الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

فتاوى الكهنة تشعل الوسط القبطي.. بدأت برفض الرقص والماكياج وانتهت بتحديد الملابس.. وكنائس محرم بك تطالب الوافدين بالاحتشام

كنيسة
كنيسة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اشتعلت أزمة الفتاوى فى الوسط القبطي، بعد أن تعدت الأمور العامة، مثل حظر الاحتفال بليلة العمر أو الرقص والطرب، لتصل إلى التحكم فى رداء الوافدين للكنائس مستندين إلى الآية «ببيتك يا رب تليق القداسة»، وأثارت الجدل بمنع المكياج وارتداء البنطلون، وحضور العروس لفرحها بفستان مكشوف.
فتاوى عديدة وتبدو مثيرة للدهشة، كان آخرها ما نشره عدد من كنائس محرم بك فى الإسكندرية وغيرها من بوستر مصور فى مدخل الكنيسة يحمل عنوان «ببيتك يا رب تليق القداسة - لجميع الأعمار ملابس محتشمة»، وجاء ذلك تزامنًا مع موسم الصيف، نظرًا لتوافد المشاركين أحيانًا من المصيفين مرتدين ملابس البحر أو ملابس خفيفة.
وحدد البوستر، صورًا للملابس المقبولة والمرفوضة لدخول الكنيسة، وأسندوا تعليمات لأفراد الأمن بالكنيسة التدقيق والتفحص واستيقاف ومنع المرتدين ملابس غير مطابقة للمواصفات المشروطة.
صدور الفتاوى المنفلتة يهدد ببركان غضب
طالت الفتاوى أمورًا عقائدية وطقسية، فتجد رمزًا بالكنيسة الإنجيلية يتحدث عن ثوابت إيمانية تخالف عقيدته البروتستانتية، ومطران أرثوذكسى يجيز تناول المرأة وهى فى حالة الحيض والنفاس، وغيرها من الأمور التى ولدت احتقانًا مكتومًا داخل الوسط القبطى.
وأحدث «شنودة منصور» ـ أحد كهنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية شقيق أحد سكرتارية البابا الراحل شنودة الثالث ـ بَلبلة بسبب تصريحاته التى أطلقها عبر إحدى الفضائيات حول ملابس الفتيات المسيحيات. ما دعا البعض للتظاهر احتجاجا على حديث الكاهن ومطالبة الكنيسة باتخاذ إجراءات رسمية ضده لما طال بنات الكنيسة من حديث، وعليه أصدر البابا تواضروس الثاني، قرارًا رقم ٧ لعام ٢٠١٦ بإيقافه عن جميع الأعمال الكهنوتية.
كما كان لأحد الأساقفة الكبار نصيب فى الفتاوي، حيث تطرق إلى الأمر نفسه حينما طالب الفتيات المسيحيات، بالاقتداء بملابس المسلمات وارتداء لباس الحشمة، ما أثار غضب عدد من الفتيات، ونظمن وقفة احتجاجية بالكاتدرائية ضد تصريحاته.
وفى أواخر عام ٢٠١٥ أصدر المجلس الإكليريكى المحلى بإيبارشية «ملوي»، بيانا حرم فيه تناول الخمور والمخدرات والرقص على موسيقى الـ«D J»، فى ليلة «الحنة»، ووصفها بتجاوزات لا ترضى الله ولا تليق بأبناء الكنيسة. مؤخرا أيضا أحدث الأنبا «بفنوتيوس»، مطران سمالوط للأقباط الأرثوذكس والمرشح البابوى السابق، بلبلة حول «تناول المرأة أثناء الدورة الشهرية»، بعد أن أفتى بإباحة «التناول» فى كتابه الصادر مؤخرا «المرأة فى المسيحية.. قضايا مثيرة للجدل»، ما يعد مخالفًا لتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية بدعوى عدم طهارتها.
