الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف نخرج من وضعنا الاقتصادي المقلق؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن هناك عوامل تدعوا للقلق ولا تخفى على أحد عند أى قراءة محايدة للبيانات التى صدرت مؤخرًا عن الوضع الاقتصادى المصرى وتتلخص هذه العوامل فى النقاط التالية:
١- تجاوز نسبة الدين العام للناتج المحلى ١٣٥٪‏، وهو من أعلى المعدلات العالمية، فى حين أن المتوسط الآمن هو ٧٠٪‏ وحد الخطورة هو ١٠٠٪‏، أى أننا تجاوزنا حد الخطورة واقتربنا من ضعف المعدل الآمن.
٢- تجاوز الدين المحلى لـ٣ تريليون جنيه والدين الخارجى لـ٧٣ مليار دولار وهو أكثر من ضعف الدين المحلى والخارجى فى ٢٠١٣، أى أن معدل اقتراضنا فى ٤ سنوات فقط تجاوز معدل اقتراضنا التراكمى منذ الخديوى إسماعيل وحتى ٢٠١٣. 
٣- الدين الخارجى ارتفع من ١٨٪‏ من الناتج المحلى العام الماضى إلى ٤١٪‏ هذا العام وهو معدل زيادة مرعب ويبشر بكارثة إن استمر على هذا المنوال.
٤- معدلات عجز موازنة ما زالت قياسية وتتزايد، مما يعنى إضافة ما يزيد على ٤٠٠ مليار جنيه وتتزايد سنويا، للدين العام بسبب عجز الموازنة.
٥- القرارات الاقتصادية الصعبة التى أدت إلى معدلات تضخم غير مسبوقة (٣٥٪‏)، كانت تهدف إلى استقرار العملة وتهيئة المناخ، أملًا فى جذب استثمارات خارجية كبيرة، ولكن لم تزد الاستثمارات الخارجية كما كان متوقعا بل قلت بنسبة ١٧٪‏ بنهاية مارس ٢٠١٧ مقارنة بعام ٢٠١٦، وهو مؤشر خطير ويدل على أن جذب الاستثمارات الخارجية ما زال متوقفًا على ما هو أبعد من القرارات المالية والاقتصادية.
٦- أغلب الاستدانة ذهبت فى مشروعات ذات عائد طويل المدى أو غير ذات عائد، أو سدا لعجز الموازنة، مما يعنى أن الاستدانة الكبيرة التى حدثت لا يتوقع أن تأتى بعوائد مستقبلية قريبة وأن عبء سداد هذه الديون الجديدة سيقع على الموازنة، المثقلة أصلًا.
٧- ارتفاع نسبة خدمة الدين (الفوائد + سداد الأقساط) فى الموازنة القادمة لتزيد على ٥٠٪‏ نتيجة ارتفاع الدين الكلى بعد أن كانت ٢٥٪‏ منذ ٥ سنوات، أى أن نصف الإنفاق العام يذهب لخدمة الديون. 
٨- ارتفاع معدلات الفقر بنسبة تزيد على ٣٠٪‏ فى السنوات الثلاث الأخيرة وهى زيادة كبيرة وتضرب فى شريحة كبيرة من المجتمع.
يتضح مما سبق أن هذا الوضع من الاستدانة المفرطة، هو نتيجة متوقعة للانخفاض الحاد فى موارد الدولة فى السنوات الأربع الماضية، فعلى سبيل المثال لم نستطع حتى الآن أن نعود بالسياحة والصادرات والاستثمارات الخارجية إلى معدلاتها الطبيعية قبل ٤ أو ٥ سنوات وفى المقابل زادت أيضًا المصروفات زيادات كبيرة، مما جعل هذه الاستدانة الكبيرة التى حدثت أمرًا حتميًا لسد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات.
وفى رأيى أن تكاتف الجميع الآن أصبح لا غنى عنه للخروج من الأزمة وأن الأزمة لا تقتصر فقط على الشق الاقتصادى ومن السذاجة أيضًا أن نفصلها عن الشق السياسى، ومن وجهة نظرى أن الخروج منها يتطلب أن نعترف أنه لا تزال هناك قوى ممانعة كبيرة داخل المجتمع لأى خطوات تتخذها الحكومة سواء كانت خطوات سليمة أو غير سليمة مما يزيد من مناخ عدم الثقة، وأن هذه القوى تزداد تأثيرًا كل يوم، مع تردى الأحوال الاقتصادية، ولكى نرسم طريقا للخروج الآمن من هذا الوضع الصعب فيجب أن نصارح أنفسنا بالحقيقة التى نخشاها، وهى أن العالم ما زال ينظر إلينا نظرة الدولة غير المستقرة سياسيًا نتيجة لذلك، كما أن شريحة كبيرة من رجال الأعمال ما زالت لديها نظرة تشاؤمية وشعور بعدم الأمان، حتى وإن أبدت غير ذلك خوفًا على مصالحها.. وتغيير هذه النظرة يتطلب تغييرا سياسيا كبيرا، يشتمل على إعادة الثقة فى العملية الديمقراطية وفى آليات تطبيق العدالة، كما يتطلب سياسات داخلية وخطابًا إعلاميًا أقل توجيهًا وأكثر تسامحًا وتصالحًا واحتواءً مع مكونات المجتمع المختلفة.