يصمت كثيرا.. لكن كل خطوة من سعيه تثبت أنه يدرك أكثر من كل المتشدقين "أين تقع مصر في خريطة الدول الآن"، يهادن ويصافح ويردع ويوضح ويتخذ قرارات مصيرية.. كجراح لا ينشغل بتأوهات المريض بقدر ما يهمه نجاح العملية وإتمام الشفاء..
"السيسي" كان وما زال تميمة الحظ للمصريين، التي رفعوها على صدورهم خشية الخراب والدمار للبلاد، تلك التميمة التي ظلت عالقة في قلوبهم رغم كل العواصف العاتية التي مرت خلال السنوات الماضية.. ولأن الكل ليس سواء.. فالبعض يختلف وينتقد لكن التمائم تظل على الصدور هكذا يعرف المصريون مثل تلك الأمور بفطرتهم.
كملك من ملوك الأسر الفرعونية يدرك قداسة النيل، ويعرف حجم الجفاء الذي طال العلاقة بين مصر وحبيبها "النيل"، كما يدرك أن هذا الإله الذي عبده المصريون في زمن ما جاء غيرهم واستعبدوه، حتى استكثرت عليهم بعض الدول أن يجري هذا الرب في أرض الكنانة، فدبت وخططت لتعرقل نبض هذا الشريان، ولكن الأمر لم يكن محل نقاش منذ الوهلة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث قال "لا مساس".. جرت المفاوضات واللقاءات لكن النيل على امتداه لا يقبل بالتراضي إلا من زعيم يدرك قدسيته، لذا قرر الرئيس أن يصافح النيل من منابعه، يربت على كتفه وكتف أصحابه هناك، ويؤكد لهم أن ما بيننا وبينهم ليست حدود ولكن شرايين حياة، فأبناء النيل من الجنوب إلى الشمال جسد واحد، وطأت قدم الرئيس تنزانيا بعد جفاء امتد من عام 1968، حسبما قال الرئيس التنزاني «جون ماجوفلي»، وصرح به المتحدث الإعلامي علاء يوسف، الذي أضاف أن المباحثات بين الرئيسين شهدت تناول عدد من الموضوعات، منها جهود تحقيق التنمية في دول حوض النيل، حيث أكد السيسي أن مصر تدعم أشقاءها في دول حوض النيل بالقدرات والخبرات الفنية المصرية لتحقيق التنمية في هذه الدول، مشيرًا إلى حرص مصر على تحقيق أكبر استفادة من نهر النيل لجميع دول الحوض.
المدرك لأهمية الأمر يوقن أن السيسي أعاد ضخ الدماء مجددًا في أوردة التعاون التجاري والاقتصادي وأعاد للعلاقة بين البلدين رونقها.. قبل أن يغادر إلى روندا ثم إلى تشاد والجابون حسبما هو مقرر.. وليس هناك أبلغ ما يقال عن تحركات الرئيس سوى كلمة علقت في أذني لطفل صغير حينما رأى صورة الرئيس: السيسي جاب جون».
