الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

طريحة فراش ربع قرن: لما يزيد وجعى «الست العدرا بتجيلى»

رحلة السيدة العذراء (٣) «نسيم حياة»

العدرا مريم
العدرا مريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سمعت الكثير عن ظهور العذراء مريم، قصص يرويها مسيحيون فى أروقة الكنائس، وترويها لى صديقة مسلمة أصلها من أسيوط، تقولها ضاحكة: والدى «أحمد» كان يحملنى على كتفه ويصرخ من شرفات منزل أخت والدتي، والتى استدعتنا فى التسعينيات لمشاهدة ظهور السيدة العذراء بدير درنكة. هرول والدى وأيقظنا جميعًا، هرعنا لرؤية أم النور، الهتافات وأصداء الزغاريد ما زال يدوى رنينها فى أذني، وصوت تصفيق مثل سيول أمطار يناير، ومع كل بارقة نور تزداد الصرخات وتعلو الهتافات ودموع الفرح تسيل.
وتستكمل: كل ما حدث فى تلك الليلة لم يمح من ذاكرتي، فأنا شاهد عيان على ظهور العذراء، ولكن ما حدث من أبى ما زال يضحكنى بل يضحك كل عائلتي، فقد اختفت أم النور، وأخذ الشعب يردد: «رايح فين يا مليح... رايح أزور أم المسيح» «رايح فين يا بوعمة خضرا.. رايح أزور أما العدرا»، «ونعيش ونزورك يا عدرا.. ونوفى نذورك يا عدرا»، وأخيرًا «نورك بان على الصلبان»، وإذا بأبى الرجل الوقور المسلم يصرخ متوسلًا مناديًا أم النور ويردد «نورك بان على الصلبان».
وتستكمل ضاحكة: نحن نؤمن بالعذراء مريم، ولكن أمام النور العجيب تختفى كل المعتقدات، فيهتف أبى للصليب، فلم تكن هناك طلبة أعلى من ظهور «أم النور»، فبرق النور كاف لأن تهدم كل الحصون.
وبداخل حجرة صغيرة معتمة بحوائط أسمنتية، ترقد عجوزًا أخذ منها الزمن الجسد، وبقى صوت مرتعش وعظام تكسوها القرحات، طريحة للفراش لأكثر من عشرين عامًا.
يخرج منها صوت متهلل ليستقبل ضيوفها، وقد غلب على صوتها المرتعش الذى يتماشى مع الجسد النحيل الفرح، وعلى النقيض فقد فاضت عينى بالدموع ولم أحتمل المنظر، وغادر زميلى المصور، فالحضرة مهيبة والفرح الذى يملؤها، خرج علينا مثل طلقات رصاص اخترقت صدور الجميع.
بالحجرة التى تفوح منها رائحة الدواء تزينتها صورة مثبتة بالخيوط للسيدة العذراء، فطوال اليوم الذى لا يفرق عن النهار ملاذ العجوز تثبيت النظر فى عيون «أم النور».
وتروى بصوت متهلل «الست العدرا بتجيلي» والفرحة تملؤها، تزيد أنا مش متضايقة أنا شاكرة وحامدة ربنا، كفاية عليّ طلت العذراء، بتجيلى كتير، وفى ليلة كنت متضايقة ومخنوقة وحسيت أن الأوضة ضاقت عليّ، واتخنقت من الوحدة وغصب عنى بكيت، وفجأة جاتلى «أم النور» وترتفع نبرة صوتها «النور ملا الأوضة، وقربت منى قوى وحسيت أن الفرحة مش سايعاني»، ويقاطعها بقوله زارتك كام مرة؟ فتجيبه: «بعد أن تتوه بداخل ذاكرتها الحديدية فلا تفوتها تفصيلة فى حياتها، زارتنى مرتين بس قعدت معايا كتير».
وتختم الزيارة وترتل من جديد «يلا أظهري.. يلا.. طلى بنورك.. طلة».