الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

إمام الدعاة يفند حجج المشككين في ألوهية الخالق

«الله».. اليقين المطلق

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلال السنوات القليلة الماضية انتشرت فكرة الإلحاد لدى بعض الشباب، وهذا لا يعنى أنها كانت منعدمة من قبل، لكن وقتها كان هناك جهد كبير من قِبل المتخصصين لمواجهتها، وعلى رأس هؤلاء الشيخ الإمام محمد متولى الشعراوي، الذى كان له العديد من الجولات مع عدد من الشباب الملحد، غير أنه قام أيضًا بطباعة العديد من الكتب والإصدارات التى تتناول تلك القضية.


ومن أبرز كتب الإمام الشعراوي، كتاب «الأدلة المادية على وجود الله» الذى طبع داخل مطابع «أخبار اليوم»، والذى قام فيه بالرد على المشككين وغير المؤمنين بالله عز وجل، متخذًا الحجة والدليل المادى الذى لا يستطيع أحد أن ينكره.
ويستعرض الإمام فى كتابه الأدلة المادية التى تؤكد وجود الله، وأولها هو «الوجود والإنسان»، وأكد فى بداية شرحه لذلك الدليل، أن هذا الكون بكل ما فيه قد وجد أولًا قبل أن يخلق الإنسان، وتلك قضية لا يستطيع أحد أن يجادل فيها، فلا أحد يستطيع أن يقول إن خلق السماوات والأرض تم بعد خلق الإنسان، بمعنى أن الإنسان جاء ولم تكن هناك أرض يعيش عليها، ولا شمس تشرق، ولا ليل ولا نهار، ولا هواء يتنفسه، بل إنه جاء وكل شيء قد أعد له قبل أن يوجد، وليس فقط كل شيء قد أعد له قبل وجود البشر، بل إن هناك أشياء أكبر من قدرة الإنسان خلقت وسخرت لخدمته وتعطيه كل متطلبات الحياة دون مقابل، وأشياء أخرى خلقت وسخرت للإنسان تعطيه ما يشاء، لكنها محتاجة إلى جهد الإنسان وعمله؛ وذلك حتى تتم عمارة الأرض.
ويؤكد الشعراوى أن قدرة هذا الكون لا تخضع لنا ولا لقدراتنا، بل هى أكبر من هذه القدرات بكثير. فالشمس مثلًا أقوى من قدرة البشر جميعًا، وكذلك الأرض والبحار والجبال، إذن فلا بد أن تكون هذه الأشياء قد أخضعت لنا بقدرة من خلقها وليس بقدرتنا نحن.
وبين صفحات كتابه انتقل شيخنا الجليل إلى تأكيد أن الله وحده الخالق، بقوله: فإذا كان ذلك الذى اخترع المصباح قد حرص على أن يعرف العالم كله اسمه وتاريخه وقصة اختراعه، أيكون الذى أوجد الشمس غافلًا عن أن يخبرنا أنه هو الذى خلقها؟ وإذا كانت هناك قوة أخرى قد أوجدتها أفلا تعلن عن نفسها؟ إذن فقضية الخلق محسومة لله سبحانه وتعالى؛ لأنه وحده الذى قال إنه خلق حتى يأتى من يدعي الخلق، ولن يأتي؛ لأن الله سبحانه هو وحده الخالق بلا جدال، وحتى الكفار لم يستطيعوا أن يجادلوا فى هذه القضية، لذلك يأتى القرآن فى سورة العنكبوت فيقول (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ).
ثم ينتقل الشيخ الشعراوى إلى عرض نقطة أخرى، ألا وهى «تحدى الله عالم الدنيا»، بقوله: إننا نريدهم ونحن نتحدى علماء الدنيا كلها أن يأتى عالم فيقول لنا إنه أوجد من عدم أو أنه خلق ذكرًا وأنثى من أى شىء موجود فى هذا الكون، وما أكثر الموجودات فى كون الله، وهنا تأتى الحقيقة القرآنية تتحدى فى قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ). 
