الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل تبنى المملكة خريطة تحالفات جديدة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«خطوة جرحت مشاعر المسلمين».. هكذا وصف المحلل السياسى الإيرانى مصدق بور، زيارة الزعيم العراقى الشيعى مقتدى الصدر إلى المملكة العربية السعودية، واستقباله من قبل ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان. وهو وصف مشحون بالدلالات السياسية والدينية التى تكشف فى مجملها عن رغبة إيرانية لم تعد خفية عن عزل الشيعة العرب عن محيطهم، وإحكام السيطرة عليهم، باعتبارهم الامتداد الطبيعى للدولة الإيرانية، بغض النظر عن الهوية والانتماء للوطن. 
لا فرق بين طهران وتل أبيب فى هذه النظرة الطائفية العنصرية التى تعتبر رفاق الدين والمذهب، جزء لا يتجزأ من الدولة، مهما اختلفت جنسياتهم وأوطانهم. 
خطوة ذكية فى سلسلة الخطوات السياسية التى ترسم ملامح الاستراتيجية السعودية الجديدة فى المنطقة.. الانفتاح على العراق يتم عبر خطوات دبلوماسية وسياسية دقيقة بدأت بتعيين سفير جديد للرياض فى بغداد، فى يناير من العام الماضى، بعد قطيعة بين البلدين دامت ٢٥ عاما، أعقبها افتتاح قنصلية للسعودية فى أربيل عاصمة إقليم كردستان فى فبراير من العام نفسه.
وفى ١٩ يونيو الماضى، واصلت المملكة تعزيز تحركاتها تجاه العراق الجديد، ووجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، دعوة إلى رئيس الوزراء العراقى حيدر الـعـبـادى، للقيام بزيارة إلى المملكة؛ حيث أبدت الرياض حينها استعدادها للتنسيق مع بغداد فى مواجهة الإرهاب، فى حين أعلن العبادى، أنه بحث مع المملكة سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات بين البلدين فى جميع المجالات. 
ولم يمض على زيارة العبادى للسعودية شهرا، حتى أكدت الرياض عدم تراجعها عن اختراق النفوذ الإيرانى فى العراق، وبناء تاريخ جديد فى علاقات الجارتين الأكبر فى الخليج، حيث استقبلت المملكة وزير الداخلية العراقى قاسم الأعرجى، الذى كانت تطلق عليه بعض وسائل الإعلام الخليجية حين تسلم منصبه بأنه «تلميذ» قاسم سليمانى زعيم فيلق القدس الإيرانى، وقد أثارت هذه الزيارة تحديدا، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعى، غضبا إيرانيا كبيرا، حيث يعد الأعرجى أحد قيادات ميليشيا «بدر»، التى أنشأتها إيران فى ثمانينيات القرن الماضى إبان الحرب الإيرانية العراقية.
ولأن السياسات الجديدة لا تبنى فقط مع الحكومات، ولأن المجتمع العراقى يموج بتغيرات هائلة على الساحة السياسية فى السنوات الأخيرة، فتحت المملكة خطا سياسيا موازيا مع أبرز القيادات الشيعية فى العراق.. الزعيم مقتدى الصدر الذى حط الرحال إلى المملكة قبل أيام قليلة، فى حلقة جديدة وليست أخيرة من سياسة قطع الطريق على إيران، وتقليم أظافرها فى المنطقة. 
توجيه الدعوة إلى الصدر كان خطوة ذكية أخرى، ليس فقط لشعبية الرجل بين أنصاره من الشيعة والعراقيين بوجه عام، ولكن أيضا بسبب اتخاذه مؤخرا مواقف أوحت باستقلاليته عن النفوذ الإيرانى؛ حيث هتف أنصاره مرات عدة ضد تمدد طهران فى العراق. وبدا الأمر كما لو أن المملكة تبنى خريطة حلفائها من جديد، فى ظل سياسة المبادرة والتخلى عن تحفظها المعهود، وصناعة الفعل، وليس انتظاره. 
الآن تبدو فرصة المملكة قوية فى إعادة بناء هياكل سياسية وطنية فى العراق قبل الاستفتاء الكردى، الذى سيزيد من حالة الانقسام فى العراق، وقد يقود إلى حرب جديدة، خاصة أن العراق وتركيا وإيران تعارض الانفصال، ولهذا يجب على المملكة بالتعاون مع مصر بوصفهما قائدتين للعالم الإسلامى، أن تلعبا دورهما الحقيقى فى القرار العربى، وإعادة القيادات الدينية والسياسية العربية فى العراق إلى الحضن العربى.