الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

4.9 مليون عقار مخالف في مصر.. 317 ألف مبنى مقام بدون تراخيص.. 365 ألف قرار إزالة صادر من المحافظين و"الشريف" يتجاهل توصيات هدم "عقارات الموت"

الدكتور هشام الشريف
الدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أعلى نقطة بـ«برج فودة»، يمكن لك أن ترى القاهرة بمناظرها الخلابة، ولمَ لا؟ فهو أعلى برج فى مصر، ويفوق ارتفاعه برج القاهرة الشهير، هو يسبق كل المبانى الشاهقة فى منطقة الخليج.
برح فودة، واحد من أقدم النماذج الذى تكشف بشاعة وحجم الفساد الذى تشعب فى كل أروقة وزارة التنمية المحلية، يقف شاهدًا على ضعف وارتباك وعدم قدرة الوزارة على اتخاذ قرار فى ملف البرج لأكثر من ٤٣ عامًا.
فإذا كان المعلوم أن جرائم البناء دون ترخيص تجتاح بر مصر، ولكن هذه المرة، ليس من مكان عشوائي، وإنما وسط الحى الراقى بشارع حسن صبرى، يربض برج سكنى مكون من عشرات الطوابق التى لا ترى فيها سوى لون الظلام، دون كهرباء ومرافق، فلا سكان، فقط باب حديدى مغلق. «برج فودة»، يحتفظ بطرازه المعمارى المستدير، يشق الفضاء ارتفاعًا، صاحبه رجل الأعمال المهندس خالد فودة، بناه على غرار ناطحات السحاب الأمريكية.
شيد سنة ١٩٧٤، حيث بدأ بعمل جراجات على الأرض، وكان من المفترض بناء ٧ أدوار تحت الأرض، والارتفاع ٥٣ طابقًا، كما صرح بالترخيص على رخصتين، رخصة ٩ أدوار والثانية ٤٥ دورًا، بجوار نادى الجزيرة، وبحسب المعلومات، أنه أثناء تشييده تم عمل أول محطة لعمل الخرسانات الجاهزة فى شارع صلاح سالم، وتم نقلها عبر سيارات مخصصة لذلك فى أواخر السبعينيات، إلا أنه فور الانتهاء من تنفيذه رفضت محافظة القاهرة توصيل المرافق إليه، بحجة أن المحافظة لا تسمح إلا بدور واحد تحت الأرض، ومن يومه يقف البرج كاشفا عن عجز المحليات فى اتخاذ قرار بشأنه، وفاضحا عن مافيا داخل أروقة الوزارة، تحمى أصحاب المصالح بمقابل معلوم.
تقدم مالك العقار بطلب لمحافظة القاهرة عند طريق أحمد محرم، وزير الإسكان الأسبق، وهو الاستشارى الإنشائى للبرج، وتمت المناقشة مع مختلف أجهزة المرافق العامة، وعرض أن يعمل جراجًا أسفل الشارعين المحيطين بالمبنى «شارع الجزيرة وشارع حسن صبرى»، وبالفعل تم البدء فى عمل الجراج، ولكن حركة المرور رفضت الترخيص تارة أخرى.

