (يوم جوني إريكسون) وكان هناك حشد من مصوري التليفزيون، وطلبت إليها وكالات الأنباء الحديث إلى الجماهير وعقدوا معها لقاءات كثيرة، وطلبت منها العديد من الهيئات والجمعيات والمنظمات العالمية إلقاء الأحاديث على أعضائها. 
فتحدثت عن محبة الله لكل إنسان، وغفرانه لكل من يتوب توبة صادقة، والإيمان به لنوال الحياة الأبدية، ليصل حديثها إلى ملايين البشر. 
وانطلقت وهي على كرسيها تؤلف مراجع تعتبر مصدر تعزية لكل من يجتازون الألم، وتخدم الناس بقوة وهي غير قادرة على تحريك ذراعيها ورجليها، لكن في داخلها قلب يتحرك بشحنات الحب المتدفق.
وتمت ترجمة سيرتها الذاتية إلى لغات عديدة وكذلك الفيلم الذي يحمل اسمها ويتناول قصتها. وكانت فكرة تركيب أطراف صناعية لها من الأمور التي ساعدتها في رحلة الحياة المثيرة. تزوجت جوني إريكسون في عام 1982 وأصبح زوجها رفيقًا لها في كل جولاتها وخدماتها لتعضيد المعاقين في أنحاء العالم المختلفة.
اختيرت جوني نتيجة اهتمامها بالمعاقين في كل دول العالم لإدارة ورئاسة بعض الهيئات والجمعيات، وزارت ما يقرب من 46 دولة لتمنح الأمل والثقة لهم، فعملت في المجلس الوطني المعني بالإعاقة، واللجنة الاستشارية للعجز، والمعهد الوطني لصعوبات التعلم، ومؤسسات للمكفوفين وغير ذلك، ونالت جوائز عديدة لدورها الرائع في رعاية المعاقين وتشجيعهم ومنحهم الأمل في الحياة والعطاء، ألفت جوني 48 كتابًا، وكتبت عددا هائلا من المقالات، وحصلت على العديد من الميداليات الذهبية واحدة في عام 2003 وأخرى في عام 2004 لدورها الرائد في الكتابة للأطفال، وميداليات ذهبية وفضية أخرى نتيجة مشاركتها في برامج إذاعية وتلفزيونية.
عزيزي: واجه مشكلتك، ولكن لا تواجهها بنفسك بل ضعها بين يدي الله القدير وسوف تنتصر عليها بنعمة الله.