الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

رفعت السعيد كشف مخططاتهم في "التيارات السياسية في مصر".. القتل شريعة الإخوان

 الدكتور رفعت السعيد
الدكتور رفعت السعيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مر التاريخ المصرى.. لا أحد مثل الدكتور رفعت السعيد كشف حقيقة الإخوان، وبرهن بالأدلة والوقائع دمويتهم وسياستهم القائمة على العنف والقتل والتدمير.. كتب العديد من المؤلفات عن تاريخهم، وألقى الكثير من المحاضرات حول منهجهم، وكان له فضل صك مصطلح «التأسلم السياسى» وكتب فى ذلك بحثًا لغويًا وفقهيًا فى غاية الأهمية.. وتحية من «البوابة» إلى روح فقيد الوطن ننشر سطورًا من فيض كبير أورده فى كتابه بعنوان «التيارات السياسية فى مصر».
عندما قلنا إن الإرهاب يبدأ فكرًا لم نكن نرجم بالغيب أو نطرح رأيًا بلا أدلة أو قرائن، فالحقيقة الثابتة أن العنف هو النتيجة المفترضة للخلط المتعمد بين الدين والفكر الديني.
والبذرة الخبيثة للعنف موجودة منذ البدايات الأولى للجماعة، فعندما أصدرت جماعة الإخوان مجلتها النذير، تعجل الشيخ عبدالرحمن الساعاتى «والد المرشد العام حسن البنا»، فى أن يجعلها نذيرًا للجميع فكتب فى عددها الأول مقالًا عنوانه «استعدوا يا جنود» يقول فيه «استعدوا يا جنود، وليأخذ كل منكم أهبته، ويعد سلاحه، ولا يلتفت منكم أحد، امضوا إلى حيث تؤمرون»، ثم يقول: «استعدوا يا جنود - فكثير من أبناء هذا الشعب فى آذانهم وقر، وفى عيونهم عمى».
والعنف هنا مقصود لذاته بل هو السبيل الوحيد، فحسن البنا يقول: «وما كانت القوة إلا كالدواء المُر الذى تحمل عليه الإنسانية العابثة المتهالكة حملًا ليرد جماحها ويكسر جبروتها وطغيانها، هكذا كانت نظرية السيف فى الإسلام. لم يكن السيف فى يد المسلم إلا كالمشرط فى يد الجراح لحسم الداء الاجتماعي»
بل إنهم يعتبرون - وحتى أكثرهم اعتدالًا - أن «القتل» سلاح فى العمل السياسى يمكن لآحاد الناس أن يوقعه متى اعتقد أنه يقيم الحد.. ويسأل الشيخ محمد الغزالى «أحد أكثر الإخوانيين اعتدالًا» فى شهادته أمام المحكمة التى حاكمت قاتل «د. فرج فودة» ويجيب عبر الحوار التالي:
س – من الذى يملك إقامة الحد؟
ج – المفروض أن جهاز القضاء هو الذى يقوم بهذه المهمة..
س – هل يبقى الحد على أصله من وجوب إقامته؟
ج – حكم الله لا يلغيه أحد، والحد واجب الإيقاع.
س- ماذا لو أوقعه فرد من آحاد الناس؟
ج- يعتبر مفتئتًا على السلطة، أدى ما ينبغى أن تقوم به السلطة.
س- هل هناك عقوبة للافتئات على السلطة؟
ج- لا أذكر أية عقوبة فى الإسلام
يقول هذا بقلب بارد، لأن فرج فودة بالنسبة له هو النقيض.. العدو، ناسيًا الحديث الشريف «لا يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا» «أخرجه البخاري».
وناسيًا رواية المقداد بن الأسود رضى الله عنه إذ قال: «قلت يا رسول الله: أرايت إذ لقيت رجلًا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدى بالسيف ثم لاذ منى بشجرة وقال: أسلمت لله، أأقتله بعد أن قالها؟، فقال رسول الله: لا تقتله، فقلت: إنه قطع إحدى يدى ثم قال ذلك؟، فقال النبي: لا تقتله، فإن قتلته كنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته.. أى مباح الدم» «أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود».