فتوى «مطران سمالوط» لاقت هجومًا شديدًا من أوساط المتشددين الذين طالبوا بالتحقيق معه، فيما سانده جانب التنوير من العلمانيين، «بفنوتيوس» استند فى فتاواه إلى أن «الحيض» عملية فسيولوجية طبيعية خلقها الله مثل باقى إفرازات الجسم ومنها العرق أو اللعاب أو الدموع، وأن المسيح لم «يرذل» المرأة نازفة الدم، وطالب أيضا فى كتابه الكنيسة بالسماح باستخدام وسائل منع الحمل التى تسبب إجهاضًا بنسب مختلفة مؤقتا بمبدأ الرحمة فوق العدل لحين وجود بديل كفء لها لا يسبب إجهاضًا.


سكرتارية المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ردت على الجدل الدائر حول «تناول المرأة الحائض»، وأكدت تمسكها بتقاليد الكنيسة المستقرة منذ قرون، وأن ما يثار بشأن هذه الموضوعات لا يتعدى كونه اجتهادًا بحثيًا لا يعبر سوى عن رأى أصحابه ووجهة نظرهم. 
تعليمات عامة وليس لكنيسة بعينها 
نفى القمص بقطر ناشد راعى كنيسة مارجرجس بقرية العلا الشرقية بمنطقة النهضة بالعامرية، وجود تعليمات إلزامية للمصلين بالكنائس بارتداء ملابس معينة أثناء تواجدهم بالكنيسة للصلاة. وأن الأمر خارج عن إطار الفتوى الإجبارية كما يدعى البعض، والأمر مجرد نصح وإرشاد للفتيات والنساء بالاحتشام.
وأكد «ناشد» فى تصريحه لـ«البوابة» أن ما صدر من إحدى الكنائس من تعليمات بشأن ارتداء ملابس محتشمة للمصلين فى فصل الصيف، تعليمات عامة وليس لكنيسة بعينها، وخاصة أن هناك كنائس قريبة من البحر فى بعض المناطق، مشيرًا إلي أن جميع الكنائس طالبت أبناءها بالاحتشام. وحول قبول أو رفض تعليمات الاحتشام، أكد القمص بقطر ناشد، أن لكل شخص الحرية فى قبول النصيحة أو رفضها، ولا عقوبة لمن يرفضها، والأمر فى النهاية حرية شخصية. 
حرية الحياة الدنيوية مشروطة بالوصية الكتابية
وفى السياق ذاته قال القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إن المسيحية لا توجد بها فتاوى جاهزة، ولكن هناك إرشادًا ولكنه غير ملزم للمسيحيين، وكل شخص له الحرية فى التصرف فى حياته الدنيوية بما يناسب الوصية الكتابية.
واستشهد قائلًا: إذا جاء شخص يسأل عن ارتداء الشورت فهذا أمر منوط بالمجتمع الذى يعيش فيه، فإذا كان الشخص يعيش فى مجتمع يسمح بهذا الأمر فلا يوجد ما يمنع، مضيفًا: لا يوجد حلال وحرام فى المسيحية، ولكن هنا أفعالًا تليق بأولاد الله وأفعال لا تليق، وهذا أمر يحكمه فهم كل شخص للوصية الكتابية.
من جانبة شدد القس رفعت فكرى نائب سنودس النيل الإنجيلى على عدم وجود فتوى فى المسيحية، وأن هناك مشورة من شخص ذي ثقة ولكن هذا الشخص ليس منوطًا به أخذ قرار بالنيابة عن الأشخاص، مستشهدًا بقول القديس أغسطينوس «أحب الله وافعل ما شئت».
وأضاف: «قول القديس أغسطينوس يؤكد إحدي الأفكار المسيحية الرئيسية وهى «حرية الضمير المسيحى»، مشددًا على عدم وجود آيات بالكتاب المقدس تشير إلى وجود فتوى، ولكن مبدأ المشورة مهم مثل شخص يشيد مبنى ويحتاج إلى مهندس لمساعدته، فالمشير لا يأخذ قرار بالنيابة عن الشخص بقدر ما يوضح الطريق ويرشده.


