الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ملاحظات على مدونة السلوك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى اجتماعها المنعقد فى ٥ أغسطس الجارى مع رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية، أوصت الهيئة الوطنية للصحافة ضمن ما عرف بمدونة سلوك حول أخلاقيات النشر فى قضايا الإرهاب والتطرف، بـ «عدم الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي، الفيس بوك نموذجا، كمصادر للنشر باعتبارها قد أصبحت فضاء خصبا تتسلل إليه التنظيمات والجماعات الإرهابية لعولمة أنشطتها الدامية، والتسويق لأيديولوجياتها التى تستهدف نشر الرعب والخوف بين المواطنين». 
وأوصى البيان أيضا «بأن يكون المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف هو المصدر الأساسى لوسائل الإعلام، سواء فيما يقدمه من معلومات أو باستضافة أعضائه بوسائل الإعلام، ترشيدا للظهور العشوائى لأشخاص قد يسيئون عرض هذه القضايا أو عدم تداولها بالشكل الصحيح».
كما طالب المشاركون الأجهزة الأمنية بتقديم المعلومات والحقائق لوسائل الإعلام، «بحيث تتولى الأجهزة الإعلامية إخراجها بشكل مناسب وتقديمها للجمهور».
وبرغم ظاهر الأهداف النبيلة التى يقدمها بيان الهيئة، غير أنه يثير العديد من الملاحظات والتساؤلات، بداية، بقصر الدعوة على مسئولى وقيادات الصحف القومية فقط دون غيرها من الصحف الخاصة والحزبية وحتى المواقع الإلكترونية والبوابات الإخبارية، وكأن الصحف القومية هى وحدها المعنية بمراعاة أخلاقيات النشر فى قضايا الإرهاب والتطرف، أو أنها هى صاحبة التأثير الأكبر على القراء والرأى العام، ومن ثم فلا داعى لدعوة آخرين. 
قد يجد البعض عذرا دستوريا وقانونيا للهيئة الوطنية للصحافة، بحكم مسئوليتها عن الصحف القومية فقط، ومن ثم لا تملك سلطة دعوة مسئولى وقيادات التحرير فى الصحف الأخرى، ولا تملك مساءلتهم أيضا حال عدم الالتزام بهذه البنود، وهو عذر مردود عليه بأن القائمين على هذه الصحف والمواقع الإلكترونية هم مثل نظرائهم فى الصحف القومية، مصريون وطنيون، لديهم كل الحرص على أمن هذا الوطن واستقراره، وفى تصورى لم يكن ليمانعوا بأى شكل من الأشكال فى المشاركة فى هذا الاجتماع، وصياغة مدونة السلوك، والالتزام بها ولو أدبيا، إذا راعت ووازنت بين حق الدولة وحق المواطن فى المعرفة. وفى المقابل، فإن عدم دعوتهم يفتح باب الانقسام الصحفى فى قضية خطيرة تحتاج ليس من الصحافة أو الإعلام فقط، ولكن من الشعب المصرى كله، التوحد والتماسك فى مواجهتها. 
الملاحظة الثانية اللافتة للانتباه، وقد نجد فيها بعض التفسير لقصر الدعوة على مسئولى الصحف القومية وحدها، هى ما يتعلق باعتبار أعضاء المجلس الأعلى لمكافحة التطرف، هم المنوطون، بشكل أساسي، بتقديم المعلومات والتحليلات المعنية بقضايا الإرهاب والتطرف، الأمر الذى يعنى حجرا معلوماتيا من قبل الهيئة الوطنية للصحافة، وإخلالا بمبدأ حرية تداول المعلومات وحق المواطن فى المعرفة الكاملة من جميع مصادرها المعنية، بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر فى هذه الحالة، لأن الاختلاف هنا، قد يفيد ولا يضر.
صحيح أن الهيئة أوصت بأن يكون أعضاء المجلس هم المصدر الأساسى وليس الوحيد، ولكن واقع الحال، والممارسة المهنية، سيحولان الأمر إلى احتكار معلوماتى من قبل مجموعة بعينها تتلقى المعلومات، ثم تتولى هى توصيلها وتحليلها، مع عدم السماح لوجهات نظر أخرى بالحضور فى الصحف القومية، الأمر الذى سيحولها إلى ممارسة دورها المعتاد فى نقل وجهة نظر الرسمية فقط، ويفقدها مصداقية وثقة هى فى أمس الحاجة إليهما فى هذه الفترة.