عندما يغيب الحس السياسي عن المسئول تنشأ المشكلات والأزمات، لا سيما وقت اتخاذ القرارات المرتبطة بالأحوال المعيشية للمواطنين.. علاء الهراس، نائب محافظ الجيزة، نموذج حي لهذا المسئول، ففي الوقت الذى تحاول فيه مؤسسة الرئاسة التفاعل مع المواطن العادي والسعي في حل مشكلاته بما يحسن الظروف المعيشية، يقوم "الهراس" بحملات مُكبرة لإزالة "أكشاك" للمواطنين في شوارع محافظة الجيزة بالرغم من كونها "مُرخصة".
"الهراس" المُعين بقرار جمهوري، أصدره الرئيس السابق عدلي منصور في أبريل 2014، نائبًا لمحافظة الجيزة لشئون الأحياء، لا ينزعج من مُشكلات محافظة الجيزة كانتشار القمامة في أهم شوارعها، والصرف الصحي "الطافح" في بعض تلك الشوارع، وأيضًا الأبنية المخالفة للقانون التى لا تخفى عن أعُين الجميع، بقدر ما ينزعج من "صاحب كُشك مُرخص" يفرش "كرتونة شيبسي" و"ثلاجة حاجة ساقعة" أمام محل أكل عيشه، فيصل الأمر به لإصدار قرار بإزالة "الكُشك" عن بكرة أبيه، بسبب اعتبار الأمر تعديات على أملاك الدولة، والتي تُعتبر "طبيعية" بالنسبة لمسئولين الأحياء في ربوع مصر، بأنها ديكور.
ولكونه "شديد المعاملة" مع مسئولي الأحياء، لدرجة تصل بمناداتهم عبر جهاز اللاسلكي بأنهم "نايمين"، فإنه يوميًا يقوم هؤلاء المسئولين بإخلاء شوارع الجيزة من المخالفات الطبيعية، والتي يعتبرها "الهراس" مُخالفات جسيمة يرتكبها الباعة المُرخص لهم بالعمل في تلك الشوارع، سواء أكشاك أو محلات، بداية من نفق الهرم أو شارع مُراد ووصولًا بمنطقة المنيل، خط سير "الهراس" للعمل يوميًا، حتى إن ترتيبات وصوله للعمل تفوق محافظ الجيزة نفسه.
لم ينظر "الهراس" بعين الرأفة لـ"الباعة" القاطنين بمحيط ميدان الجيزة، حيث إن أغلبهم أو جميعهم، منذ سنوات، رفض حل "السوق الحضاري"، الذي تم إنشاؤه بجوار دائري المنيب بالجيزة، كبديل لوجودهم في ميدان الجيزة، إلى أن قرر حي جنوب الجيزة توزيع أكشاك لهم بـ"أرقام" في محيط الميدان، غير أن أغلبها ذهبت لمن لا يستحق بسبب "الواسطة"، فأطلق البائعين على "الهراس" لقب؛ "الرجل اللي بيجي على الغلابة".
ربما كانت "المعاملة الشديدة" أيضًا لـ"الهراس" هي السبب الرئيسي لعدم استمرار أي رئيس لحي جنوب الجيزة أكثر من ثلاثة أشهر، فخلال فترة ترأس "الهراس" شئون الأحياء، تولى تيسير عبدالفتاح رئاسة حي جنوب الجيزة، ثم خَلَفه اللواء إبراهيم، ثم جمال خميس، إلى أن تولى رئيس جديد لحي جنوب الجيزة خلال الشهور الماضية، وبالنظر إلى كون "الهراس" كان رئيسًا لحي العرب ببورسعيد ورئيسا لمدينة حلوان وبعدها سكرتيرا عاما مساعدا لمحافظة المنيا ثم سكرتيرا عاما لمحافظة الأقصر، فإنه يمكنك القول بأنه لم يستطع استخدام كل تلك الخبرات في أن "يعيش له مسئول".
