الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بورصة الحسنات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا ستفعل يوم القيامة وأنت أمام الميزان، وقد تساوت حسناتك مع سيئاتك وأصبحت فى حاجة ماسة إلى حسنة واحدة تدخل بها الجنة بعد رحمة ربنا سبحانه وتعالى؟ ستبدأ فى البحث عمن يعطيك تلك الحسنة التى لطالما فرطت فيها فى الدنيا، فتبحث عن الأب العطوف الذى كان يلبى كل حاجاتك، ولنفترض جدلًا أنك ستجده! بعد كم ستعثر عليه وسط مليارات البشر فى يوم مقداره خمسون ألف سنة؟ ثلاثون عامًا، أربعون عامًا، وبعد عناء طويل من البحث، وعندما تجده تشعر أن كربتك قد زالت وتقول له اعطنى حسنة واحدة أدخل بها الجنة بعد رحمة المولى، فإذا به يقول لك «نفسى نفسى» فأنا لا أعرف ما هو مصيرى بعد، فيسقط فى يدك وكأن الأرض تتمادى من تحت قدميك، فتبدأ رحلة البحث من جديد عن أمك الحنون الرؤوم التى كانت تحرم نفسها لتعطيك، وإذا بصدمة أخرى يا بنى «نفسى نفسى»، عندها تضرع إلى الرحمن أن ينقذك، ولكن فجأة تجد بصيص أمل يأتى من بعيد عندما ترى زوجتك التى لبيت لها كل ما تريد، فتقول أيضًا «نفسى نفسى»، وهكذا أبناءك الذين أعطيتهم كل شيء وتخليت من أجلهم عن الكثير من مبادئك لأجل إسعادهم.
ولكن الكل يتبرأ منك، الكل يتخلى عنك، الكل يقول «نفسى نفسى»، وعن هذا الموقف يحدثنا المولى فيقول: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}، ولنفترض جدلًا أنك ستحصل على تلك الحسنة عند أحدهم الذى ليس عنده غيرها، وقد قال لك من الممكن أن أعطيها لك، ولكن سآخذ مقابلها ملء الدنيا وما فيها ذهبًا، فتستأذن ربك.. فيأذن لك بملء الأرض ذهبًا، ثم يتعجب منك ذلك الشخص، ويقول أتدفع فى حسنة واحدة ملء الأرض ذهبًا سبحان الله! الآن يا عباد الله ترتفع قيمة الحسنة الواحدة فى بورصة الحسنات يوم القيامة حتى تساوى الدنيا وما فيها ذهبًا.
رحماك يا الله! فكم أضعنا ملايين الحسنات ولم نهتم بها! كم ذهبت أعمارنا هباء منثورًا ولم نحسب لها حسابًا! ولكن لا تحزن يا عبد الله فالفرصة ما زالت أمامك سانحة، وأبواب العمل مفتوحة وطرق الخير كثيرة، فسارعوا قبل أن يغلق باب العرض والطلب، فما زالت هناك فرصة للنجاة وما زال الأمل يتجدد، يقول سبحانه: {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} وقد وضع الله لنا الجائزة وحفزنا على العمل فقال: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.
فسارعوا قبل أن تقولوا يا حسرة على ما فرطت فى جنب الله، فاتقوا الله فى أنفسكم.