الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رفعت السعيد الذي أعرفه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعرف أن الدكتور رفعت السعيد بعد قراءته لهذا الملف الذى نودعه فيه وهذا المقال الذى أبكيه فيه.. سوف يشير بيده غاضبا ومحذرا لنا بألا نضيع وقتنا فى الرثاء وأن نواصل عملنا دفاعًا عن ثوابت حزب التجمع من أجل بناء دولة مدنية، السعيد الذى شرفت بالعمل إلى جواره ما يقرب من ثلاثين عامًا لا يعرف إلا الجدية والاجتهاد، المثابرة والعزيمة والعناد، هو من القلائل الذين امتلكوا شجاعة الربط بين الفكرة وبين السياسة وهو الأمر الذى أثار ضده موجات تلو موجات من الانتقاد.
لم يقبل الازدواجية والعمل بمنهجين واحد على الطاولة والشاشات لاسترضاء أبناء الخندق الواحد ومنهج تحت الطاولة لصيانة الحزب والحفاظ على تقدمه، لذلك أبدع فكرة التناقض المتداخل بل وكتب شرحًا وافيا عنها فى كتاب كامل.
هو المتهم الأول فى انتفاضة يناير ١٩٧٧ صاحب البرقية التى مثل إثباتها حرزا ضده، تلك البرقية التى وجهها لكوادرنا بكل المحافظات تدعوهم للثورة ضد السادات.. وهو أيضًا القائد ذو الخلق الرفيع الذى يتباهى بأنه التلميذ النجيب لخالد محيى الدين.
هو يحترم الوثائق ويعرف أن التعب فى الكتابة هو الأبقى ولكننى مضطر للكتابة التى لا تروق لرفعت السعيد لأن التجربة شخصية وحدثت معى.
وأذكرك يا دكتور رفعت بأننى كثيرا ما أغضبتك ومثلا عندما كان قادة الأحزاب يتقدمون مسيرة بشارع طلعت بداية التسعينيات وكانت تهدف الوصول إلى قصر عابدين للاحتجاج على ضرب العراق.. يومها اصطدم الأمن بنا أمام مقر الحزب الناصرى الأمن الغشوم الذى حاصر قامات بحجم خالد محيى الدين، ومحمود أمين العالم، وضياء الدين داود وإبراهيم شكري، يومها وبهدوء أشرت لى بأن أبدأ الهتاف وكانت الصرخة الأولى فى الشوارع بعد صمت طويل ارتبك الأمن واحتشدت الناس وغادر القادة المكان ليتواصل الهتاف دون سقف.. كلهم غادروا لكى تعلو الصرخة إلا أنت وقفت على ناصية شارع هدى شعراوى تنتظرنى وتؤمن عودتى لمقر الحزب سالما بعد أن أبلغك صديقنا إسماعيل مناع، أنه استمع لإشارة على لاسلكى لضابط مفادها ضرورة إنهاء الوقفة الاحتجاجية بالقبض على ذلك الشاب الذى يهتف، وضعت يدك على كتفى وعدنا مشيا إلى مقر حزبنا، ومن يومها يادكتور رفعت وأنا أعرف تمامًا جوهرك الأصيل ما زالت يدك على كتفى بعد كل هذا العمر تحرسنى وإن أزعجتك. حتى صدمنى خبر مغادرتك الحياة شامخا، فكيف غادرت وأنا مغترب وكيف سيكون العزاء لأجيال تتلمذت على يديك.
ليس لى أن أقول من البعد: سلام مؤقت حتى نلتقى..