الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الكاتب الفرنسي برترون بادي يتحدث لـ"البوابة نيوز": مصر استعادت دورها الاستراتيجي في عهد السيسي.. أزمة قطر والخليج لن تنتهي الآن.. وقوانين "باريس" لمكافحة الإرهاب "غير مؤثرة"

الكاتب الفرنسي برترون
الكاتب الفرنسي برترون بادي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الكاتب السياسي، برترون بادى، الأستاذ بالمعهد الفرنسي للدارسات السياسية: إن مصر أحرزت تقدمًا دبلوماسيًا كبيرًا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي المسئولية، ونجحت في استعادة علاقتها الجيدة بالعديد من الدول.
وأضاف "بادى" في حوار خاص لـ"البوابة نيوز"، أن مصر أصبحت قادرة على القيام بدورها الاستراتيجي المهم مرة أخرى فى المنطقة ومساندة السعودية في أزمة قطر مع الخليج.
وإلى نص الحوار..


• كيف ترى مصير المنطقة في ظل النزاع القطري الخليجي وكيف تنوى فرنسا المساهمة في حل تلك الأزمة؟
قطر تسعى لفرض نفوذها في منطقة الشرق الأوسط في ظل النزاع الدائر في سوريا والعراق، والإرهاب الذي تعاني منه مصر، فيما تدعم تركيا وإيران قطر، ومن ناحية أخرى تدعم الدول الأخرى موقف السعودية، لذا فإن الصراع لن ينتهي الآن، خاصة أن الولايات المتحدة وفرنسا لا تتخذان جانبًا من الأزمة لارتباطهما بعلاقات وثيقة مع كلا الدولتين، فالولايات المتحدة لها قاعدة عسكرية في قطر وتربطها علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية وفرنسا من الناحية الأخرى تربطها علاقات سياسية وتجارية جيدة بالدولتين لذا نلاحظ ضعف تلك الدول وعدم نجاح وساطتها في حل الأزمة.
• هل ترى أن الوساطة التركية الكويتية قادرة على النجاح في حل النزاع بين قطر والخليج؟ 
في بداية الأمر يجب أن أنوه إن هناك اختلافًا بين وساطة الدولتين، فدولة تركيا تعتبر حليفًا لقطر فقد اتخذت بصورة واضحة الجانب القطري، وتسعى لتحقيق مصالح الدوحة فقط وذلك متوقع لأن تركيا والمملكة العربية السعودية بينهما خلافات كبرى ترجع لدعم أنقرة للإخوان المسلمين بالإضافة إلى دعم الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان الواضح للرئيس المعزول،محمد مرسى، أما الكويت من الناحية الأخرى فتربطها علاقات تاريخية قوية بالمملكة العربية السعودية وتسعى لتحقيق التوازن بين الجانبين فى وساطتها ولكن بعد فشل الولايات المتحدة فى حل الأزمة لا أدرى ما الذى يمكن أن تقدمه الكويت لحلها.
• هل يمكنك أن توضح لنا موقف الإدارة الفرنسية الجديدة من القضية الفلسطينية؟
لا يسعني القول إنه يمكننا التنبؤ بموقف فرنسا الحالي من تلك القضية، حيث إن الرئيس الفرنسي الجديد ليس لديه خبرة كبيرة في مجال السياسة الخارجية ولم تتضمن حملته الرئاسية أيضًا أي إشارات واضحة متعلقة بالسياسة الفرنسية إزاء القضية الفلسطينية أو جميع القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، لكن موقف ماكرون الذى أبداه خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو لفرنسا قد أدهش الجميع حيث إنه لم يذهب أى رئيس سابق لفرنسا إلى حد إظهار مثل ذلك التعاطف مع الشعب الإسرائيلي وإبراز مناهضته لمعادة السامية بذلك الشكل، حيث إن الرئيسين الأسبقين لفرنسا فرنسوا أولاند ونيكولا ساركوزى اللذين تربطهما علاقات جيدة بإسرائيل لم يبرزوا مثل ذلك الموقف ولا يجب أن ننسى محاولة أولاند لعقد مؤتمر لمناقشة القضية الفلسطينية فى باريس فى يناير الماضي الذي رفض نتنياهو حضوره بحجة إنه يضر بمصالح إسرائيل، لذا فنحن لا نعلم ما إذا كانت مبالغة ماكرون في إظهار تعاطفه مع إسرائيل تشكل جزءًا من سياسته الدائمة أم هي شيء استثنائي ويجب أن ننتظر المزيد من الأحداث التي ستجبر الدبلوماسية الفرنسية على التحرك وجعل موقفها أكثر وضوحًا.
