الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا يشكو المواطنون كثيرًا للرئيس؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لماذا يشكو المواطنون للرئيس في كل أزماتهم، ولماذا يطالب الإعلام الرئيس بأن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، ولماذا يتناسى المصريون الدور الواجب على باقي مؤسسات الدولة بعد كل كارثة؟
كل هذه التساؤلات بادرت إلى ذهني وأنا أقرأ رسالة لمواطنة نشرتها إحدى الصحف تعليقا على حاث تصادم قطاري الإسكندرية، وكان نصها "للأسف الشديد مصر ولادها أصبح ملهمش تمن.. الدم أصبح رخيص قوى في البد دي.. المفروض أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يحاسب كل واحد تسبب في الكارثة دي ويحاكمه مهما علت مكانته، لأنه استهان بأرواح المصريين وميستهلش يقعد في منصبه دقيقة واحدة".
القراءة المتعمقة لمحتوى هذه الرسالة التي وضعتها تلك الصحيفة في أعلى صفحتها السادسة، يرجعك لتساؤل رئيسي، وهو: لماذا يشكو المصريون للرئيس في كل أزماتهم كبر حجمها أو صغر، لماذا تختفي صورة رئيس الوزراء ووزرائه عن ذاكرة المواطنين في مصائبهم، ومشكلاتهم، ألم يكن رئيس الحكومة وجهازه الإدارى والتنفيذي هم الأولى بتلك الشكوى؟
يبدو أن تباطؤ الحكومة في إدارة الأزمات، وارتباكها في كيفية التعامل معها، يعد سببًا رئيسيًا في عدم ثقة المواطنين فيها. كما أن تصدر أجهزة الدولة الرقابية في كشف ألاعيب وفساد كثير من المسئولين وبتعليمات من الرئيس أيضا خلال العامين الماضيين، قد زاد من ثقة المصريين في الرئيس.
قد يرجع سبب تكرار شكوى الناس للرئيس إلى اختلافه عن ما سبقه في طريقة التعامل مع المواطن أثناء الأزمات، والتي بدت كثيرًا تتم بشكل مباشر، وأيضًا نتيجة تدخله بنفسه في كل الأزمات، وإصراره على كشف ملابساتها في العلن، هذا بالإضافة إلى تراجع ثقة الجماهير في الحكومة وأغلب مؤسساتها التي يبدو عليها الارتباك في مواجهة وإدارة الأزمات.
لكن هل فعلا أصبح دم المصريين رخيص كما قالت صاحبة الرسالة، وهل تراجع ثمن الإنسان المصري - الذي لا يقدر بثمن- في هذه الفترة عما سبقها؟
بعيدًا عن حوادث القطارات وجرائم الإرهاب الذي صنعته جماعة ظلامية حكمتنا لمدة عام، يكون من الواجب أن أذكر المصريين بأن ما فعله الرئيس السيسي في مكافحة فيروس سي خلال الثلاثة سنوات الماضية، يؤشر على أدراكه لحق المواطن في العلاج، وإعلاء قيمة المواطن، وأتذكر أن الرئيس السيسي كرر في أكثر من خطاب له عبارة " دم المصريين مش رخيص". 
قد يكون نسي البعض أن فيروس سي كان قبل تولية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة البلاد، هو القاتل الصامت في كل بيت وفي كل قرية وفي كل نجع وفي كل مدينة، نعم دمر فيروس سي بيوتنا وقضى على أعز الناس، وأنا كنت واحدًا من الذين قتل فيروس سي أعز الناس لهم، هو عمي شقيق والدي- رحمه الله- الذي نحر هذا المرض اللعين جسده لمدة عشرين عام. شاهدت بعيني وأنا أجالسه في أحد المستشفيات عشرات المصريين يموتون يوميًا بسبب هذا المرض اللعين. 
حقا برنامج الرئيس في مكافحة فيروس سي أنقذ ملايين المصريين من الموت، وكان لازم نتيجة ذلك أن يشكو المصريون الرئيس ويتناسون الحكومة ومؤسساتها لأنهم شاهدوه في كل لقاء يجمعه بوزير الصحة يسأله عن واقع ومستقبل علاج مرضى فيروس سي، ويصر أن تقدم له تقارير شهرية عن تغطية حملات مكافحة المرض في كل قرية ونجع، وأذكر هنا بلقاء الرئيس في المراشدة بقنا، وهو يقول لوزير الصحة لازم ننهي على هذا المرض قبل عام.
إن تزايد حجم توقعات المصريين، وتزايد شكواهم للرئيس قد يكون جاء من منطلق إداراك المصريين لإدراك الرئيس بأن دم المصريين مش رخيص، رغم أن كثير من المصريين لا يثقون في أغلب وزراء الحكومة.