الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"مجزر الحمير".. "المطبخ السري" لحديقة الحيوان

حديقة الحيوان
حديقة الحيوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مدير عام حديقة الحيوان: لحومنا توزع على الحدائق المرخصة والسيرك القومى.. وسعر «الجحش» ٧٠٠ جنيه
طبيب بيطرى: الأسود تأكل الرقبة والضباع من البطن.. وهى من "الحيوانات النزيهة" ولا تقبل إلا اللحوم النظيفة والـ"كرشة" تذهب إلى المحرقة


قبل أكثر من قرن وربع القرن، افتتح الخديو توفيق، أكبر حديقة للحيوانات فى مصر والشرق الأوسط، وأولى وأعرق حدائق الحيوانات فى إفريقيا، والتى كانت تسمى «جوهرة التاج» لحدائق الحيوان فى إفريقيا، واقتطع من مساحتها التى تبلغ ٨٠ فدانًا حيز من الأرض لإنشاء المجزر الوحيد للحمير بمصر بإشراف من وزارة الزراعة.
المكان لا يشغل رواد الحديقة الذين قدموا لرؤية صنوف وأنواع مختلفة من الحيوانات، فالصغار والكبار يمرون بجوار البوابة المكتوب عليها «مقر تغذية الحيوانات.. ممنوع الدخول لغير العاملين»، ولا يقصده أحد من الزائرين، بينما يدخله الدكتور «ربيع»، المسئول عن تسلم التغذية بصفة يومية، ولا أحد يعترضك إذا اقتحمت البوابة واتجهت للداخل قليلًا، وهو مكان المجزر، هذا المكان الذى لم تنشر له صورة من تاريخ إنشائه حتى اليوم، وكأنه سر عسكرى ممنوع كشفه لغير العاملين.
البداية كانت بسؤال أحد العمال الذى يجلس على ظهر سيارة نقل محملة بـ«خس، جزر، موز، بيض»، عن الأطباء البيطريين للتحدث معهم، إلا أنهم رفضوا الإدلاء بأى معلومة، وأوصوا بالدخول إلى المدير العام، الذى يقع مكتبه على بعد أمتار من هذا المكان.
فى مكتب تحيطه الأشجار من كل اتجاه، كان يجلس الدكتور رشاد رحيم، مدير عام حدائق الحيوان بالجيزة، الذى قال إن مجزر الحمير بحديقة الحيوان هو الوحيد فى مصر طبقًا للقانون رقم ٨٩ لعام ١٩٨٨، ولا يقتصر على ذبح الحمير لتغذية الحيوانات المتواجدة بالحديقة فقط، ولكن يستخدم فى ذبح الحمير للجهات المصرح لهم ذلك، ومنها السيرك القومى وحدائق الحيوان المرخصة، مبينًا أنه لا يقبل ذبح الحمير لغرض تجارى كما يروج البعض، فالأمر يحتاج إلى تراخيص من وزارة الزراعة والطب البيطري.
وكشف «رحيم» لـ«البوابة»، عن أسعار الحمير التى تستقبلها الحديقة، حيث يصل سعر الحمار إلى ٧٠٠ جنيه، ويتم شراؤه وفقًا لمناقصات تعلن عنها الإدارة، ويتقدم عدد من التجار حتى يقع الاختيار على أحدهم، موضحًا أنه يتم تسلم الحمير حية، وتمر بمراحل عدة، بدايتها طبيب بيطرى مخصص لاستقبالهم، ويقوم بتوقيع الكشف عليهم، فإذا كان الحمار به مرض ما أو به ديدان أو قرح، ترفض الحديقة شراءه، وما يتم الموافقة عليه يدخل إلى المجزر لإتمام عملية الذبح، ثم الكشف مجددًا على اللحوم عن طريق البيطريين أيضًا.
وبسؤاله عن مصير ما يتبقى من الحمير بعد تقديم اللحوم للأسود والضباع، يجيب: «كل حيوان يفضل قطعا معينة، فالأسود تأكل الرقبة والضباع من البطن، وهى من الحيوانات النزيهة؛ فلا يقبل إلا باللحم النظيف، أما المخلفات والأحشاء فيتم التخلص منها عن طريق حرقها بالمحرقة الملحقة بالمجزرة».