وكان فرج فودة يعارضهم بقلمه.. مجرد القلم ولم يقطع لهم يدًا ولا إصبعًا، وكان فى كل يوم يقر بإسلامه، وبتمسكه بالإسلام.
ونسى فضيلة الشيخ المعتدل قول أحمد بن حنبل «ومرتكب الكبيرة ليس بكافر، ولا هو فى منزلة بين منزلتى الكفر والإيمان، كما أنه ليس معفوًا عنه، وإنما عليه أن يتوب، وأمره إلى الله، فإن زعم أحد أنه كافر فقد زعم أن آدم كافر، وأن إخوة يوسف حين كذبوا أباهم كفار. والحاصل أنه لا يكفر أحد من أهل التوحيد، وإن عمل الكبائر».
ولسنا نعتقد أن فرج فودة بانتقاده لأفكار هؤلاء المتأسلمين قد ارتكب كبيرة أو صغيرة، بل لعله كان الأقرب إلى صحيح الإسلام، فإذا كانت هذه فتوى الأكثر اعتدالًا.. فإن الأعضاء الآخرين كانوا أكثر صراحة.. وربما أكثر عنفًا.
وما من مجال لسرد كل الدعاوى الإخوانية التى تقرر أن العنف والإرهاب هو أساس الدعوة.. وجوهرها، فلقد يحتاج الأمر إلى مجلدات.. فقط أدعو القارئ إلى قراءة الكتب الآتية، التى أصدرها قادة بارزون من الجماعة، بل لعلهم كانوا أبرز القادة الفعليين، فهم قادة الجهاز السرى الذى كرس الإرهاب المتأسلم فى مصر.
أحمد عادل كمال - النقط فوق الحروف. ويقول فيه: جماعة دون عنف يحميها.. تهريج.
صلاح شادى - حصاد العمر «ويورد مئات الوقائع عن ارتكاب أعمال إرهابية».
عبدالمنعم عبدالرؤوف - «أرغمت فاروق على التنازل عن العرش، وفيه يؤكد أن الإخوان هم الذين حاولوا اغتيال عبدالناصر فى حادث المنشية ويورد تفاصيل الترتيبات».
محمود عبدالحليم - الإخوان المسلمون، أحداث صنعت التاريخ «وفيه يؤكد أن رئيس الجهاز السرى للإخوان عبدالرحمن السندى هو الذى دبر قتل نائبه سيد فايز، ويقول: «وقد ثبت ثبوتًا قاطعًا أن هذه الجريمة الأثيمة كانت بتدبير السندي».
وإذ يطالع القارئ هذه الكتب أو حتى واحدًا منها سيجد فيضًا من المعلومات والأدلة والاعترافات والاتهامات المتبادلة.. تكفى وتزيد لإقناعه بأن جماعة الإخوان كانت المصدر الأساسى للإرهاب المتأسلم فى العصر الحديث.
ولكن ليأذن لى القارئ أن نتوقف أمام كاتب إخوانى من قادة الجهاز السري، نتوقف أمامه لأنه الأصرح والأوضح.. وربما الأفدح، إنه الأستاذ محمود الصباغ، ونقرأ: يبدأ عضو الجهاز الخاص بالبيعة «يدخل إلى حجرة مطفأة الأنوار، ويجلس على بساط فى مواجهة أخ فى الإسلام مغطى جسده تمامًا من قمة رأسه إلى أخمص قدمه برداء أبيض، ثم يخرج من جانبه مسدسًا ويطلب من المبايع أن يتحسسه، وأن يتحسس المصحف الشريف، ثم يقول له: فإن خنت العهد أو أفشيت السر، فسوف يؤدى ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير».
