السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الله" في عيون وفكر الأدباء والمفكرين

العقاد دافع فى كتبه عن الإسلام.. وتأكيد حقائق الإيمان علميًا

عباس العقاد-زكى نجيب
عباس العقاد-زكى نجيب محمود-أنيس منصور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت رحلة البعض من الأدباء والمفكرين الراحلين، بالتوجه الفلسفى بعيدا عن الدخول فى معترك الفكر الدينى، ومناقشة وجود الله والديانات والعقائد، لكن مع الوقت تغير اتجاه البعض منهم، واتجهوا إلى كتابة مقالات وكتب تتناول رؤيتهم لقضية الألوهية، مؤكدين أنه الحقيقة الوحيدة الموجودة فى الكون.

عباس محمود العقاد
على رأس هؤلاء الأديب الراحل الكبير عباس العقاد، الذى اهتم فى بداياته بالكتابة فى موضوعات فلسفية وتاريخية..إلخ، إلا أن العقاد ركز فى مرحلة معينة بعد ذلك على الدين، حيث دافع فى كتبه عن الإسلام وتأكيد حقائق الإيمان علميا فى كتب منها «الله، حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، وتعددت بعد ذلك مؤلفات «العقاد» الإسلامية حتى تجاوزت ٤٠كتابًا، فتناول رموزًا إسلامية فى عبقرياته والتى استهلها بعبقرية محمد، ثم توالت باقى السلسلة التى ضمت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية علي، وعبقرية خالد، وداعى السماء بلال، وذو النورين عثمان، والصديقة بنت الصديق، وأبوالشهداء وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان، وفاطمة الزهراء والفاطميون.
فى تلك الكتب لم يهتم العقاد بسرد الحوادث وترتيب الوقائع، وإنما عنى برسم صورة للشخصية تعرفنا به، وتجلو لنا خلائقه وبواعث أعماله، مثلما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين، وقد ذاعت عبقرياته واُشتهرت بين الناس، وكان بعضها موضوع دراسة الطلاب فى المدارس الثانوية فى مصر، وحظيت من التقدير والاحتفاء بما لم تحظ به كتب العقاد الأخرى.
وتوالت كتب العقاد فى مجال الدفاع عن الإسلام منها «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، الفلسفة القرآنية، التفكير فريضة إسلامية، مطلع النور، الديمقراطية فى الإسلام، الإنسان فى القرآن الكريم، الإسلام فى القرن العشرين.. إلخ، كما دافع عن الإسلام أمام الشبهات التى يرميه بها خصومه وأعداؤه، مستخدمًا علمه الواسع وقدرته على المحاجاة والجدل، وإفحام الخصوم بالمنطق السديد، فوازن بين الإسلام وغيره، وانتهى من الموازنة إلى شمول حقائق الإسلام وخلوص عبادته وشعائره من شوائب الملل الغابرة حين حُرِّفت عن مسارها الصحيح، وعرض للنبوة فى القديم والحديث، وخلص إلى أن النبوة فى الإسلام كانت كمال النبوات، وختام الرسالات وهو يهاجم الذين يدعون أن الإسلام يدعو إلى الانقياد والتسليم دون تفكير وتأمل، ويقدم ما يؤكد أن التفكير فريضة إسلامية، وأن مزية القرآن الأولى هى التنويه بالعقل وإعماله، ويكثر من النصوص القرآنية التى تؤيد ذلك، ليصل إلى أن العقل الذى يخاطبه الإسلام هو العقل الذى يعصم الضمير ويدرك الحقائق ويميز بين الأشياء.

