السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حوار دون تحضير مصيره الفشل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بئر الفساد فى مصر عميقة وتكاد أن تكون من دون حاجز، ونفق الفساد طويل ويكاد أن يكون دون نهاية.
وأكبر تحدٍ لإغلاق هذه البئر والوصول إلى وأد نهاية النفق أم أن مكافحة الفساد مقتصرة على صغار الموظفين.
حتى اليوم النيات جيدة والعزم أكيد، ولكننا نتساءل بمناسبة الحوار المجتمعى الذى بدأه رئيس الوزراء شريف إسماعيل مع النقابات المهنية على مدى اليومين الماضيين دون تحضير، وبدورنا نتساءل: هل هناك رؤية كاملة لهذا الحوار والهدف منه وخطة تنفيذه أم أن الأمر يقتصر على سماع الشكاوى وتبادل الكلمات المنمقة.
الكل يعرف أن للحوار أصولا ومقومات، منها أن يكون له برنامج محدد تطرح من خلاله كافة القضايا وفى مقدمتها قضية الفساد بمعناها الشامل «الإرهاب – الرشاوى – العمولات – الاستغلال – الاحتكار – التلاعب فى الأسعار»، فالفساد بمعناه الشامل ما كان ليعيش لو لم يكن هناك من يحميه، الفساد فى الإدارات الحكومية يجد من يحميه ويدافع عنه، وإلا ما استمر، كذلك الإرهاب هناك من يحميه ويموله مثل قطر وغيرها، كما أن الإرهاب الأسود يقول إنه محمى ولا أحد يقترب منه، الأمر نفسه بالنسبة لبعض التجار يرفعون الأسعار ولا يستطيع أحد الاقتراب منهم.
إن الدوائر العقارية فيها من تهريب الكثير من الأموال التى تضيع على خزينة الدولة ما يجعل هذا الملف فضائح متنقلة، مما يجعل الكلام فى مكافحة الفساد لا يجدى، ولم يعد الكلام المنمق ينفع لشراء التفاؤل؛ فالناس والبلد لا تتكلم إلا فى الهموم والغيوم المتمثلة فى فواتير الكهرباء والمياه ومصاريف المدارس وارتفاع أسعار لحوم عيد الأضحى وفواتير التليفونات وكرة القدم.
البلد والناس يحتاجون إلى زرع الأمل وبث روح التفاؤل وطرح رؤيا جديدة وشاملة لكل شىء تنتهى بحلول لكافة مشكلات المجتمع بتوقيتات محددة ومدروسة.
وهذه الرؤيا تحدد ملامح المرحلة القادمة، وما تم إنجازه وما سيتم إنجازه خلال الفترة المقبلة، بجانب إيجاد آليات لتخفيف المعاناة المعيشية على الناس... لا تصدقوا مقولة «الناس معاها فلوس» على أساس ما يتم صرفه من أموال فى الساحل الشمالى والمنتجعات، أو شراء الفيلات والقصور، وللعلم أن هؤلا الأغنياء لا يتجاوز عددهم الخمسة ملايين على الأكثر، لكن أغلبية الناس من متوسطى الحياة أو فقراء بعد أن تجاوز عدد المصريين ٩٠ مليونا.
يبرز فى السياق نفسه، قبل الرؤيا الشاملة لا بد من توحيد كل جهود الناس فى مكافحة الإرهاب بكل صوره، ولا تكون مهزلة قطار الإسكندرية الذى راح ضحيته ٤٢ شهيدا بعيدة عن هذا الإطار؛ لأن التراخى والتكاسل والإهمال فى المجتمع المصرى فاق حده بشكل كبير، حتى إنه بات يشمل خطورة كبيرة على كل إجراءات الإصلاح والدولة المصرية كلها، كذلك لا بد من توحيد كل القوى الشعبية والسياسية، التى خرجت فى ٣٠ يونيو، وأنهت حكم الإخوان وأصرت على ترشيح عبدالفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، وطالبته بإنهاء الإرهاب بمعناه الشامل والواسع؛ لأنه المعوق الأساسى لأى تنمية أو تقدم، إذا كان الحوار المجتمعى سيتطرق إلى رؤية جديدة وشاملة للمرحلة المقبلة؛ فهذا يعنى أن الأيام المقبلة ستتحول إلى أيام حقيقية فى صالح الناس والوطن، إن الذين وقفوا ضد الإخوان وتحملوا كل المصاعب وضيق العيش فى سبيل إنهاء حكمهم ورفضوا كل إغراءاتهم تحقيقا لمصلحة الوطن، وحفاظا على الدولة المصرية هم المخلصون الذين يجب أن يكونوا فى الصفوف الأولى للدفاع عن الوطن وتنفيذ الرؤية الجديدة. 
وقبل كل هذا لا بد أن يستوعب الجميع الدرس الذى يرسله المصريون كل يوم للحكومة وللسياسيين والنقابات ورجال الأحزاب وهو الاتفاق.
فالاتفاق أقل فى الحروف من الخلاف ـــ الاتفاق يعطى الجميع ـــ الخلاف يأخذ من الجميع ـــ الاتفاق يجعل عضوية الحكومة متعة ونعمة ـــ الخلاف يجعل عضوية الحكومة نقمة.
الاتفاق يريح الناس ـــ الخلاف يكبد الناس خسائر كبيرة 
إضافة إلى ذلك لا أحد يفرض رأيه على أحد ولا شخص يستأثر بالقرار لهذا المعنى هناك ملفات ساخنة، تم طرحها خلال الأيام الماضية، منها الخلاف حول تعديل الدستور مد فترة الرئاسة من ٤ إلى ٦ سنوات، والحوار المجتمعى الذى بدأه رئيس الوزراء دون تجهيز أو رؤيا كارثة السكة الحديد بمعناها الواسع وإنقاذ أرواح الناس.
الجميع يستشعرون بدقة الأوضاع وخطورتها، خصوصا أننا نعيش فى منطقة محفوفة بالبراكين التى تقذف حممها الحارقة، ومع ذلك تبقى مصر فى منأى من هذه الحمم بفضل جيشها وصلابة ووحدة شعبها، وهذا يعجل بطرح الرؤيا الكاملة أو حتى ورقة سياسية تحدد معالم السنوات المقبلة ببرنامج محدد يعرف الناس من خلاله ما لهم وما عليهم. أيها المسئولون عليكم أن تعيدوا مصر إلى ما أراد الله لها بيت للصلاة، ولم تكن أبدا مغارة للفساد.. أعيدوا البريق إلى عيون الأطفال والأمل للمستقبل.. أعيدوا أحلام الوطن للوطن.