الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الرجل الرمادي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أن تتغير المواقف.. فهذا وارد، وربما كان محمودًا، فقد تتخذ موقفًا أسسته على معلومة خاطئة، ثم تتراجع عنه.. فهذه شجاعة تحسب لك، وإذا تماديت.. فهو تعنت يحسب عليك.. في السنوات الأخيرة رأينا النموذج الذي غير موقفه لإيمانه بأن مصر تعيش ظرفًا استثنائيًا سياسيًا واقتصاديًا، وأدرك أن الشعب مع جيشه على جبهة واحدة، ورأينا من تعنتوا وظلوا على مواقفهم، وهؤلاء من سلموا أنفسهم لغيرهم ولم يجهدوا أنفسهم في إعمال عقولهم.. هذه النماذج موجودة في كل العصور، لكن الموجود منهم حاليًا كشف وجهه ولم يدر عوراته أو يخف أطماعه، فأصبح مقدورًا عليهم إما بالتجاهل وإما بالمحاسبة القانونية. 
لكن نموذجًا جديدًا ظهر بعد أحداث ٢٥ يناير.. وهو النموذج الرمادي، نسبة إلى ذلك اللون الذي يقع في المنطقة الوسطى ما بين الأبيض والأسود، فلا هو هذا ولا ذاك، ماعت مواقف هذا النموذج وتتبدل آراؤه ربما لنفع شخصي أو نفع للغير. نموذج يقول الشيء ونقيضه، وعادة ما يلعب دور البطل، ثم يستبدله بدور الضحية. محمد البرادعي وعمرو خالد يمثلان هذا النموذج. الأول جعل منه دراويشه أيقونة لأحداث يناير ورشحوه رئيسًا، وهو لا يعرف من مصر سوى بيته وميدان التحرير، الذي ساقوه إليه، والرجل كان وما زال رماديًا في كل مواقفه، فمنه تستمع إلى الرأي ونقيضه، ثم فاجأ الجميع بالهروب من المسئولية، لا ليتابع من مصر.. ولكن ليهاجم من الخارج، أما عمرو خالد فهو الرجل الرمادي في كل مواقفه، يحيرك أمره، هل هو سلفي أم إخواني أم صوفي؟ هل يلعب سياسة أم يراها كأغلب الدعاة نجاسة؟ هل هو مع ما يحدث في مصر حاليًا أم ضده؟ هل هو من مهد لأحداث يناير، كما يلمح دائمًا أم أنه فوجئ بالأحداث فحشر نفسه فيها؟ العجيب في أمر عمرو خالد أنه كل هذا، يقول الشيء ثم يهرول إلى نقيضه، كما أنه رجل اللقطة، وأحيانا صانعها، همه الأول مصلحته وربما مصلحة من ينوب عنهم. 
يأبى عمرو خالد إلا أن يقول الجملة منقوصة حتى لا يحاسبه أحد، فيخرج من المنطقة الرمادية، تمامًا مثل البرادعي، فى لقطته الأخيرة.. حيث التقاه مواطن قطري وهم بمصافحته.. انسحب عمرو خالد من أمامه مسرعًا بعد أن سأله عن جنسيته وعلم أنه قطري. ألم يكن فى مقدور عمرو أن يتحدث مع الرجل عن سلبيات تميم وإيوائه ودعمه للإرهاب، وعن الحماقات التي ارتكبها في حق مصر؟ لسنا في خصومة مع الشعب القطري حتى نهرب من مواجهته، فهو شعب مغلوب على أمره، لكن عمرو اختار الانسحاب، حتى لا يقال إنه محسوب على قطر، ويبارك ما تفعله في مصر والدول العربية، ولو أنه جلس مع الرجل وتحدث إليه، لاكتملت اللقطة، ووصلت إلى الشعب القطري، لكن عمرو يرفض الخروج من المنطقة الرمادية، ويزيد من تأكيد ذلك أنك لن تجد له رأيًا واضحًا في جماعة الإخوان، ثم تراه فجأة ينقلب إلى دور القائد الملهم لأحداث يناير.
تلك هي رمادية المواقف التي لا تتحملها مصر في الوقت الحالي، ولو كان عمرو خالد جادًا في مواقفه، لظل في مصر.. يواجه النقد بالحجة ويجمع حوله الشباب، ليبث فيهم الوطنية والمثابرة، ويدفعهم للعمل والبناء، لكنه فضل الخروج من مصر مقتديًا بالبرادعي، ليعيش مثله دور الضحية للمرة الثانية، بعد أن ضاع حلمه في أن يكون الزعيم الملهم.
Basher_hassan@hotmail.com