الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

مقابر «دوبلكس» أزمة «السكن» تطارد المصريين أحياءً وأمواتًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أن تسكن فى منزل «دوبلكس» من دورين.. فأنت من الأثرياء، الذين يمكنهم شراء منزل يفوق سعره «مليون جنيه»، لأنه أشبه بـ «فيلا»، أما أن تُدفن أو تدفن موتاك فى مقبرة بدورين أو أكثر.. فأنت من المعدمين الذين لا يملكون رفاهية شراء أرض جديدة لبناء مقبرة لإكرام الميتين، حسبما أثُر عن العلماء «إكرام الميت دفنه».


أسباب عديدة دفعت أهالى المحافظات لتعلية المقابر القائمة بالفعل، إلى أكثر من دور، حتى وصلت فى أسيوط إلى 4 أدوار، بينها انتشار المياه الجوفية فى جبانات القرى بالمحافظات، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضى المخصصة لبناء مقابر، وبيعها بالمتر، الذى وصل إلى 20 ألف جنيه، فى بعض المحافظات وعدم توافر تلك الأراضى لبناء مقابر جديدة فى محافظات أخرى.
أزمة السكن التى تطارد الفقراء احياءً وأمواتًا، دفعت الأهالى لإنشاء مقابر جديدة على طريقة شقق الأغنياء «الدوبلكس»، بحيث يتم تجميع رفات وعظام الموتى «القدامى» ونقلهاإلى الطابق العلوي، لإفساح المقبرة الأرضية لجثث الموتى الجدد. 
«البوابة» تفتح ملف «المقابر الدوبلكس» وتستعرض آراء المواطنين المؤيدين والرافضين له.
أسيوط.. «حشمت»: دفنت عمتى فى الشارع لعجزى عن شراء مقبرة
«الأموات يزاحمون الأحياء» جملة يرددها الكثيرون من أبناء محافظة أسيوط للشكوى من عدم وجود مقابر، وانتشار المدافن الدوبلكس التى وصل ارتفاعها إلى الدور الثالث والرابع ببنى حسين التابعة لمركز أسيوط، فالمقابر لم تعد قادرة على استيعاب أهل الآخرة، بسبب ضيق المساحات، وارتفاع تكلفة البناء، وكان من المفزع وجود شخص فقير فى قرية «درنكة» اضطر لحفر قبر لدفن عمته فى الشارع لعدم وجود قبر للأسرة، وآخر يشيد مدفنه بأكثر من طابق، ليجمع فيه رفات موتاه، وأصبح هذا هو الحال فى عدد من قرى ومراكز أسيوط، حتى بات الحصول على مدفن أمرا بعيد المنال.
«دفنت عمتى أمام منزلى بعزبة الجبل بقرية درنكة لأنى لا أملك مقبرة» بتلك الكلمات بدأ حشمت علي، ٧٦ عامًا، فلاح من عزبة الجبل بقرية درنكة التابعة لمركز أسيوط، فرّ مهاجرًا إلى سفح الجبل مع كثيرين غيره لفقر حالهم، وعدم قدرتهم على بناء منازل، وأصبح يعافر مع الدنيا من أجل البقاء.
يقول الرجل السبعيني: «قدمت مع كثيرين غيرى مرارًا وتكرارًا بالوحدة المحلية بدرنكة للحصول على مقبرة، ولكن دون جدوى، فى الوقت الذى حصل فيه الأغنياء على نصيبهم وأكثر، وأنا رجل لا أملك حتى قوت يومي، ولدى بنتان مطلقتان أعولهما بأبنائهما، وأتقاضى معاشًا ضئيلًا لا يتجاوز ٣٤٠ جنيها».
ويضيف: ماتت عمتى ولم أجد مكانا يحفظ رفاتها وحرمة موتها سوى الشارع وحفرت لها قبرا أمام البيت ودفنتها، «أجيب منين اشترى جبانة والجبانات أخدوها العتاولة».
ويقول أحمد حسين، من قرية بنى حسين بمركز أسيوط، ٤٠ عاما: «منذ ولادتى وأنا أرى المقابر على حالها، أدوار فوق بعضها البعض كأنها عمارة سكنية لا مقبرة شرعية، وكلما سألت عن عمر المقابر أجابنى الناس أنها مقامة منذ مئات السنين، وامتلأت عن آخرها ولا توجد مساحة بديلة لتخصيصها كمقابر فكان الحل الذى لجأ إليه الأهالى هو بناء المقابر أدوارًا فوق بعضها، فنحن نقوم بجمع عظام الموتى ونضعها فوق بعضها البعض لتوفير مساحة للميت الجديد».