لا يزال فساد المحليات مرضًا ينهش فى جسد هذا الوطن، الذى عانى الأمرين، جراء غياب المسئولية والرقابة من قبل المسئولين عن هذا القطاع المهم والمؤثر فى صلب المجتمع المصري، فما بين مسئول متورط فى الفساد، وآخر لا يؤدى الدور المنوط به.. تصبح حياة المصريين فى خطر. ومن أبرز أوجه الخطر التى تهدد حياتنا كل يوم هى العقارات المخالفة والآيلة للسقوط، والتى غابت عنها أعين المسئولين فى وزارة التنمية المحلية، والتى يتولى حقيبتها الدكتور هشام الشريف، الذى لم يسجل أى إنجاز يذكر منذ توليه حقيبة الوزارة، فهل ينظر الوزير إلى هذا الفساد المستشرى فى عقارات مصر؟
وبنظرة على الإحصائيات الرسمية حول «عقارات الموت»، وهى العقارات المخالفة التى تشكل قنابل موقوتة تهدد أمن الوطن، وبحسب الإحصائيات التى أعلنتها وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية مؤخرا، فإن العقارات المخالفة فى مصر بلغت ٤٫٩ مليون مبنى على مستوى الجمهورية، فى حين وصل إجمالى العقارات المقامة دون تراخيص فى غياب أى دور لمسئولى المحليات حوالى ٣١٧ ألفا و٩٤٨ عقارًا.
وفى سبيل مكافحة هذا الخطر، أصدرت الدولة ٣٥٦ ألفا و٥٠٧ قرارات إزالة من المحافظين على مستوى الجمهورية، لكن لم ينفذ أي منها، وكأن المسئولين فى قطاع المحليات، بدءا من وزير التنمية المحلية ونوابه ومساعديه وصولا إلى مسئولى الأحياء والمدن قد اتخذوا قرارهم بتجاهل الدور الرقابى المنوط بهم، فقد كشف التقرير السنوى الصادر عن النيابة الإدارية بشأن قضايا فساد المحليات عن ارتفاع عدد القضايا المتعلقة بمخالفات البناء إلى ٤٦٩٥ قضية، وبلغ عدد قضايا التعديات على الأراضى الزراعية ٢٦٨٥ حالة تعد. لم تتوقف الأمور عند تلك الحدود، خاصة إذا علمنا أن الأرقام لم تصدر من جهة واحدة، إنما صدرت من عدة جهات علمية ورسمية داخل الدولة، جميعها يشير إلى أن الفساد بالمحليات، بلغ حدا، يهدد استقرار هذا البلد، حيث أكدت دراسات علمية وبحثية أجرتها جامعة القاهرة أن ٩٠٪ من العقارات مخالفة، وهذا يعد تأكيدا لتقارير وزارة الإسكان.
أما عن العقارات الآيلة للسقوط، فقد كشفت تقارير وزارة الإسكان أنها تبلغ نحو مليون عقار فى جميع محافظات الجمهورية، وصدر بشأنها ١٣٢ ألف قرار إزالة لم ينفذ منها شيء، فى خطوة تعد خير شاهد على غياب المسئولين فى وزارة يفترض أن تقوم على التنمية المحلية فى هذا البلد، إلا أنه من الواضح أنها استبدلت التنمية بالإهمال والفساد والتجاهل وغياب الرقابة الذى يعد جريمة فى حق كل مواطن على أرض هذا الوطن. 
وعلى الرغم من أن منطقة وسط البلد ذات الطراز المعمارى الفريد الذى يعود لعقود وقرون سابقة إلا أنها تدخل اليوم فى نطاق الخطر، وذلك بعدما كشفت تقارير وزارة الإسكان أن منطقة وسط القاهرة هى الأكثر خطورة من حيث العقارات الآيلة للسقوط، وتضم مناطقها المختلفة ٣٨ ألف عقار مهدد بالانهيار، منها عقارات أثرية يقع أسفلها ٥٥ ألف محل، وصنف منها ٤٣٣ عقارًا تحت بند شديدة الخطورة.
وفى تقرير لمحافظة القاهرة، احتلت أحياء وسط القاهرة النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد ٢٧٠٠ عقار، فيما بلغ إجمالى القرارات بالمحافظة ٨٨٠٠ عقار، تلتها المنطقة الجنوبية بـ٢٥٠٠ عقار، كما كشفت الإحصائيات الصادرة عن وزارة التنمية المحلية أن إجمالى عدد قرارات الهدم الصادرة لمبان على مستوى الجمهورية بلغ نحو ١١١ ألفا و٨٧٥ تم تنفيذ ٦٩ ألفا منها، ومحلات صدرت لها تراخيص من الجهات الإدارية «الأحياء»، بما يعنى أن الأمور تسير فى اتجاه «شيلنى وأشيلك».
وأفادت الإحصائيات بأن القاهرة الكبرى تحتل المركز الأول فى مخالفات البناء والإزالة، حيث إن ٤٠٪ من أحياء القاهرة بحاجة ماسة إلى إعادة تجديد، بينما تحتل محافظة الجيزة المرتبة الثانية فى مخالفات البناء، حيث وصل عدد العقارات المخالفة بها ٦٠ ألف عقار، وبلغ عدد قرارات الإزالة نحو ٥٢ ألفا و٥٨٨ قرار إزالة، تم تنفيذ ٢٨٥٩ قرارًا منها، ولم يتم تنفيذ ٤٩ ألفا و٧٢٩ قرارا.