الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

جابر نصار في حواره لـ"البوابة نيوز": أنا الوحيد اللى حاسبت أعضاء الفريق الرئاسى لـ«مرسى».. ولا بد أن تحافظ الدولة على نجاح الجامعة وتحرص على استقلالها

الدكتور جابر نصار
الدكتور جابر نصار ومحررة البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
٣٠٪ نسبة مشاركة جامعة القاهرة فى ميزانية مسرحية «هولاكو» للشاعر فاروق جويدة
300 مليون جنيه تكلفة بناء مدرستين بتمويل الجامعة فى إطار دورها المجتمعى
525 فدانًا مساحة الفرع الدولى للجامعة
الدور الاجتماعى مثّل عنصرًا مهمًا فى التصنيف الدولى



رفع شعار «بيدى لا بيد عمرو»، فكان سباقا فى كشف الحقيقة، جريئًا فى اعترافه بالخطأ، صادمًا فى قراراته، كسب احترام الكثير بعد قراره بعدم الترشح مجددا لرئاسة جامعة القاهرة، ليكون من القلائل الذين رحلوا سريعًا، ولم يتمسكوا بمناصبهم، إنه الدكتور جابر جاد نصار، الرئيس السابق لجامعة القاهرة، الذى حاورته «البوابة» أثناء جمع متعلقاته من مكتبه، وسط العشرات من المحبين له من الطلاب والموظفين، والعمداء والأساتذة الذين توافدوا لتوديعه.. فإلى نص الحوار.


■ ما آخر قرار حرصت على اتخاذه قبل خروجك من مكتبك؟ 
- أهمها كان بعد استلامى رسائل على صفحتى على موقع التواصل الاجتماعى «الفيس بوك»، وكانت من طلاب كلية الهندسة، للمطالبة بتجديد حمام السباحة الخاص بالكلية، وقمت باعتماد ميزانية تجديده فورا، إلى جانب إصدارى قرارا بتطوير معامل مدرسة فى كرداسة وتوفير التمويل اللازم، وقدره ٧٥٠ ألف جنيه.
وقرار آخر، أعتز به، يتعلق بتمويل إنتاج مسرحية «هولاكو» للشاعر فاروق جويدة، والتى تنتجها وزارة الثقافة والتى تواجه التطرف والإرهاب، ولأول مرة فى تاريخ الجامعات، سوف تشترك جامعة القاهرة بنسبة ٣٠٪ من ميزانية المسرحية بـ٦١٠ آلاف جنيه، وتم اعتماد وصرف الشيك لوزارة الثقافة.
والغريب فى الأمر أنى قمت بتوقيع عدد ضخم جدا من الأوراق، حيث إن أغلب الإدارات خائفة من عدم توقيع تلك الأوراق فى فترة القائم بالأعمال، وما عدا ذلك، كان يومًا عاديًا جدًا لم تختلف فيه سلطاتى عن سابقه، وقمت باتخاذ جميع القرارات التى تستوجب الاتخاذ، وذلك كان لآخر دقيقة فى سلطتى كرئيس جامعة، وقمنا أيضا بافتتاح بعض التوسعات فى مسجد الجامعة.
■ هل هناك مخاوف من أن القائم بالأعمال سوف يستمر لمدة شهرين؟
- هذه مسألة لا تعنيني، «نقطة ومن أول السطر»، فأنا من الساعة الثانية عشرة من اليوم الأول فى أغسطس لست رئيسًا لجامعة القاهرة، وسأكون رئيسًا سابقًا، وأصبحت أستاذًا بها فقط، فأنا لست خائفا على الجامعة، حيث إن النجاح مؤسسى وليس شخصيًا، ولا يمكن أن تنجح جامعة القاهرة بـ٢٤ كلية ومعهدًا بإدارة منفردة بشخص، ولذلك تجد إدارات الكليات ناجحة، وكنت أعتقد أن آخر ثلاثة أسابيع فى ولايتى للجامعة ستكون هادئة، ولكن كانت بها العديد من الأحداث، وتم اعتماد ٣ كليات خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، واعتماد كلية العلاج الطبيعى دوليًا. 
■ وهل تخشى على مستقبل جامعة القاهرة؟
- تجربة جابر نصار فى جامعة القاهرة ليست ملكه، ولكن ملك الدولة المصرية، ولا بد أن تحافظ الدولة على نجاح الجامعة وتحافظ على استقلالها، ومن وجهة نظرى أن النجاحات قامت بسبب استقلالها واحترامها، وكان هناك نوع من الخشونة بين الجامعة وبعض الأجهزة بسبب الاستقلال، وفى ختام تجربتي، أعلنها صراحة، أنه لولا الاستقلال فى التفكير، والتنفيذ، ما نجحت الجامعة، وأصبح لدينا أكبر محطة طاقة شمسية، وأفضل شبكة مرافق، فكنا نخطط تحت الأرض وفوق الأرض.
وأصبح للجامعة دور مجتمعي، ونجحنا فى بناء مدرستين بتكلفة ٣٠٠ مليون جنيه وكذلك الفرع الدولي، والتمويل كله من ميزانية الجامعة، ولا نحتاج من الدولة جنيهًا واحدًا، وهذا النجاح تم فى إطار اللوائح والقوانين.


