الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصطفى شردي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا صغارًا، سنًا ومقامًا، لكنه جعل كل واحد منا يشعر أنه أستاذ فى مهنة الصحافة، تراوحت أعمارنا بين العشرين والـ٢٥ عاما، هذه كانت كتيبة جريدة «الوفد» الصحفية فى منتصف الثمانينيات عندما أطلقها الكاتب الصحفى الراحل مصطفى شردى.
مصطفى شردى يظل استثناء لأبناء جيلى، فقد كان أستاذًا وأبًا لكل من تعامل معه، كانت أعمارنا صغيرة لكنه تعامل مع كل واحد منا بندية، يجتمع بنا ويأخذ الآراء ويوافق على أفكارنا.
عندما التحقت بجريدة «الوفد» عام ٨٥، كان قد مر على صدورها ما يقرب العام، لكنها حركت راكدًا فى الصحافة مهنة وقارئًا، إذا أردت أن تشترى نسختك من الصحيفة فعليك الاتفاق مع أحد بائعى الصحف لأن كل النسخ تنتهى من الأسواق فى التاسعة صباحًا.
كان رحمه الله مريضا بالقلب، لذا كان عليه السفر بشكل شبه دائم إلى أمريكا للعلاج، لكنه عندما يشعر بتحسن فى صحته، نجده فى الجريدة منذ الصباح الباكر، فى أحد اجتماعاتنا معه سألته، إذا كانت الصحيفة تنفد من الأسواق صباح كل خميس، فلماذا لا نزيد المطبوع؟ ابتسم وقال لى: «ابقى اسألهم فى الأهرام، لم أفهم مغزى إجابته، لكن عرفت فيما بعد أن أكبر رقم مطبوع للصحيفة هو ٩٥٠ ألف نسخة، وأن (شردى) عندما طلب طباعة مليون نسخة مع شهادة من مطابع الأهرام تفيد بذلك، فوجئ بالرفض وأن تعليمات عليا تمنع المطبعة من تنفيذ طلبه».
فى اجتماعات الراحل الكبير مع صحفيى الجريدة وهم شباب، كان ينصحنا بعدم النظر إلى الخلف ويضرب لنا مثالًا بسائق القطار الذى يقذفه الناس بالطوب، وأن هذا السائق إذا توقف فإنه سيتأخر عن موعد وصوله وربما لا يصل، وأنه لو بادل قاذفيه القذف بالطوب فالمؤكد أن رحلة القطار سوف تتعثر. ظل المثال السابق محفورا فى ذاكرتى حتى الآن وقد عملت به، فمهما جرت الأسافين ضد شخصى أو التقليل الدائم مما فعلته أو سأفعله، أو أجد هجوما غير مبرر، أستعن فورا بما قاله الراحل الكبير.
مصطفى شردى، لم يتحف مصر بصحيفة «الوفد» التى ولدت عملاقة وقتها، بل إنه أسس مع عدد من زملائه من الصحفيين المصريين جريدة «الاتحاد» بإمارة أبوظبى طيلة ١٠ سنوات، وعندما عزم فؤاد سراج الدين على إصدار صحيفة «الوفد» فإنه استعان برأى صديقه الكبير الأستاذ مصطفى أمين، وشاوره فى اختيار من يتولى رئاسة تحرير «الوفد».
لم يتردد مصطفى أمين فى اختيار اسم مصطفى شردى، والذى وافق عليه سراج الدين بلا تردد، أزعجت «الوفد» الحكومة فور صدورها، وكان وزير الداخلية الأسبق وقتها زكى بدر، يد الدولة الباطشة تجاه الوفد حزبا وصحيفة، وكان يتم حصار الصحيفة بسيارات الأمن المركزى لإرهابنا.
فجأة نجد «شردى» ينادى على المصور الصحفى الكبير عبدالوهاب السهيتى، ويطلب منه الصعود إلى سطح مقر الصحيفة (كان قصرا) ويلتقط الصور لسيارات الأمن المحاصرة لمقر الجريدة، ثم ينشرها شردى فى الصفحة الأولى بعناوين بارزة.. الحكومة تحاصر الوفد.
رحم الله الأستاذ مصطفى شردى.