الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ولم نخدش لوح زجاج

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا طلبة في الجامعة، وكنا نتظاهر في سبعينيات القرن الماضي. ومازال جيل السبعينيات في ميدان الوطن لم يبرحه، ولم يتخلف عن معركة من معارك بلاده وشعبه من أجل العدل والحرية والكرامة الإنسانية.
لم يلق أحدنا حجرًا ولم يخدش لوح زجاج، ولم يتلفظ لفظًا نابيًا ضد أحد وكنا وقتها شبابًا مسكونين بالاندفاع والثورية، ولكننا وفي الوقت نفسه كنا مهذبين، وكنا، بحق، أحفادًا وأبناء لثوار وامتدادًا لتاريخ الحركة الطلابية في جامعات مصر ومدارسها.
إننا نبت النبلاء في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، نبت من صلب عبد المجيد مرسي طالب كلية الزراعة الذي حمل علم مصر، وهتف مع زملائه يسقط دستور الطاغية إسماعيل صدقي قاصدا دستور 1930 الذي أسقط به الملك فؤاد دستور 1923، وفي يوم 15 نوفمبر عام 1935 خرج طلبة جامعة فؤاد الأول يهتفون بسقوط دستور الطاغية ويطالبون بعودة دستور 23، وبالمناسبة لم يوافق من القوى السياسية على دستور 30 سوى جماعة الإخوان المسلمين وفي منتصف كوبري عباس أطلق الإنجليز الرصاص على حامل العلم المصري عبد المجيد مرسي الذي ظل رافعا يده بالعلم حتى التقطه منه عبد الحكم الجراحي قبل أن يسقط شهيدا، وهتفت الجموع "ياعبد الحكم رفعت العلم"، وسار الجراحي في وجه قوات الاحتلال البريطاني ورفض التوقف، سار ثلاث عشرة خطوة، ومع كل خطوة كان جسده يتلقى رصاصة من بندقية إنجليزي ولم يتوقف إلا بين يدي زملائه الذين نقلوه إلى مستشفى قصر العيني، وتتواصل سطور الملحمة وقبل أن يلفظ الجراحي أنفاسه الأخيرة في 17 فبراير عام 1936 غمس إصبعه في جرحه وكتب بدمه رسالة للإنجليز: "أنا الشهيد المصري محمد عبد الحكم الجراحي قتلني أحد جنودكم الأغبياء، وأنا أدافع عن حرية وطني.. عاشت مصر".
ويسقط دستور الطاغية، ويعود دستور 23 وتتواصل الملحمة متشابكة في خيوطها وكلماتها وأحرفها المضيئة بانفجار مظاهرات الطلبة في فبراير عام 46، مظاهرات طالبت بـ"الاستقلال التام أو الموت الزؤام"، ومن حقنا أن نتفاخر ونزهو بأبائنا، ونعرض من الأسماء بعضها فكان من قيادات الحركة الطلابية في أربعينيات القرن الماضي: "لطيفة الزيات، ثريا أدهم، فاطمة زكي، شريف حتاتة، عريان نصيف".. وغيرهم مئات من الطلبة، والعمال والفلاحين لا تتسع السطور لذكر أسمائهم.
واجه الطاغية إسماعيل صدقي والعدو الإنجليزي الثوار بالرصاص وكانت مجزرة 21 فبراير 1946، وبينما الدماء تغرق الشوارع كان طلبة الإخوان يستقبلون الطاغية في حرم الجامعة وخطب زعيم الإخوان بالجامعة "مصطفى مؤمن" مستشهدا بالآية الكريمة: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا".
وما يحدث الآن في الجامعات المصرية من أحفاد حسن البنا وسيد قطب هو امتداد لخيانة الجماعة الإرهابية للوطن، إن طلبة الإخوان ورثوا أخلاق آبائهم وأجدادهم المنحطة انحطاط أخلاق قطاع الطرق والقتلة.
وأمام هذه الوقاحة والقذارة السلوكية ليصمت أى لسان ينطق بضرورة الحوار مع هذه العصابة، فلا حوار مع مجرمين وليخرس أي متنطع يتحدث عن حقوق لهؤلاء السفلة، وقد قالها القاضي الجليل الذي تنحى في جلسة محاكمة نفر من قيادات عصابة الإخوان: "لم أحتمل قلة الأدب".
كنا شبابًا وكنا سطورًا في تاريخ الحركة الطلابية لم نلق طوبة، ولم نخدش لوح زجاج ، ولم نتلفظ لفظًا نابيًا، هذه هي قيم وأخلاق الحركة الطلابية التي سيواجه بها أولادنا انحطاط وإجرام وقلة أدب طلبة الجماعة الإرهابية.