ويضيف «حسين»: «فى حالة وفاة أحد الأشخاص نضطر إلى فتح المقبرة الخاصة بأسرتى حتى ولو كان قد تم دفن شخص بها فى وقت قريب، وما أقساه من مشهد أن يتم فتح المقبرة على جثة أم أو أب أو ابن أو أخ ورؤيتها بهذه الحالة، بالفعل مشهد صعب الوصف».
مطالبًا بعمل مقابر جديدة بقرية جحدم بجوار مقابر مسرع وأولاد رائق، 
من جانبه، قال المهندس محمد عبدالجليل النجار، سكرتير عام محافظة أسيوط: بالنسبة لقرية درنكة فهناك حوالى ٦ أفدنة فى مدخلها تجرى حاليا الإجراءات اللازمة لتخصيصها كمدافن.


بور سعيد.. المدافن الجديدة للأثرياء و«مقابر الصدقة» تنقذ فقراء بورسعيد
سعر المقبرة يرتفع إلى 140 ألف جنيه.. ورئيس جمعية دفن الموتى: موظفو الحى سبب ارتفاع الأسعار
شهدت أسعار المقابر بمحافظة بورسعيد ارتفاعًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتضاعفت أسعارها فى ظل سيطرة عدد من السماسرة على سوق المقابر بالمحافظة، مما دفع البعض لإطلاق مسمى «مافيا العقارات» عليهم، حيث تجاوز سعر المدفن بالمقابر الجديدة المجاورة لمنطقة عزبة أبوعوف الـ١٤٠ ألف جنيه، بينما تراوحت أسعار المدافن بالمقابر القديمة ما بين ٩٠ و١٢٠ ألف جنيه تبعًا لموقعها وشكلها، بعدما كان سعرها ٢٤٠٠ جنيه فقط عندما طرحتها الأجهزة المعنية بالمحافظة عام ٢٠٠٥، وهو الأمر الذى دفع الكثير من المواطنين ممن لا تملك عائلاتهم مقابر إلى الاعتماد على الجيران والأصدقاء والمعارف وتوصيتهم بدفنهم فى مقابرهم الخاصة لعدم مقدرتهم على شراء مدافن لهم.
وفجر عبدالصمد كامل، رئيس مجلس إدارة جمعية دفن الموتى ببورسعيد، مفاجأة قائلًا: إن ارتفاع أسعار المقابر سبب لهم معاناة، نتيجة سرقة المقابر وتغيير أسماء أصحابها، متهمًا بعض عمال الحى بالمتاجرة بالمقابر مع آخرين، ما تسبب فى ارتفاع أسعار المقابر القديمة لتتراوح ما بين ٩٠ و١٢٠ ألف جنيه، فقامت الجمعية بتشديد إجراءاتها الرقابية على عملية دفن الموتي، مؤكدًا أنه لا يتم السماح بفتح المدفن إلا بالبطاقة الشخصية لمالكها أو إعلام الوراثة.
وأضاف «كامل» أنه سبق أن تمت إحالة عدد من موظفى الحى للمحكمة التأديبية واستبعادهم من العمل بالمقابر، بعد قيامهم بنقل جثمان أحد الموتى دون إجراءات قانونية، إلا أننا فوجئنا بعودتهم للعمل مرة أخرى.
وحول مصير محدودى الدخل والفقراء عقب وفاتهم أكد «كامل» أنه لا قلق من هذا الأمر على الفقراء أو المجهولين فهناك قرابة الـ١٠٠ مدفن تحت مسمى «مقابر الصدقة» مخصصة لذلك.
وقالت رانيا السادات، عضو مجلس النواب عن المحافظة، إن أفضل حل لمواجهة تلك الأزمة هو استصدار قرار بسحب تراخيص أى مدفن يتم التصرف فيه بالبيع بجانب منع تسجيل بيع المقابر بالحى أو بالشهر العقاري، خاصة أنه تم طرح تلك المقابر منذ حوالى ١٠ سنوات بمبالغ رمزية بدأت من حوالى ٢٤٠٠ جنيه بجانب تخصيص موقع جديد لبناء مدافن أخرى، وتلك القضية طرحتها فور فوزها بمقعدها بالبرلمان وستعاود طرحها ومتابعتها خلال المرحلة المقبلة. 