■ كيف تعاملت الجامعة مع قلة الموازنة؟ 
- بالفعل عانينا من ميزانية ضعيفة، ولكننا لم نتمرد عليها، أو نتحجج بها، وعملنا فى ظل المتاح، وميزانية جامعة القاهرة عام ٢٠١٢ كانت مليارًا و٤٠٠ مليون جنيه، وانخفضت عام ٢٠١٣ لتصبح مليارًا و٢٠٠ مليون، ولو تم حسابها على مدار الأربع سنوات التى قضيتها، لأصبحت ٤ مليارات و٨٠٠ مليون جنيه، وبعد أربع سنوات من تولى منصبى تم إنفاق ٢ مليار و٥٠٠ مليون على الجامعة، وأرحل عن الجامعة، وفى خزانتها مليار و٨٠٠ مليون جنيه منها ٦٠٪ عملة صعبة، ومبلغ ٩٣٣ مليون جنيه مصرى موزعة بين الكليات والجامعة الأم، وأنا أترك الجامعة غنية وقوية.
■ ما ردك على انتقاد الكثيرين لك بسبب تبرعاتك السخية؟
- آمنت بالدور الاجتماعى للجامعة، فتبرعت لصندوق «تحيا مصر»، وساهمنا فى مواجهة السيول، وقامت الجامعة بإنشاء ثلاث مدارس فى شمال سيناء، وكان الغرض من ذلك إبراز الدور المجتمعى للجامعة، ولم نقصر يومًا فى حق تطوير بنية تحتية، أو بحث علمي، ولعب هذا الدور الاجتماعى عنصرًا مهمًا فى تحرك الجامعة فى التصنيف الدولى لها.
■ يرى البعض أن جابر نصار لم يكرم من قبل الدولة؟
- أولًا، جابر نصار لا يحتاج إلى شكر، فأنا قمت بواجبي، وأعتبر نفسى، شخصًا اؤتمنت على عمل، فأديته بكل ما أستطيع من جهد، فاليوم التقدير الحقيقى فى عيون الناس، والتقدير الكبير أيضا هو كلمة السيد عبدالفتاح السيسى عندما يتحدث إلى الوزراء، ويشير إلى تجربة جامعة القاهرة، وتجربة جابر نصار، أليس هذا تكريمًا؟
وليست لدىّ رغبة فى تولى أى منصب وزاري، فأنا أحتاج إلى فترة ألتقط فيها أنفاسي، وأقوم بتوثيق تجربتى فى رئاسة الجامعة لمدة أربع سنوات، ليكون حدثًا تاريخيًا موجودًا، وحاليًا أفكر فى كتابة عدد من الكتب عن تجربة جامعة القاهرة لتكون توثيقًا للأربع سنوات.
■ وما القرارات التى ندمت على اتخاذها؟
- كل إنسان يخطيء ويصيب، وأغلب من اختلفوا معى فى بداية إدارتى للجامعة فى الأيام الصعبة، هم الآن أكثر الناس حزنا على تركى لمنصبي، وهناك أساتذة كبار كانوا يهاجموننى فى العديد من المقالات، واليوم يشيدون بي، ولديهم شعور بالمرارة على خروجي، وهذا يؤكد عظمة المصريين، الذين يساندون من يرون أنه يعمل بكد وبإخلاص.
■ ما أكبر الإنجازات التى تفتخر بها؟
- أنا شديد الاعتزاز بكل ما اتخذته خلال فترة تولى منصبى فى المحصلة النهائية، وهذا بسبب أن قرارات الجامعة مدروسة ومؤسسية، ولذلك نجحت، فلا يوجد عمل عشوائى ينجح، وأى قرار عشوائى كمائدة القمار، ممكن مرة تكسب ولكن تخسر كثيرًا، وقراراتنا علمية، تواجه المشاكل وفيها شفافية، حتى فى أصعب الأوقات كنا نعلنها. 


