الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تدويل المقدسات.. إعلان حرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إن المملكة العربية السعودية تعتبر أى طلب لتدويل الأماكن المقدسة عملا عدوانيا، وبمثابة إعلان حرب على المملكة التى تحتفظ بحقها فى الرد على أى طرف يعمل فى هذا المجال».. فى تصورى هذا هو التصريح الأقوى والأبرز منذ خروج الأزمة القطرية إلى العلن، خاصة وهو يصدر من رجل عُرف بدهائه السياسي، وقراءته الواعية لكل ما يجرى فى المنطقة والعالم، واستحالة توريطه فى تصريحات غير مسئولة.
وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير يعى تماما ما يقول، ولا يعنى حديثه سوى أن قطر تسير فى اتجاه تصعيد الأزمة، وإدخال الشعب القطرى طرفا فيها، رغم تأكيد الرباعية العربية منذ البداية على حرصها الكامل على مصالح القطريين، وإعلان الهيئة العامة للطيران المدنى عن تخصيص الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب، ممرات الطوارئ الجوية بعد موافقتها مع سلطات الطيران المدنى فى كل من مصر والإمارات ومملكة البحرين، لتستخدمها الشركات القطرية كما هو معمول به فى حالات إغلاق المجالات الجوية الإقليمية، يتوافق مع هذا الحرص العربى على مصالح الشعب القطرى بالدرجة الأولى.
قطر على خطى إيران فى تسييس الحج، والدعوة لتدويل الأماكن المقدسة.. هكذا يفهم من منع النظام القطرى مواطنيه من تأدية فريضة الحج هذا العام، بحجة أن يعرف العالم الإسلامى والعربى كله مدى كذبها، وهشاشتها وضعفها أمام ما تبذله المملكة بالفعل من جهود جبارة فى تنظيم موسم الحج كل عام، واستقبال ملايين الحجاج من كل أنحاء العالم دون قيد أو شرط، اللهم إلا الالتزام بالقواعد والقوانين التى تضعها المملكة للحفاظ على سلامة الحجيج، وقدسية الفريضة.
لم تمنع المملكة يوما حاجا إيرانيا من تأدية فريضة الله، رغم الصراع التاريخى بين البلدين، ورغم ما تخفيه، وتبديه طهران من عداء بحق المملكة على مدار السنوات الماضية، ورغم حوادث الحجاج الإيرانيين المتكررة.
والمفارقة هنا أن إيران أعلنت الأحد الماضى أن أول قافلة لحجاجها هذا الموسم وصلت الأراضى السعودية، بعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، على خلفية اقتحام مبنى السفارة السعودية فى طهران العام الماضي، والسؤال الملح فى هذه الحالة، ماذا تريد الدوحة بعد أن انكشف كذبها أمام الشعب القطري، وشعوب العالم أجمع؟ وإلى ماذا ترمى من وراء إدارة الأزمة على هذا النحو، وهى تعلم جيدا مدى حساسية أى أمر يتعلق بموسم الحج وتدويل المقدسات الإسلامية بالنسبة للمملكة؟ وهل يعنى هذا التصعيد أن الأزمة خرجت بالفعل عن كل مسارات الحلول الممكنة فى الوقت الراهن؟
تحدث سياسيون عن سياسة الاحتواء المزدوج التى تمارسها الولايات المتحدة فى إدارة الأزمة، بحيث لا تنصر طرفا ضد آخر، وهو أمر أظن أنه محكوم عليه بالفشل، خاصة مع وصول الأزمة لمستويات بالغة التعقيد، سوف تجبر الولايات المتحدة إما أن تنحاز بشكل واضح لصالح أحد أطرافها، وتكشف عن وجهها الحقيقى فى مجال مكافحة الإرهاب، وإما على الأقل سوف ترفع يدها عن قطر وتلتزم الحياد، وتترك الرباعية العربية للقيام بدورها فى معاقبة هذه الدولة المارقة.
لا يمكن فى جميع الأحوال إغفال الربط بين الحوادث الإرهابية المتصاعدة فى كل من مصر والمملكة فى الفترة الأخيرة، وبين تصاعد الأزمة نفسها، ودخولها نفقًا مظلمًا، بسبب إدارة الدوحة للأزمة منذ بدايتها. الأسوأ بالنسبة لقطر لم يأت بعد، والدول الأربع، وتحديدا المملكة العربية السعودية، ما زال فى جعبتها الكثير لتقدمه فى الفترة القادمة، وتصريح الجبير عن «حق الرد المحفوظ للمملكة» يمكن فهمه فى هذا السياق.