ويشير إلى أن ما يشغل الرأى العام حاليًا، هى جلود الحمير التى كنا نحتار فى كيفية التخلص منها، وكانت تترك لفترة طويلة حتى نكتشف أنها «دوّدت»، وحتى لو فكرنا فى بيعها فسعرها لا يتخطى ٦٠ جنيها، أما الآن فوصل السعر إلى ٣٠٠٠ ثم استقر عند ٢٤٠٠ جنيه، بعد ظهور الصين فى الصورة وطلبها استيراد الحمير الحية للاستفادة من جلودها ودخولها فى صناعة الأدوية هناك.
ويقول «رحيم» إن الحيوانات كانت تستهلك لحوم حلال من البقر والجاموس بـ٣٢ ألف جنيه شهريًا، وفى ظل ارتفاع الأسعار بدأنا فى تخفيض الوجبات الحلال المقدمة وتحل محلها لحوم الحمير، بما يوفر لنا ٦٠٠ ألف جنيه سنويًا، مؤكدًا أنه فى حال زيادة أعداد الحمير المذبوحة بغرض بيع الجلود، سيتسبب فى أزمة فيما يخص اللحوم والهياكل التى يتم التخلص منها بإلقائها فى الطرق والمصارف، رغم إمكانية الاستفادة منها بطرق عدة، منها: طحنها ودخولها فى صناعة علف الأسماك.
وبعد انتهاء المقابلة معه وطلب التقاط عدة صور ومقطع فيديو من داخل المجزر، هاتف «رحيم» أحد الأطباء البيطريين، ويدعى دكتور «ربيع»، وطلب منه تسهيل تلك المهمة من خلال اصطحاب محررة «البوابة» إلى المجزر وإتاحة التقاط الصور، ومن هنا بدأت الأزمة، حيث اعترض «ربيع» على ذلك مبررًا رأيه بعدم نظافة المجزر فى الوقت الحالي، وبعد الخروج من مكتب مدير عام حديقة الحيوان، غيّر مساره بزعم أخذ موافقة مدير الإدارة أولًا.
وعلى بعد أمتار، كان هناك مدخل من بوابة حديدية لمكاتب عدة، وفى إحدى الغرف كانت تجلس «مها صابر»، مدير إدارة حديقة الحيوان، والتى اعترضت فى البداية على توقيت تصوير المجزر وهو الواحدة ظهرًا، إذ قالت: «بعد انتهاء عمليات الذبح وتوزيع اللحوم على الحيوانات، يصبح المجزر غير نظيف، وبالتالى لا نريد نشر صور له بهذا الشكل». وتابعت: «فوتى علينا بكرة الصبح يكون نضيف».
ووافقها الدكتور «ربيع» فى رأيها وطلب منها إنقاذه من هذا المأزق، ثم غادر بحجة استلام غذاء الحيوانات من المخزن لتقديمه لها فى الوجبة الثانية، وبعد إلحاح فى التقاط صورة واحدة، أكدت لنا أنها ليس مخولا لها التصريح بالتقاط صور، وستجرى اتصالا بأحد المسئولين تعرض عليه الأمر، إلا أنها عادت بعد دقائق بمبرر جديد، فأوضحت أن المجزر لم تنشر له صور منذ إنشائه حتى اليوم، وهذا الأمر ممنوع تمامًا.
وبسؤال مدير الإدارة عن السبب، أجابت: «وزارة الزراعة قَدمت لها العديد من طلبات إنشاء مجازر للحمير، وإذا تم عرض صور سيجدد هؤلاء مطالبهم بمنحهم تصاريح لتصميم ما هو أفضل من مجزر حديقة الحيوان، ونحن لا نريد ذلك؛ لما قد يعود علينا من خسائر حال الموافقة لهم على تنفيذ ما يريدون».
ثم لم تجد «مها» مخرجا إلا أن تهاتف أحد العاملين بقسم الدعم الفني، للاستعانة ببعض الصور الأرشيفية المخزنة لديهم، وبعد إجراء الاتصال بهم، طلبت من محررة «البوابة» ترك رقم هاتفها لإرسال صور للمجزر والمحرقة على «الواتس آب»، ثم طالبتها بالمغادرة؛ نظرًا لارتباطها بمقابلة صحفية لإحدى القنوات الفرنسية، مع التأكيد على وصول الصور على الهاتف بعد دقائق معدودة، وهو ما لم يحدث، ليظل هذا المكان مجهولًا واعتباره سرا لم يكشف عنه بعد.