اندثرت مهنة «السقا» كما اختفى «السبيل أو الأسبلة»، وبات كلاهما فى طى النسيان، ولا يأتى ذكرهما إلا فى الأساطير أو الحكايات، فيما خُلدوا بحروف فوق بعض السطور فى دفاتر التاريخ، ولكن الآثار المصرية بحاجة إلى أياد تبذل مزيدا من الجهد للحفاظ على شموخها فى مواجهة التطور والحداثة، أياد ذات وجهين، الأول بقبضة حديدية تبطش يدى الإهمال، والآخر ذا لمحة فنية معمارية تحنو على الجدران وتدعم صلابتها.
و«السقا» لمن لا يعرفه هو من كان ينقل المياه من الآبار أو الأنهار أو الخزانات أو الأسبلة إلى المنازل والمساجد، والسبيل هو وقف للماء أقامه المسلمون فى العصور الوسطى، وكان يبنى بجوار المساجد، لتقديم المياه للمارة وعابرى السبيل، وسطع نجم «السقا» فى العصر الفاطمى بقاهرة المعز، حين شُيد سبيل وكُتاب «خسرو باشا» فى شارع المعز لدين الله أمام مجموعة السلطان قلاوون، ويعتبر أقدم الأسبلة العثمانية الباقية بمدينة القاهرة.
ويعود إنشاء هذا السبيل فى العصر العثمانى سنة ٩٤٢ هـ ١٥٣٥ مـ، ويحمل سبيل خسرو رقم أثر ٥٢ ضمن آثار حى وسط القاهرة المدرجة تحت آثار العصر التركى ومحمد على باشا للعام ٩٢٣ هـ حتى ١٢٦٥ هـ والعام ١٥١٧ مـ حتى ١٥١٧ مـ، والتى تدخل مرحلة الترميم فى الفترة المقبلة.