رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ثورة شعب - النهاية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى اللقاء السابق عند اللقاء الأهم والأخطر بعد الثلاثين من يونيو، حيث التقى الرئيس مرسى الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى الثانى من يوليو بحضور الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، وفى هذا الاجتماع بدا مرسى مهزوزا ومتوترا للغاية، وقد بدأ الحديث متسائلًا للقائد العام عن رؤيته للأوضاع، فقال السيسى: الأوضاع تزداد سوءًا وسيادتكم لا تريد إيجاد حل للمشكلة، فكان رد مرسى: الأوضاع جيدة والشعب معنا وهو يحترم الرئيس الشرعى، ولذلك فقد رفض الخروج فى المظاهرات، فتعجب السيسى وقال: كيف وهناك عشرات الملايين قد خرجت وامتلأت بهم الشوارع، وعلى الفور رد مرسى قائلا: فوتوشوب..كل من شاركوا فى هذه المظاهرات لا يزيدون علي مائة وعشرين ألفًا، فقال السيسى: هذه معلومات مغلوطة، الأعداد وصلت إلى ٣٣ مليونا، فردد مرسى: هذه تقديرات خاطئة وعموما أرجو منك أن تقف مع الشرعية، فقال السيسى: الشرعية هى للشعب، والشعب كله فى الشارع والقوات المسلحة لن تترك الشعب المصرى وحيدا، أنا أطلب منك الاستجابة لمطالب الجماهير، فقال مرسى: هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، إنهم مجموعة حاقدة ومتآمرة على مصر، الشعب مع الرئيس والشعب انتخب الإخوان وفى تقديرنا أن الشعب يريدنا خمسمائة عام على الأقل، واستمر هذا الحوار الجدلى الذى تسرب جزء بسيط منه على اليوتيوب والذى يردد فيه السيسى لمرسى: خايف من إيه؟ مش بتقول إن الشعب معاك، وكان الحديث آنذاك يدور عن إجراء استفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة، وقد نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية فى اليوم التالى محتوى هذا اللقاء، كما نقل الأستاذ مصطفى بكرى جانبا من هذا اللقاء الخطير فى كتابه سقوط الإخوان والذى انتهى بقول السيسى: أدعوك مجددا لمراجعة نفسك والموافقة على طلبات الشعب، وهى طلبات سهلة وبسيطة للغاية، ولكن مرسى أصر على عناده، فغادر السيسى الاجتماع إلى مقر وزارة الدفاع حيث عقد لقاء مع أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وفيه أبلغهم بتفاصيل الحوار الذى دار بينه وبين مرسى، فبات واضحا للجميع أنه لا أمل مع ذلك الرجل الذى سيقود مصر إلى حرب أهلية أكيدة، فملايين البشر فى الشوارع بينما هو يؤكد أنها صور مفبركة وفوتوشوب، وعلى الجانب الآخر كان عصام الحداد يواصل اتصالاته بالمسئولين فى الإدارة الأمريكية وإطلاعهم على خطورة الموقف، وضرورة التدخل السريع لمنع أى إجراء يتخذه الجيش، بينما كان مرسى يحدث الشاطر وبديع هاتفيًا، ويحكى لهما ما دار بينه وبين السيسى، فقال له بديع: التصعيد لا يقابله إلا التصعيد وإياك أن تتراجع أو توافق على طلب واحد من طلباتهم، والحقيقة يا سادة أن المرء إذا توقف بالتفكير المنطقى أمام طلبات الشعب آنذاك فسيكتشف أنها بسيطة للغاية، فتغيير الوزارة لا يتطلب كل هذا العناء، وإقالة النائب العام لا تستوجب كل هذا الجدال، والدعوة إلى الاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة تحتاج لوقت طويل، وإذا كان مرسى يدرك أن الشعب معه فلماذا خشى هذا الاستفتاء، وهذا ما قاله السيسى له، وانتهى اجتماع السيسى بأعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة، بضرورة دعوة كل التيارات الوطنية إلى لقاء تشاورى صباح الأربعاء الثالث من يوليو، للاتفاق على خارطة طريق محددة للخروج من هذا المأزق التاريخى، وبالفعل تم الاتصال بعدد كبير من المعارضين والشخصيات العامة ورؤساء الأحزاب والنقباء، وتم توجيه الدعوة لحزب الحرية والعدالة، لكن الكتاتنى رفض الحضور، أما مرسى فعلم بأمر اجتماع الغد، فقرر أن يتوجه للشعب بكلمة يدعوه فيها للوقوف أمام أى إجراء سيتم اتخاذه ضد الشرعية، وهذا الخطاب هو المعروف إعلاميا وشعبيا بخطاب الشرعية، حيث أخذ مرسى يكرر نفس اللفظ أكثر من مائة مرة، وكان يظن أن الشعب بمجرد سماعه هذا الخطاب سيخرج مدافعا عنه، لكن ما حدث هو أن الخطاب أتى بنتيجة عكسية، وأصبح مثار سخرية منه، لدرجة أن بعض المتعاطفين مع مرسى انقلبوا عليه بسبب شعورهم الذى تسرب إليهم من كلماته التى تنم عن تمسكه بالسلطة، وقارن البعض بينه وبين الرئيس مبارك الذى تخلى عن السلطة فورا ولم يجادل أو يتحدث عن الشرعية وحمايتها، وهكذا أصبح مرسى فى موقف ضعيف للغاية أو فى عزلة حقيقية عما يدور حوله، فقد أصغى لقادته فى الإخوان ورفض النصح من رجال الدولة المخلصين وأتى أفعالا ـ سردناها تفصيلا عبر هذه السلسلة الطويلة من المقالات ـ وكلها تؤكد أنه لم يكن مخلصا لهذا الشعب الأبى، بل كان إخلاصه لجماعته، فهو الذى أبعد أصحاب الخبرات عن دولاب الحكم، وأتى بأهل الثقة من جماعته والذين لا خبرة لهم ولا دراية بأمور الحكم، فكانت النتيجة أزمات اقتصادية وسياسية عنيفة، أدت إلى غضب إخواننا فى الإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت وسائر بلدان الخليج عدا قطر، فتسبب ذلك فى نقص المواد البترولية مما ترتب عليه انقطاع الكهرباء وأزمة الوقود، وأدى عناده المستمر والإعلان الدستورى الذى أصدره إلى قتال بين المصريين وبعضهم البعض، وفى سنة حكمه قامت الجماعات الراديكالية بالتعاون مع شباب وأعضاء جماعته بمحاصرة مؤسسات الدولة ومنعها عن أداء دورها، فالبلطجة هى شعارهم، حتى فيما بينهم حين يختلفون، فأعضاء الإخوان هم من تعدوا على بيت نادر بكار المتحدث الرسمى لحزب النور السلفى حين انتقدهم، وهكذا أصبحت الدولة المصرية على وشك الانهيار حتى توافق الحضور فى اجتماع الثالث من يوليو على صياغة بيان خارطة الطريق والذى ألقاه الفريق أول عبدالفتاح السيسى لتبدأ مصر مرحلة تاريخية جديدة وتطوى صفحة سوداء كتبها مجموعة من تجار الدين والدين منهم برىء.