■ ما المشروع الذى حلمت أن يكتمل؟
- أعتبر الفرع الدولى للجامعة، حلم العمر كله، والذى سيظهر للنور كمرحلة أولى خلال عام واحد، وهو بمساحة ٥٢٥ فدانًا، بتكلفة مبدئية ٦١٠ ملايين جنيه، وللتذكرة فقط، أقول إن فكرة المشروع مثلت أملًا راود مجتمعها الأكاديمى منذ مدة طويلة لما يمثله من معبر مهم للجامعة نحو العالمية، فضلًا عن تقديم خدمة تعليمية للمصريين والأجانب بمعايير دولية وتكلفة فى متناول اليد، وبما يفتح بابًا واسعًا لمفهوم جديد للسياحة التعليمية، التى يمكن أن تعد مصدرًا مهمًا من مصادر الدخل القومي، كذلك كنت أحلم باستغلال أرض «البيرة» ببين السرايات، ولكن لأكثر من عامين فشلت فى الحصول على ترخيص.
■ هل تعتبر أن استمرار قضايا أعضاء هيئة التدريس من الإخوان دون فصل حتى الآن فشل؟
- كل هذه القضايا خرجت من يدى وهى فى ذمة القضاء، وإحنا أول جامعة واجهت الإخوان، لأن قناعتى أنها كانت تتعامل مع الدولة باعتبارها دولة كافرة، وواجهنا الإخوان بفساد مالى، فأعضاؤها «نهبوا الجامعة وخربوا فيها، فحاسبناهم»، ونحن الجامعة الوحيدة من حاسبنا الفريق الرئاسى لمرسى، فى مختلف الكليات، مثل كليات الهندسة ودار العلوم والعلوم، ولكن الجامعات الأخرى لم تتحرك، إحنا مش بنخاف ونحن أول من واجهنا وأخذنا قرارات فصل وتأيدت بالقضاء.
■ وماذا عن قضايا أعضاء هيئة التدريس من النظام السابق؟
- مفيش حاجة اسمها كدة، القانون بيقول إن أى عضو هيئة تدريس يصدر حكم قضائى جنائى ضده يفصل لحين البت فيه، إذا تمت تبرئته يرجع، وذلك ما حدث لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف، والدكتور نصر علام وزير الرى الأسبق، وحتى آخر يوم لى أخذت قرارا بفصل دكتور بكلية الطب، بعد صدور الحكم عليه، وهو الدكتور إيهاب سعد عثمان، الأستاذ بقسم طب العيون وجراحتها بطب قصر العينى وذلك بعد صدور حكم جنايات القاهرة.
■ كم وزيرًا تعاقب عليك أثناء رئاستك للجامعة؟
- تعاقب علىّ ٦ وزراء للتعليم العالى، واختلفت مع الوزراء الستة، ولم تكن خلافات شخصية، ولا أحمل لهم أى ضغينة، حيث إن كلها ملفات تتعلق بالجامعة، وأنا رجل بسيط ولا أحمل ضغينة، ومتسامح واختلفت لصالح المنظومة، وعلاقتى بالناس كلها زى الفل.