التعليمات المحملة بالفتاوى نتاج جهل وتخلف
وفى ذات السياق قال إسحق حنا الأمين العام للجمعية المصرية للتنوير التى أسسها فرج فودة، إن المسيحية لا تعرف الفتاوى، ومتبعو ذاك النهج والسالكون فيه بعيدون عن الإيمان المسيحى الذى يسرى بمنهج الروح والحياة فإن المسيح قال «أريد رحمة لا ذبيحة»، والحرف يقتل أما الروح تحيى، ويجب على رجال الدين المسيحى أن تكون هذه الأمور نصب أعينهم دائمًا كونها العمود الفقرى للإيمان المسيحي.
وأضاف فى تصريحاته لـ«البوابة نيوز»، أن المسيحية لا تعرف القوالب الجامدة ولا يمكن اقتصار طقس أو طريقة أو مسلك ونمط واحد للإنسان المسيحى فى عموم الحياة، مشددا علي أن المسيحية روح وحياة تعاش مع الله ومن يعيش الحياة الصحيحة لا يحتاج لمن يرشده. 
وتابع: «كل رجل دين مسيحى يعطى تعليمات والتزامات محددة لكل المسيحيين بشكل واحد يسقط فى خطأ جسيم، لأن المسيحية ليس مسلكًا واحدًا، حتى الطقوس والشعائر بين الطوائف المسيحية تحمل تنوعًا ملموسًا، ومن يتبع تعليمات الغير، فهو جاهل لا يعلم أساسيات كتابه المقدس وليس لديه من الحجة للحديث مع الآخر».
بوسترات الكنيسة تساهم فى اتهام الأقباط بمخالفة العادات والتقاليد
علق كريم كمال الكاتب والباحث فى الشأن السياسى القبطى ورئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، على نشر بوسترات فى بعض الكنائس بالإسكندرية، تشترط دخول الوافدين بزى معين، قائلا: «لا يجب أن تعلق مثل هذه المنشورات على أبواب الكنائس، لأن فيها إساءة بالغة للبنات والشباب المسيحى حيث تصورهم على أنهم مستهترون والكنيسة بالنسبة لهم مثل أى مكان آخر، وهو أمر غير حقيقى، لأن شبابنا المسيحى يضرب به المثل فى كل أنحاء العالم والكثير من الكنائس فى الدول المختلفة تتمنى أن يكون لديها شباب ملتزم ومواظب على حضور القداسات والاجتماعات كما يحدث فى الكنيسة المصرية».
وأضاف أن تلك المنشورات تصب فى صالح الآراء المتطرفة والتى تدعى أن المسيحيين لا يحترمون الكنائس من حيث التصرفات والملبس وأضاف كمال: «البنت المسيحية مثلها مثل أى بنت مصرية، حريصة على احتشامها وتعرف قيمة ورمزية وقدسية الكنيسة وتختار الملابس المناسبة لها دائما، ووجود مثل هذه المنشورات يعطى انطباعًا بأن البنت المسيحية تنتمى لمجتمع آخر غير المجتمع المصرى».
ويرى الباحث فى الشأن القبطي، أن البوسترات تدعو البعض لاتهام أبناء الكنيسة بأنهم لا يعرفون عادات وتقاليد المجتمع ولا يحافظون عليها وهذا عكس الحقيقة.
وتابع: «أتمنى على الكنائس التى تضع مثل هذه المنشورات، أن ترفعها من مكانها حتى لا تعطى انطباعًا عن الفتاة أو السيدة المسيحية المصرية عكس الحقيقة والأمر لا ينطبق على البنات فقط، ولكن أيضا الشباب حريص كل الحرص على اختيار الملابس المناسبة للكنيسة، وإن كانت توجد حالات فردية، فعلاج الأمر يكون بالنصح والإرشاد وليس بالمنشورات».