الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حياة على ورق.. ماذا لو كنت "بورخيس"؟

خورخي بورخيس
خورخي بورخيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في شتاء عام 1964 في بوينس آيرس، عرض الشاب ألبرتو مانغويل ذو الستة عشر عامًا على الكاتب "خورخي بورخيس" الذي كان قد تجاوز الستين من عمره وفقد بصره، أن يلزم مكتبته ويقرأ له بصوت عالٍ، وهو ما كان.
لازم الشاب ألبرتو أستاذه بورخيس لسنوات سجل خلالها معايشة أستاذه الكفيف للأدب، حتى خرج لنا كتاب "مع بورخيس" الذي ألفه ألبرتو خلال تلك السنوات، وهذا الكتاب بالطبع ليس مذكرات أو سيرة تروي حياة بورخيس، ولكنها مذكرات "ألبرتو مانجويل" خلال الفترة التي قضاها مع بورخيس، حيث يقدم الكتاب صورة متحركة من عبقرية غامضة، ذات نظرة عميقة إلى بورخيس، والكتاب هو الأكثر إثارة للإعجاب، بين كتب المذكرات والسير في أمريكا اللاتينية، حيث إن هذه المذكرات الغنية عن الشاعر الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس في عقوده الأخيرة تضم حوارات فلسفية، وأحداثًا وقصصًا عن سيرته الذاتية، وكثيرا من الاقتباسات الشعرية، بالإضافة إلى التحليل الأدبي العميق.
ترجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية الشاعر الأمريكي ويليس بارنستون، الذي كان صديقًا مقربًا لبورخيس لأكثر من عشرين عاما، والذي تدخلت ذاكرته في عمل مانغويل أثناء ترجمته، فقدم حياة هذا الكاتب الكبير بوصفها رمزًا للتناقض والمفارقات، بارنستون يستعرض بلغة شعرية دافئة تلك المزايا الفريدة لبورخس من ذاكرة متقدة فياضة، وثقافة أدبية ثرية ومواقف فكرية تجاه المشهد السياسي في الإرجنتين، بالإضافة إلى استبصارات بورخيس عن حياته المديدة، وعلاقته بكتب وقصائد وقع في غرامها تنتمي إلى أكثر من ثقافة ولغة.
إن روح بورخس وكلماته تشع عبر هذه الصفحات على شكل مذكرات متلاحقة تكشف عن عبقرية أدبية كانت وماتزال تشكل علامة فارقة في مشهد الحداثة الأدبي في القرن العشرين.