الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مؤشرات عام الغوث

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
آلاف السنين تفصل بين سبع سنوات عّم فيها الخير، وسبع عجاف تلتها، قضت على الأخضر واليابس فى مصر، قبل أن يأتى عام أغيث فيه الناس وتنفسوا الصعداء، هى القصة الحقيقية التى فسرها نبى الله يوسف لحلم ملك مصر، ورغم مرور آلاف السنين على هذه القصة فإن التاريخ يعيد نفسه على أرض المحروسة، فلقد مرت مصر بسبع سنوات سمان خلال الفترة من ٢٠٠٤ وحتى نهاية ٢٠١٠، حققنا خلالها معدلات نمو غير مسبوقة بلغت ٧٪ واستثمارات أجنبية مباشرة وصلت إلى ١٣.٥ مليار دولار ومخزون دولارى بلغ ٣٦ مليار دولار، بالإضافة إلى نمو كل المؤشرات الاقتصادية لدرجة جعلت المؤسسات الاقتصادية الدولية تتنبأ وقتها بأن تصبح مصر واحدة من أقوى ١٠ اقتصاديات فى العالم إذا استمرت فيما تحققه، وبعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى الآن نمر بسبع سنوات عجاف من تراجع جماعى لمؤشرات الاقتصاد وارتفاع عجز الموازنة وارتفاع الدين العام والتضخم إلى أرقام قياسية بلغت ٣٤٪ وهى الأعلى منذ ثمانينيات القرن الماضى وما صاحبها من حالة غلاء. 
الشعب المصرى اكتوى، ولا يزال، بنار الأسعار ويعانى من ويلات الغلاء، وأصبح برنامج الحكومة الإصلاحى يشبه العلاج الكيماوى لمريض السرطان، والدواء المر، الذى لا غنى عنه، وتحاول الحكومة أن تخفف من وطأة إجراءاتها ببرنامج للحماية الاجتماعية تم خلاله إتاحة حوالى ٩٠ مليار جنيه لرفع الأجور والمعاشات وزيادة دعم الأسر المستحقة لتكافل وكرامة، ورغم كل هذا ما زال الوضع صعبا ويخشى البعض أن تكون الجرعات المتتالية التى أعطيت للمريض أقوى من أن يتحمله الجسد النحيل. 
لكن آمالا بدأت تلوح فى الأفق تجعل القادم أفضل، وأن يكون عام ٢٠١٨ هو بداية الغوث ونقطة تحول لتحسن الأحوال وانخفاض الأسعار وبداية عودة معدلات النمو والتشغيل وفرص العمالة، وهناك عدد من المؤشرات الاقتصادية التى تؤكد ذلك، أولها بدء إنتاج حقل ظهر الذى يصل احتياطيه إلى ٣٠ تريليون قدم مكعب ويوفر ما قيمته نصف مليار دولار شهريا، حوالى ٦ مليارات دولار سنويا «١٠٠ مليار جنيه»، وهذا الحقل بمفرده يعطى آمالا كبيرة حول توفير احتياجات مصر من الغاز وضمانا للمستثمرين بوجود طاقة كافية للصناعة. 
ثانى المؤشرات بدء تعافى الاستثمار الأجنبى المباشر والذى يسجل زيادة شهرية حاليا فى المتوسط قيمتها ٨٠٠ مليون دولار وأننا بصدد أن نحقق استثمارا أجنبيا مباشرا يصل إلى ١٠ مليارات دولار بنهاية العام المالى الحالى، والتى من شأنها توفير الآلاف من فرص العمل وزيادة معدل النمو الاقتصادي. 
المؤشر الثالث لعودة التعافى هو ثقة المؤسسات الدولية فى مناخ الاستثمار فى مصر وثقتها أيضا فى البرنامج الإصلاحى الذى تتبناه الحكومة والذى من شأنه أن يعطى إشارات قوية للمستثمرين والصناديق العربية والأجنبية بالاستثمار فى مصر، وهو ما بدأنا نلمسه مؤخرا بعودة كبار المستثمرين إلى مصر وإعلانهم عن مشروعات فعلية. 
أما المؤشر الرابع فهو تدخل الدولة فى الإنتاج وتقليل حلقات تداول السلعة والذى سينعكس إيجابا على انخفاض أسعار السلع، وذلك من خلال بعض المشروعات المهمة التى بدأت تتبناها الدولة مؤخرا ومنها إقامة المناطق اللوجستية فى المحافظات لتجارة السلع، وتدخل الدولة فى توفير النقل المبرد لتقليل الهادر من الخضار والفاكهة بسبب سوء النقل والتخزين. 
يبقى أن نشير إلى أن العام الحالى هو الأصعب، وأن تحويل الفرص السانحة إلى فرص حقيقية يحتاج إلى ضخ دماء جديدة فى الحكومة الحالية التى تعانى من قلة كفاءاتها خاصة فى المجموعة الوزارية الاقتصادية، فالعام المقبل هو عام الاقتصاد وإما أن نكون ونتنفس الصعداء وإما أن يزداد الأمر سوءا، فالعبرة بالكفاءات القادرة على الإنجاز وفق جدول زمنى بالدقيقة لا يحتمل التأخير.