■ هل ندمت على معاركك مع أعضاء هيئة التدريس بالجامعة؟
- لم تكن لى معارك، وأكثر من اختلف معي، لم يكن من المتضررين من قراراتي، ونحن الجامعة الوحيدة التى رفعت المساهمة العلمية فى المؤتمرات العلمية، بعد قرار تعويم الجنيه، وتمت زيادتها من ٣٠ ألف جنيه، إلى ٦٠ ألف جنيه، أما مساهمات أعضاء هيئة التدريس للجامعة عند الإعارة، والتى أثير عليها لغط كبير، فأنا أراها حق الدولة، التى علمت الأستاذ ومنحته تعليمًا مجانيًا، وأصبح يساهم بعشرة آلاف جنيه سنويا على كل سنة إعارة له ابتداء من السنة الثالثة له، وحتى السنة العاشرة، وابتداء من السنة الحادية عشرة، يدفع عضو هيئة التدريس المعار عشرين ألف جنيه.
وأقولها صراحة، جمعنا بعد صدور هذا القرار، ٤٥ مليونًا و٨٠٠ ألف جنيه، حدثنا بها المعامل والبنية، ولم ننفق فيها مليمًا مكافآت كما تقوم بذلك الجامعات الأخرى.
■ هل هناك أى مناصب معروضة عليك حاليًا؟ 
- سأعود الى مكتبى لأمارس المحاماة، وبعد إجازة قصيرة لالتقاط الأنفاس، سأعود لكليتى لأمارس الأستاذية، وكل ما يشاع هو تقدير من الناس، الذين يقدرون نصار، ويريدون لى الخير، وهناك من يقول نريد من جابر نصار المئات، وأنا أقول لهم نريد من تجربة نصار الآلاف. 
وكل من يعرفنى، يدرك جيدا، أننى قنوع بما أملكه وليست لدىّ تطلعات، ولم أحلم يوما أن أكون رئيسًا لجامعة القاهرة، فقد استرهبت القبة منذ اللحظة الأولى، ومنظومة القيم التى غرزها أبى لدىّ بما فيها من القناعة، والعيش سعيدا بما أملك جعلتنى مرتاح البال ولا أفكر فى الغد، وحاليًا لا أطمح فى أى منصب سياسى. 
■ ما رسالتك الأخيرة للجامعة؟ 
- أنا راضٍ عما قدمته، وأسلم الجامعة، ولا يوجد بها طالب مكسور الخاطر، ولا طالب تم حجب نتيجته بسبب الرسوم الدراسية، تاركًا الجامعة بها ملايين وقفزت لأول خمسمائة فى التصنيف العالمي، وحتى آخر يوم لى، سابقت الدنيا لأحقق المزيد للجامعة، وتواصلى مع الطلاب كان نقطة فاصلة فى حياة الجامعة، وطورنا الجامعة من الجانب البشري، والبنية التحتية، وابتداء من العام القادم، سيتم إحداث تطوير تكنولوجى بالعديد من الكليات، بدءًا بالسبورات الذكية والتى تدخل الجامعات المصرية لأول مرة، أسوة بجامعات اليابان، والتى ستواجه الخلل فى الأعداد بالكليات المزدحمة، إضافة إلى أهميتها فى الكليات العملية، فضلًا عن إكمال سلسلة تطوير المعامل، ولقد اؤتمنت وجاهدت لأفى بها.