ولم يختلف الأمر كثيرًا فى مدينة بورفؤاد، حيث تجاوز سعر المقبرة الـ٨٠ ألف جنيه بمساحة ١٢ متر تقريبًا، وأرجع المهندس كامل أبوزهرة، السكرتير العام للمحافظة، ورئيس مدينة بورفؤاد السابق، ارتفاع أسعار المقابر بمدافن بورفؤاد إلى أنها لم تعد تستوعب الزيادة السكانية التى تشهدها المدينة خاصة أنه تم توزيعها بالكامل، وسوف يتم حل تلك المشكلة خلال الفترة المقبلة، حيث إنه جارٍ إعداد دراسة تخصيص منطقة أخرى لعمل مدافن جديدة قد تكون بجوار منطقة الحرفيين، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى انخفاض أسعارها وتوافر مقابر جديدة للمواطنين الراغبين فى ذلك. 


بنى سويف.. «سليم»: جمعنا عظام موتانا فى أجولة لنقلها إلى الدور الثانى
كغيرهم من أبناء مختلف المحافظات، لم يجد أبناء بنى سويف حلا للتغلب على مشكلة ضيق المساحات المخصصة للمقابر، وغلاء الأراضي، سوى اللجوء إلى تعلية المقابر القائمة بالفعل، وبناء أدوار متعددة فوقها، ولجأ البعض إلى هدم بعض المقابر لتشييدها من جديد. «البوابة» رصدت تصاعد الظاهرة فى عدة مراكز، على رأسها «الفشن» و«سمسطا». 
يقول سليم عباس، أحد أهالى مركز «سمسطا»: «عقب امتلاء المقبرة الخاصة بأسرتنا لم نجد مكانًا لدفن موتانا فطرأت إلى أذهاننا فكرة بناء دور ثانٍ للمقبرة لتجميع عظام الموتى الموجودين فى الدور الأرضي، وبالفعل جمعنا العظام فى أجولة، ووضعناها فى الدور الثانى واستغللنا الدور الأول فى دفن الموتى الجدد». 
أحمد زكي، من أهالى مركز الفشن، يؤكد أن الأهالى لجأوا لاستحداث هذه الحيلة لتقليل نفقات شراء أرض جديدة وبنائها، وذلك عن طريق بناء دور ثانٍ: أما أحمد عبدالعال، «تربي»، فيشير إلى أن «أسعار المقابر مرتفعة وتتراوح بين ١٠ إلى ١٢ ألف جنيه للمتر، نظرا لضيق المكان واستغلال أصحاب الأراضى المجاورة للمقابر ورفع سعر المتر فيها، ما دفع البسطاء للجوء إلى تلك الحيلة». من جهته، يشدد محمد نور، وكيل وزارة الأوقاف ببنى سويف، على أنه «لا مانع شرعا من إقامة المقبرة على طابقين، فى حال عدم وجود أماكن، وضيق المساحة المخصصة للدفن، مع مراعاة شروط الدفن وإحكام عملية غلق القبر منعا لخروج رائحة، 
فيما يؤكد اللواء يسرى خضر، السكرتير العام للمحافظة، تخصيص ٢٠٠ فدان فى الظهير الصحراوى لمركزى «سمسطا والفشن»، لإقامة مقابر جديدة عليها.


البحيرة.. الإعلانات تكسو الشوارع.. وسعر الحوش 150 ألفًا
«مقابر للبيع بأسعار مخفضة تبدأ من ١٨ ألف جنيه للمقبرة».. كلمات دونت على لافتات بمناطق عدة بمحافظة البحيرة، إضافة لتوزيع إعلانات على المارة بالشوارع مثل إعلانات الشركات. ازدهرت تجارة المقابر بعد ثورة ٢٥ يناير، مع التوسع فى بناء مقابر بمواصفات جديدة أشبه بالمنازل السكنية تتكون من طابقين وشوارع واسعة، إضافة لتجهيزها وتشطيبها «سوبر لوكس»، بالسيراميك والطلاء بالدهانات حسب رغبة المشتري.
أشار الشحات مخيمر، مالك مقابر بدمنهور، إلى أن أسعار المقابر ترتفع مع ارتفاع سعر الأراضى الزراعية، وعدم وجود مناطق لبناء مقابر جديدة بجوار الكتلة السكنية، مضيفا أن أسعار المقبرة الواحدة بالمنطقة تتراوح ما بين ٢٢ إلى ٢٥ ألف جنيه، حسب موقع المقبرة فى المنطقة فى بداية الشارع أو نهايته، مشيرا إلى أن هناك رغبة من الأهالى فى شراء مقابر جديدة للأسر.