زكى نجيب محمود
هناك أيضًا المفكر والفيلسوف الراحل زكى نجيب محمود، الذى ارتبطت كتاباته فى البداية بالفلسفة الوضعية المنطقية، ولم يهتم فى بداياته بالكتابات الإسلامية أو الأمور العقائدية، حيث فطن «محمود» منذ وقت مبكر من بدء نشاطه الفكري، إلى أن ما يميز العصر الذى نعيش فيه، هو بروز ثقافة جديدة يحتل فيها الإنسان دور الفاعل الأول والأخير فى العالم الذى يمثل بالنسبة إليه مجالا للتجربة وللعمل، لا مجالًا للتأمل والنظر المجردين اللذين لا صلة لهما بالواقع.
إلا أنه وبعد الكثير من الكتابات الفلسفية والمنطقية، شرع فى نهاية حياته فى دخول مجال الفكر الإسلامى، فكتب العديد من الكتب التى تحاول معرفة الله والبحث عن الوسائل التى تعيد العالم الإسلامى إلى موقع الريادة والقوة، واهتم بمحاولات الكشف العلمى عن أسرار الكون، وعدم الوقوف عند الأسرار بل تحويل العلم إلى عمل فى مجالاته التطبيقية التى تفعل حياة الإنسان العلمية، مؤكدا أن تلك هى الدلالة الحقيقية لمعنى كلمة «اقرأ» أول ما نزل به الوحى بالقرآن الكريم على نبى الإسلام، وأن العلم هو الركيزة الصلبة التى تقام عليها أركان الإسلام.
كما تحدث فى كتبه عن ثنائية الدين والعلم، وأكد أنه يتفرع عنها تحديد مفهوم الحرية، وأنه لا بد من التمييز بين التحرر من القيود على مختلف أنواعها، وبين معنى الحرية التى هى بالضبط قدرة الإنسان على امتلاك زمام أموره تجاه أى موقف من مواقف الحياة، مؤكدا أن الإسلام ليس مسئولًا عن تخلف الأمة الإسلامية العلمي، بل هو خطؤنا فى تشخيص أهمية العلم بأسرار الكون، والانتفاع بذلك العلم فى الحياة العملية.
ويعتقد زكى نجيب بالعقيدة القرآنية «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، وأهم ما يجب تغييره، بحسب ما يرى هو التطرف فى العقيدة، هذا التطرف الذى لا يهيئ المجال أمام رؤية ما يكون عند أصحاب الاتجاهات الأخرى من حق.

أنيس منصور
ويعد أنيس منصور من أكثر الأدباء الذين كتبوا فى الفلسفة والأدب خلال مسيرة حياته، ويقال إنه جالس كبار الأدباء والكتاب والفلاسفة الذين مروا به فى حياته الممتدة، وكان مولعًا بالنقاش والاستماع، وحكى فى كتابه «صالون العقاد» الكثير عن لقاءاته بالعقاد وطه حسين، وفى فترة من الفترات كانت كتابات أنيس منصور فى «ما وراء الطبيعة» الأكثر انتشارًا بين القراء والمثقفين، ومنها «الذين هبطوا من السماء»، الذين عادوا إلى السماء، لعنة الفراعنة» ولا ينفى هذا أنه حفظ القرآن الكريم فى سن صغيرة، لذا يظهر التوجه الإسلامى له من خلال قوله فى إحدى كتاباته: «ما الذى حدث فى مصر أخيرًا: هل ارتد المصريون عن الإسلام.. هل كفروا.. هل أغلقوا أبواب المساجد.. هل هدموا المآذن.. وهل صرحوا بأنهم لا يريدون عمرة ولا حجًّا؟ هل يطالب المصريون بدين جديد؟ ماذا جرى للناس؟ لا شيء من ذلك قد حدث. إذن لماذا يظهر المشايخ وأدعياء الفقه والشريعة والتفسير فى كل القنوات والبرامج، وكلهم فى غم محمومون يصرخون.. والناس أيضًا، فهم يسألون فى كل صغيرة وكبيرة خوفًا من جهنم.. خوفًا من الخروج على الدين وعلى المذاهب؟».
ويعلل «منصور» فى كثير من كتاباته ضجره من ذلك، بأنه لا شيء حدث يزلزل الإيمان واليقين، وأن المصريين هم أكثر الشعوب الإسلامية تمسكًا بالدين.