• اتهمت صحيفة لوموند الفرنسية الرئيس التركى باستغلال الانقلاب الفاشل للتخلص من معارضيه.. ما رأيك؟
إننى أرى إنهم محقون فيما يتعلق باستغلال أردوغان لمحاولة الانقلاب الفاشل ضده للتخلص من كل معارضيه ولترسيخ حكمه والحد من حق المعارضة بطريقة تعسفية، وذلك ما أثبتته الأحداث الأخيرة في تركيا من حبسه للعديد من الصحفيين وإغلاقه للعديد من القنوات الإخبارية.
• هل ستختفى الديمقراطية بشكل كامل من تركيا؟
لا أعتقد ذلك فأن الديمقراطية ظاهرة في السياسة التركية منذ عدة عقود والشعب التركي هو شعب متحضر قادر على التصدي لأردوغان إذا حاول التخلص منها، بل إننى أعتقد أيضًا أن أردوغان نفسه لا يرغب فى اختفائها وهذا ما يخيفنى فى الحقيقة فأن إردوغان رجل واثق من قدراته على جعل الشعب يؤمن بما يفعله هو يريد أن يؤسس نظام تعسفي، وأن ينفرد بالسلطة وسط رضاء تام من الشعب لذا فهو يريد بناء حكم فردى مغلف بالديمقراطية.
• كيف ستكافح فرنسا الإرهاب بعد الهجمات الأخيرة التي شهدتها؟
في البداية يجب أن أوضح أن القوانين التى تتبناها فرنسا منذ عدة سنوات تهدف فقط لإرضاء وطمأنة الرأي العام وإقناعه بأن الحكومة قادرة على مواجهة الإرهاب بالقوانين إلا إنها لا تعمل على مكافحة الإرهاب، فالنموذج الجديد للإرهاب من الصعب مكافحته، فأنت تواجه شخص مستعد للموت في سبيل القيام بعمل إرهابي مما يصعب علينا احتواء مقدار العنف الذى يستطيع القيام به ولكن ما يثير قلقي، وما يستفز الرأي العام الفرنسي هو أن تلك القوانين تضر بالحريات العامة وتنتهك حقوق العديد في ظل قانون الطوارئ الحالي وقد بدأ العديد من الفرنسيين في رفض ذلك النظام وقدم عدد من القضاة عريضة موقعة تهدف إلى القضاء على تلك التشريعات التي تضر بحريات المواطنين.
• ما الذي يمكن أن يضيفه ماكرون للتحالف الذي تقوده أمريكا لمحاربة تنظيم "داعش"؟
فرنسا تلعب دورًا كبيرًا لمكافحة الإرهاب في أفريقيا والشرق الأوسط ولكنني لست واثقًا من فاعلية ذلك الدور سواء كان في أفريقيا مثل عملية البرقان فى الساحل والتدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي عام 2013 أو فى الشرق الأوسط من خلال عملية الشمال أو التحالف الدولي، فتلك العمليات جميعها لن تحقق تقدمًا كبيرًا فى مكافحة الإرهاب، وذلك يرجع إلى سببين أولهما سرعة انتشار المجموعات الإرهابية في مساحات واسعة مما يصعب الأمر، حيث إن فرنسا لا تستطيع أن ترسل عدد كافي من الجنود لتغطية تلك المساحة، مثال على ذلك: عملية البرقان حيث أرسلت فرنسا 4000 جندي في مساحة يغطيها الإرهاب تتعدى مساحة القارة الأوروبية نفسها لذا تقوم فرنسا بتحديد العديد من الأهداف المطلوب تحقيقها دون تحقيقها بالفعل، السبب الثانى يرجع إلى التدخل العسكرى نفسه فأن تلك الجماعات الإرهابية هي مجرد قوى ومنظمات وليست دول لتدخل حربًا مع جيوش دول آخرى لذا أثبت التدخل العسكري فشله فى العديد من الدول وأستثنى منها مصر التى ساعد تدخل جيشها لمحاربة الإرهاب فى خفض معدلاته ولكنه لم يتخلص منه نهائيًا. 
• كيف ترى سياسات مصر الخارجية الآن خاصة مع أمريكا وفرنسا؟
لا يسعنى القول إلا إننا تفاجئنا كثيرًا من التقدم الذى حققته الدبلوماسية المصرية فى الأعوام الأخيرة حيث كانت فى السابق أثناء حكم مرسى ضعيفة ومتراجعة للغاية، ثم فوجئنا فى فرنسا وفى أوروبا بتقدم سريع لتلك الدبلوماسية وأصبحت مصر قادرة على القيام بدورها الاستراتيجي المهم مرة أخرى فى المنطقة، وتفاجئنا أكثر بقدرتها على مساندة السعودية فى نزاعها مع قطر واستعادتها لعلاقتها لدولية الجيدة مع غالبية الدول مما يثبت نجاح الدبلوماسية المصرية منذ حكم السيسي.