وقال إن سعر المقبرة العين الواحدة وصل لـ٢٥ ألف جنيه، والمقبرة ذات العينين «رجال- حريم» بـ٥٠ ألفا، ويتم تسليمها جاهزة التشطيب، وفيما يصل سعر الحوش «المدفن» الذى يحتوى على مقبرة وفناء واستراحة إلى ١٥٠ ألف جنيه، حيث يتميز الحوش باتساع المسافات وغلقه ببوابة من الخارج.
وأوضح ناصر عبداللطيف، من سكان مدينة دمنهور، أن مساحة المقابر بالمدينة صغيرة، وهو ما دفع المواطنين للبحث عن مقابر فى المناطق المجاورة بالمدينة، لافتا إلى أن سعر المقبرة أصبح يتراوح ما بين ٢٥ إلى ٤٠ ألف جنيه.
وفى سياق متصل، أكد عماد الغول، مدير عام جمعية البر والتقوى الإسلامية أحد المسئولين عن المقابر، أن سعر المقبرة فى السنوات السابقة كان يتراوح ما بين ٣ إلى ٥ آلاف جنيه، مضيفا أن الجمعية قامت بتقديم مذكرة لمجلس المدينة تطالب بتخصيص قطعة أرض لاستغلالها فى بناء مقابر جديدة عليها. 


القليوبية.. الأهالى: ارتفاع الأسعار الجنونى دفعنا لـ«الدوبلكس».. ونتبع الشريعة فى الدفن
ارتفاع أسعار الأراضى المخصصة للبناء، فى كل مدن ومراكز محافظة القليوبية كان سببا رئيسيا ودافعا للعديد من الأهالى لبناء مقابر متعددة الأدوار، خاصة فى مراكز طوخ، وقها، وقليوب والخانكة، فضلا عن التضخم السكانى الذى تعانى منه المحافظة، فكانت تلك الفكرة هى الأفضل لدى أهالى المحافظة، لتكريم موتاهم، وعدم البحث عن مقابر أخرى فى مناطق نائية. وأكد الشيخ محمود أبوحبسة وكيل وزارة الأوقاف بالقليوبية، أنه لا مانع شرعًا من بناء «المقابر الدوبلكس»، مشيرا إلى أن أهم ما يجب الحرص عليه هو «الدفن الصحيح للميت، وإغلاق المقبرة جيدًا حتى لا تنبعث منها روائح كريهة، مع مراعاة استخدام طبقة من الأتربة لمسافة ٣٠ سم أسفل المتوفى».
وأضاف وكيل الوزارة، لـ«البوابة»، أن الهدف من دفن الميت تكريمه وحمايته، سواء من المياه الجوفية أو نهش الحيوانات، مشيرا إلى أنه لا مانع من بناء المقابر متعددة الأدوار طالما توافرت الشروط اللازمة فيها. ويقول محمد شداد، أحد أهالى طوخ: «أعلم أن الأفضل فى طريقة الدفن هى التى تتم أسفل الأرض، لكن ما باليد حيلة، ونحن لجأنا إلى تعدد الأدوار بسبب الارتفاع الجنونى لأسعار الأراضي، واستغلال أصحاب الأراضى لحاجة العائلات لشراء أرض لبناء مقابر ورفع سعر متر الأرض بين الحين والآخر».
ويقول يحيى محمود، أحد أهالى قليوب: «أنا لا أرى مانعًا من انتشار ظاهرة «المقابر الدوبلكس»، خاصة بعد إجازتها من قبل الأوقاف وعدد من الشيوخ فلماذا نصنع أزمة؟»، وأوضح أنه فى ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم قدرة البعض خاصة الفقراء على شراء أراضٍ لبناء المقابر، لا مانع من إقامة تلك المقابر لحل الأزمة.
وقال أيمن الحامولي، أحد أهالى الخانكة، إنه بالفعل تم بناء مقابر دوبلكس، ودفن عدد من الموتى بها، مشيرا إلى أن إكرام الميت دفنه، ونحن نتبع الشريعة الإسلامية فى دفن موتانا، فى المقابر الدوبلكس، داعيا من لا يستطيع شراء أراضٍ لبناء مقابر فله بناء مقابر من دورين تسهيلًا على الناس.