هذا هو التحدى الإلهى الذى سيبقى قائمًا حتى يوم القيامة، فلن يستطيع علماء الدنيا ولو اجتمعوا أن يخلقوا ذبابة، ولقد وصل الإنسان إلى القمر وقد يصل إلى المريخ، وقد يتجاوز ذلك لكنه سيظل عاجزًا عن خلق أى شىء، والعلم كاشف لقدرات الله فى الأرض ولكنه ليس موجودًا لشىء. 
واستعرض الشعراوى من خلال هذه النقطة، الهواجس التى تناقلها عدد من الفلاسفة، بأن الثبات وحده لا يعطى القدرة الكاملة للحق سبحانه وتعالى، ذلك أن الإله بقدرته لا بد أن يستطيع أن يخرج عن ميكانيكيته هو دوام القدرة أو طلاقة القدرة، أما بقاء الثابت على ثباته فإن ذلك قد يعطى الدليل على دقة القدرة وإبداع الخالق، لكنه لا يعطى الدليل على طلاقة القدرة. 
ويكمل عرض فكرته بقوله: إن الله قد أعطى فى كونه على طلاقة القدرة، ولكنه لم يعطه فى القوانين الكونية؛ لأنه لو أعطاه فى القوانين الكونية فأشرقت الشمس يومًا وغابت أيامًا، ودارت الأرض ساعات وتوقفت ساعات، وتغير مسار النجوم، لفسد الكون، إذًا فمن كمال الخلق أن تكون القوانين الكونية بالنسبة للنظام الأساسى للكون ثابتة لا تتغير، وإلا ضاع النظام وضاع معه الكون كله، فلا يقول أحد إن ثبات النظام الكونى يحمل معه الدليل على عدم القدرة، بل هو يحمل الدليل على طلاقة القدرة التى تبقي هذا النظام؛ ليصلح الكون.
ثم ينتقل الشيخ الشعراوى إلى استعراض نقطة "الإنسان وقدرته"، فيستعرض من خلال الكتاب شرحها بقوله: ثم نأتى بعد ذلك إلى غير المؤمن الذى يقول أنا سيد نفسي، أنا حاكم نفسى أفعل بها ما أشاء، فنقول: هذا افتراء على الله، فجسدك هو مِلك لله، وهو يفعل فيه ما يشاء إلا ما شاء أن يجعلك فيه مختارًا. وإذا لم تصدق ذلك فانظر إلى جسدك. القلب ينبض فهل أنت الذى تجعله ينبض؟ وهل تستطيع أن توقفه قليلًا ليستريح؟
وينتقل الشعراوى إلى نقطة الضحك والبكاء ليقول: بل أكثر من ذلك تحديًا من الله يأتى الحق في كتابه الكريم فيقول «وأنه هو أضحك وأبكى»، وأكثرنا يمر على هذه الآية الكريمة ولا يلتفت إليها، لكن هذه الآية فيها إعجاز من الله معناه أن الضحك والبكاء من الله، وكونه من الله يكون لجميع خلقه فالله حين يعطي، يعطى الخلق جميعًا، ذلك هو عدل الله.
ومن النقاط التى أثارها الإمام فى كتبه هى حديثه عن "الإنسان والزمن"، بقوله: من العجيب أنك ترى أكبر أطباء القلب يموتون بأمراض القلب، وأكبر أطباء المخ تنتهى حياتهم بمرض فى المخ، فإذا ملكت اللحظة التى تعيش فيها وبقيت حتى ساعة إتمام الفعل، فإنك قد تصاب بمرض يقعدك عن الحركة فلا تستطيع إتمام الفعل، هذا بالنسبة للفاعل.
ويختم الشيخ الشعراوى كتابه بقوله: لأن دليلنا ويقيننا أن الله هو الذى قال، ولكننا نكتب هذا الكتاب لنرد على غير المؤمنين، ولذلك فنحن نأتى بالحجة والدليل المادى ما لا يستطيعون أن يردوا عليه، ونحن لا نقدر أن نحيط بكل آيات الله فى الكون، وفى جولة تشمل الكون المحيط بنا وحسب قدراتنا البشرية، سنثبت أن لله آيات ومعجزات ذكرت فى القرآن الكريم، واعترف غير المؤمنين أنه لا يمكن أن يكون منزل هذه الآيات إلا الله سبحانه وتعالى.