يعدو صباح كل يوم داخل رقعة خضراء، يعلو صوته وسط المناظر الطبيعية، مطالبًا الجميع بالاستيقاظ مبكرًا، فيفتح أحد السكان المجاورين شرفة منزله ليتأمل بنظرات شغف الطبيعة، ومنها تسقط عيناه على ٦٠ فدانًا مقسمة إلى عنابر، يسكن بها مجموعة من فصائل عربية أصيلة، تخرج من «الأكباس» المخصصة لمبيتها، متجهة بصحبة رفيقها إلى أماكن عملها، وكأنه الأب الذى يرعى أولاده، قبل بدء «طوابير» تنظم عروضًا جمالية تطوف حول المحطة، كنوع من تنشيط العضلات وسط صهيل يهز كيان مزرعة «محطة الزهراء لتربية الخيول» فى منطقة عين شمس.
يبدأ فى التجول بأرجاء محطة الزهراء قبل إطلاعه على مسابقة جمال الخيول العربية، والتعرف على الفصيل الذى شارك فى الحروب، ولكنه فوجئ بتراكم القمامة لدرجة كادت تغطى جمال المكان.
فى البداية، يقول محمود السيد، أحد سكان شارع أحمد عصمت الكائن فى محطة الزهراء: «أنا ساكن قريب من المزرعة، وفخور إن بلكونتى بتطل على جمال الخيول»، إلا أنه بنبرة حزينة استنكر إهمال الدولة فى رعاية مزرعة تاريخية فى تربية الخيول.
أما نيريهان المتوكل، خبيرة أنساب الخيول بمحطة الزهراء، والتى تعمل فى المزرعة منذ ١٤ عامًا، تقول «عندنا ٣٥٠ رأسًا تمثل أهم سلالات الخيول الأصيلة، وده كنز مصرى مدفون بعض المصريين مايعرفوش عنه حاجة، ولكن تقتصر معرفته على اصحاب المجال فقط». وأكدت أن الحصان له شهادة ميلاد وجواز سفر وإثبات النسب بتحليل الـ DNA مثله مثل الإنسان.
وفى نبرة فخر تقول نيريهان أيضًا إنها تلك المحطة هى الأم فى العالم، مشيرة إلي أن المحطة تربى ٥ أنواع من الصقلان والكحيلان والهدبان والدهمان والعبيان، والأخير هو أشهر أنواع الخيول فى العالم مع الصقلان، مؤكدة أن المحطة تابعة للهيئة الزراعية من عام ١٨٩٨، إبان عصر محمد على باشا، قائلة: «كانت أيام الملكية اسمها الجمعية الزراعية.. وكل المصريين حافظوا على الخيول اللى أصلها من شبه الجزيرة العربية».
واستطردت أن هناك العديد من المشاهير أتوا إلى المزرعة منذ فترات ماضية، أبرزهم ملك البحرين والإمارات، إضافة إلى مشاهير الفن ومنهم أحمد السقا وسوسن بدر وحكيم وباسم سمرة وأكثرهم إقبالًا على المحطة الفنان مصطفى شعبان خاصة فى المسابقات التى تنظمها كل عام.
وتابعت: «كان الرئيس جمال عبدالناصر قد اهدى روسيا خيل يسمى اسوان»، قائلة: «المكان قبلة الحصان العربى خاصة أن الزوار يأتون من مختلف الأماكن فى العالم»، موضحة أن كل اسم لأنواع الخيول يرجع نسبه إلى القبائل العربية التى اشتهرت بهذه الخيول، وكانت هى مصدرها فى العالم بمنطقة الجزيرة العربية، وذلك منذ نحو ٤٥٠٠ عام، والتى انتقلت إلى مصر مع الفتح الإسلامى والحروب.
