الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ما وراء الإنبوكس.. كلما نظرت في المرآة بكيت.. والسبب: العادة السرية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل رأيت من يكره نفسه ويمقتها وكلما نظر لوجهه فى المرآة بكى؟ أنا ذلك الشخص، والغريب أن الناس يروننى خلوقا وطيبا ومحترما ورائع الأوصاف، بينما أرانى تافها ووضيعا ولا أستحق منهم هذا التقدير، وكل هذا بسبب العادة السرية.
أنا شاب فى الثلاثين، أمارس العادة السرية يوميا منذ سنوات لا أستطيع عدها، لا أذكر أنه مر يوم واحد من دون أن أمارسها، لكننى أذكر كثيرا من الأيام كنت أفعلها فى اليوم الواحد مرتين وثلاثا، بل وخمسا أحيانا، وفى كل مرة أنظر إلى حالى بعد الانتهاء منها مباشرة، وأحس كم أنا وضيع.
فى كل مرة أندم وأبكي، وأحيانا أضرب نفسي، ثم أقرر أننى لن أفعلها ثانية، لكننى بعد ساعات، أعود إليها.
أحيانا يستثيرنى جسد امرأة فى الشارع، أو مشهد عابر فى فيلم، أو صورة على فيسبوك، أو كلمة خادشة يقولها صديق بهزار، فأجدنى وقد توقدت لديّ الشهوة لممارسة الجنس، ولأنى لا أجده عمليا، ألجأ إلى المواقع الإباحية التى أدمنتها، ودائما ما ينتهى الموقف بى وقد مارست العادة السرية من جديد، ثم أبكى وأندم من جديد.
ألف مرة عاهدت الله أننى لن أعود إليها، وعدت، ألف مرة أحسست هذا الشعور المؤلم بالضعف والهوان والمذلة أمام شهوتي، حتى بت أفكر أننى شخصان لا واحد. أحدهما قبل الممارسة، والثانى بعدها.
علاقاتى العاطفية كلها فاشلة، فأغلبها حب من طرف واحد. فى الغالب لا أجد لديّ الجرأة لمصارحة فتاة بمشاعرى وجها لوجه، فأضطر للجوء إلى وسيط، أو إلى التواصل الإلكتروني، وفى كل الأحوال أجدنى متوترا ومرتبكا، وتفشل كل المحاولات، وغالبا ما تأتى الردود: أكيد هتلاقى اللى تستاهلك. إنت طيب وحنون، بس يا ريت خلينا أصحاب. إنت زى أخويا. وغيرها من كلمات المواساة والاعتذار.
كنت أحزن عندما أرى أصدقائى فى علاقات عاطفية، يتحدثون مع حبيباتهم عبر التليفون بمحبة، وأسمع ضحكاتهم، ويتواعدون، ويلتقون، ويعودون بقصص ومواقف مفرحة، بينما أنا وحيد، وحتى المرات التى خضت فيها علاقات من طرفين كانت تفشل، حتى بدأت أشعر أن العيب فى، أنا منبوذ وغير صالح لأى علاقة، وصرت أخاف من التعلق بأية فتاة، لأننى أرى النهاية حائطا مسدودا، مع العلم أننى لست كذلك بين أصدقائى الذكور، فأنا مرح وخفيف الدم، وكثيرا ما يلجأون إليّ لحل مشاكلهم، ولا أحد منهم يتصور أنى أعانى بهذا الشكل. كيف أتخلص من كل هذه الأعباء؟ ماذا أفعل؟.
الرد:
هى ليست مشكلتك وحدك يا صديقي، هى مشكلة جيل بأكمله. هناك إحصائية أكاديمية تقول إن ٩٥٪ من الشباب المصريين مارسوا العادة السرية مرة على الأقل، وكثير منهم يدمنها تماما. لكن لفت انتباهى هو النقاء الذى يبدو فى كلامك. فلو لم تكن روحك نقية ما أوجعها هذا الدنس.