ما معنى «إخلاء سبيل الجماعة منك؟» تأتى الإجابة فى صفحة أخرى عندما يورد الأخ الصباغ نصوص لائحة الجهاز الخاص «الجهاز السرى لجماعة الإخوان» م١٣: «إن أية خيانة، أو إفشاء سر بحسن قصد، أو بسوء قصد يعرض صاحبه للإعدام وإخلاء سبيل الجماعة منه، مهما كانت منزلته، ومهما تحصن بالوسائل، واعتصم بالأسباب التى يراها كفيلة له بالحياة».
بل إنه يعطى لنفسه ولزملائه الحق فى القتل المباشر دون إذن من القيادة «إن أعضاء الجهاز يمتلكون - دون إذن أحد - الحق فى اغتيال من يشاؤون من خصومهم السياسيين، فكلهم قارئ لسنة رسول الله فى إباحة اغتيال أعداء الله». فقط نلاحظ أن «خصومهم السياسيين» هم أعداء الله ويباح اغتيالهم.
بل إن الأستاذ الصباغ يغالى فيقول: «إن قتل أعداء الله «أى الخصوم السياسيين للجماعة» هو من شرائع الإسلام، ومن خدع الحرب فيها أن يسب المجاهد المسلمين، وأن يضلل عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه فيقتله»
.. فقط يبقى أن نشير إلى أن الأستاذ مصطفى مشهور مرشد الجماعة «السابق» هو صاحب مقدمة هذا الكتاب.
وما دمنا فى إطار الحديث عن لائحة الجهاز الخاص وعن أساليبه، فلنطالع بعضًا من أوراقه، التى تم ضبطها فى القضية الشهيرة المسماة «قضية سيارة الجيب»، وقد أوردها الأستاذ عصام حسونة، الذى كان وكيل النيابة المحقق، فى كتاب له.
فورقة تعليمات صادرة من قيادة الجهاز لأعضائه تقول: «إن كل من يحاول مناوأتهم أو الوقوف فى سبيلهم مهدر دمه، وإن قاتله مثاب على فعله» و«إن من سياساتنا أن الإسلام يتجاوز عن قتل المسلمين إذا كان فى ذلك مصلحة» و.. «إن من السياسيين من يجب استئصاله وتطهير البلاد منه، فإن لم توجد سلطة شرعية تصدهم، فليتول ذلك من وضعوا أنفسهم للإسلام جنودًا، وأن الإسلام يتجاوز عن احتمال قتل المسلمين إذا كان فى ذلك مصلحة».
ومن أشكال العنف.. «الفتوى»، فالمفتى من أعضاء الجماعة يضع السم فى الشراب ويترك الآخرين ليتجرعوه، وكمثال نورد الفتوى التالية التى كانت سببًا فى موجة للاعتداء على الكنائس وإحراقها.
فى مجلة الدعوة «لسان حال الجماعة» وردت الفتوى التالية التى أفتى بها مفتى المجلة الشيخ محمد عبدالله الخطيب حول حكم بناء الكنائس فى ديار الإسلام.
«حكم بناء الكنائس فى ديار الإسلام على ثلاثة أقسام:
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادى والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة.
والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا، فهذه أيضًا لا يجوز بناء هذه الأشياء «لاحظ كلمة هذه الأشياء» فيها، وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها بلاد مملوكة للمسلمين.
والثالث: ما فتح صلحًا بين المسلمين وبين سكانها، والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ما هى عليه فى وقت الفتح، ومنع بناء وإعادة ما هدم منها، وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة فى دار الإسلام».
هذا هو الفكر الإخواني، ولسنا نريد الخوض فى تفنيد هذا الرأى وتخطئته شرعيًا، وعبر الممارسات الإسلامية على مدى التاريخ من عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وحتى الآن.. وإنما فقط نشير إلى أن فتوى كهذه كانت أساسًا لأن يقوم بعض الصبية الذين صدقوها والتزموا بها بالتعدى على الكنائس ومحاولة إحراقها.
ولعل هذا يقودنا.. إلى فكرة طالما نادينا بها، وهي: أن الإرهاب يبدأ فكرًا.
وتلك قضية تحتاج بحثًا مستقلًا
من كتاب التيارات السياسية فى مصر