فى العادة، ومع الفراغ العاطفى والنفسي، يهرب عقلك تلقائيا إلى التفكير فى ممارسة أشياء ممتعة: الأكل مثلا، الفسحة، لعب الكرة، «البلاى ستيشن»، القراءة، السينما، التأمل فى الفراغ، صنع مقالب فى أصدقائك، أية هواية تكفل لك الاستمتاع. العقل يفكر فى هذا، ثم يعود لفرز الاختيارات ويستبعد منها المتع الأكثر صعوبة، أو المكلفة.
ومن بين كل هذا، تبدو ممارسة العادة السرية هى الأقل كلفة وخطورة، والأكثر خطورة فى نفس الوقت، فيلحّ عليك لممارستها. ولهذا تجد نفسك لا تشتهيها إلا وأنت وحيد، ومحبط، ولديك متسع من الوقت لا تدرى ماذا تفعل فيه.
الحل من وجهة نظرى يتلخص فى ٣ خطوات:
أولها أن تحب نفسك، تقدرها، تحترمها أكثر من احترامك للناس. فلا تفعل فى السر ما تخجل أن تفعله فى العلن، لأن هذا يورثك إحساسا بالهوان والضعف والانكسار.
انظر لوجهك فى المرآة، وقرر أن تقدر نفسك، تكرمها، تترفع بها عن الصغائر، وجرب أن تحيى مروءتك، المروءة اللى تجعلك تقف لسيدة عجوز فى المترو لتجلس بدلا منك، هى نفسها التى تمنعك من أن تفعل ما تخجل أن يعرفه الناس عنك.
هم يرونك جميلا وطيبا ورائع الأخلاق، فلا ينبغى أن تكون هذا الشخص معهم، بينما أنت بينك وبين نفسك شخص آخر. عليك أن تنزه روحك وتصونها من هذه الازدواجية.
الخطوة الثانية: هات ورقة وقلم، أو افتح ريكوردر الموبايل، وسجل فضفضتك لنفسك، احكِ عن مشاكلك، همومك، مزاياك، عيوبك، هواجسك، أحلامك، أفكارك، بدون تحفظات من أى نوع، قل كل ما فى داخلك بوضوح وجرأة، ثم اسمعه بعدها. سيساعدك هذا على أن ترى ما فى داخلك، تكتشفه، تلمسه بوضوح، وسيجعلك هذا تتصالح مع نفسك، تحبها، وتصيران صديقين، وحينها ستجد أنك أقرب الناس لنفسك، وسيرتفع قدرها لديك، وتحب حياتك أكثر. وهذا ينقلنا للخطوة الثالثة.
عندما تتصالح مع نفسك، وتحب حياتك، عليك أن تبدأ بتجديد يومك، تعلم لغة جديدة، ابدأ كورسات فى مجال تخصصك، تدرب على رياضة تحبها، تعرف على أصدقاء جدد، وبادر أن تطلب منهم لتخرجوا معا. حدد لنفسك أهدافا واجتهد لتحقيقها.
لا تبالغ فى أهدافك، وترسم أحلاما أسطورية، فلسنا أبطال روايات، بل يكفى أن تضع أهدافا على المدى القصير، كأن تنجز مشوارا مؤجلا، تزور أشخاصا من عائلتك، تنتهى من قراءة كتاب. وبعدها اكتب أهدافا للمدى الأبعد قليلا، ثم الأبعد. اكتبها فى ورقة وعلقها فى غرفتك، لتعود إليها كل قليل وتراجعها، وتتأكد من أنك فى طريقك لإنجازها.
وعلى الهامش، حاول أن تدخل البهجة إلى قلوب من حولك، ولو بابتسامة جميلة، أو كلمة بسيطة، لا تتكاسل عن إرسال الرسائل إليهم، عن مشاعرك تجاههم، عن موقف جميل تتذكره لأحد منهم. واترك فى جيبك بعض الحلوى البسيطة للأطفال، وقدمها لأى طفل تصادفه فى الشارع. كل هذا سيملأ حياتك بمزيد من الأمل والتفاؤل والابتسامات، وسيكافئك الله عليك بكل جميل، سيرسل إليك نسائم الفرحة، وتحسها تملأ حياتك.
حينها اعرف أنك لم تفعل كل هذا لأجل أن يراك الناس جميلا، لكن لأن روحك فيها من الجمال ما يستحق الناس أن يروه، وما تستحق أنت أن تعيشه وتفرح به.