الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"أوتسايدر": زغلول النجار وشيوخ الإعجاز العلمي في القرآن سبب إلحادي

أحمد حسين: تأثرت بالإخوان وانضممت للسلفيين وأيدت «القاعدة».. ثم ألحدت

 أحمد حسين أوتسايدر
أحمد حسين أوتسايدر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتبر أحمد حسين «أوتسايدر» واحدا من أكثر الملحدين إثارة للجدل، كونه وصل إلى قمة التشدد، بتأييده فكريا لتنظيم «القاعدة» وإعجابه بقياداته أثناء مراهقته، وهى الفترة التى تزامنت مع الغزو الأمريكى للعراق، قبل أن يتخذ قراره بالإلحاد. 
تتلمذ «أوتسايدر» قبلها على يد الشيخ محمد إسماعيل المقدم أحد أقطاب السلفية العلمية فى مصر والعالم العربي، بعد أن مر بتجربة سريعة مع «الإخوان».
هنا يحكى «أحمد» قصته كاملة من التشدد إلى الإلحاد، أو بمعنى أدق من تكفيره الأقباط وغير المواظبين على الصلاة إلى ترك الدين وإنكار الصلاة والسفر لأمريكا ليعيش هناك، بعد أن ضاق - حسب قوله - بالتمييز العنصرى ضده. فإلى نص الحوار:


■ من هو أحمد أوتسايدر؟
- اسمى الحقيقى أحمد حسين، مواطن مصري، حاصل على ليسانس آداب قسم علم نفس، وعملت كإخصائى نفسى بوزارة الصحة المصرية فى فترة من الفترات.
■ كيف بدأت تجربتك مع الإلحاد؟
- أنا إنسان عادى، وكانت لى تجربة مع بعض الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة، لكن تركتها كما تركت الإيمان بالمنظومة الدينية بوجه عام سنة ٢٠٠٩.
■ كيف كانت رؤيتك للإسلام قبل إلحادك؟
- طبعا كنت أراه دينا عظيما، بل كنت أرى دين الإسلام أيديولوجية قادرة على توحيد البشر وإنقاذها من مصيرها المجهول.
■ إذًا لماذا ألحدت؟
- مبدئيا أنا لا أصنف نفسى كملحد ولا مؤمن بالطبع، ومن الممكن أن تقول إن لى موقفا فكريا معينا من مسألة وجود الإله من عدمه، لكنى فى النهاية لست ملحدا، ولو أنى لا أرى الإلحاد تهمة، إنما قطعا أنا لا أؤمن بالأديان، وسبب أنى جهرت بموقفى من الأديان هو حالة التمييز ضد أى مختلف فى المجتمع، بل كانت تصل لدرجة أن بعض الناس تنكر وجود ملحدين ولا دينيين فى مصر، فقررت أنا وغيرى من أصدقائى أن نعلن عن أنفسنا وعن فكرنا لنقول للناس إننا موجودون بالفعل ومواطنون مثلنا مثل الآخرين، لنا حياة وآمال وتطلعات، ولنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات.
■ ما السبب الرئيسى وراء تركك للإسلام؟
- أسباب كثيرة جدا من الممكن أن ألخصها فى أنها موقف فكرى أخذته بعد دراستى للإسلام، خصوصا جذوره وأدلة صحته كعقيدة وشريعة كما يقدمها علماء الإسلام عبر التاريخ، كل هذه الأدلة لم تكن مقنعة بالنسبة لى أو ضعيفة من وجهة نظري، وكانت سببا فى تركى للإسلام تدريجيا وببطء شديد حيث إنى مررت بمذاهب ومدارس فكرية إسلامية مختلفة قبل أن أقرر ترك الدين.
■ ما أبرز تلك المدارس والمذاهب؟
- فى بداية التزامى الدينى كان يعجبنى الإخوان فى البداية وأفكارهم، وظل هذا الإعجاب حتى التقيت مجموعة منهم وأنا صغير، كان عمرى ١٦ سنة تقريبا، فكرهتهم واصطدمت مع بعضهم، وشعرت من وقتها أنهم غير ملتزمين بالإسلام الأصيل حسب اعتقادى وقتها.
بعد فترة ليست طويلة قابلت سلفيين، وتحمست لهم أكثر، وشعرت أن هؤلاء من يمثلون الدين الإسلامى الصحيح، كما كان فى جيل الصحابة، فلم أر وقتها مثلهم فى الالتزام بعقيدة أهل «السنة والجماعة»، خاصة فى الإيمان بأسماء الله وصفاته مرورا بالزى الإسلامي، كما كان فى العهد النبوى والمظهر الإسلامى كإطلاق اللحى وحف الشوارب، ووقتها اقتنعت بهم وسرت معهم قليلا.
■ هل بالفعل التحقت بالقاعدة كما ردد البعض؟
- كنت متعاطفا مع القاعدة وقتها، ولو كان هناك «داعش» لأيدته أيضا مثلى مثل الشباب المراهق المتعصب للدين وقتها، وكان «بن لادن» بالنسبة لى وكل قيادات القاعدة «قدوة» ومثلًا أعلى، وكنت أحلم بالانضمام إلى التنظيم فى يوم من الأيام، لكنى حتى إلحادى لم أنضم له إلا فكريا، وكنت متحمسا جدا لمتابعة تحركات التنظيم وخاصة فى العراق بعد الغزو الأمريكى لها.
■ من أهم مشايخ السلفية الذين أثروا فيك وقتها؟
- انتميت فترة ليست قصيرة للسلفية العلمية، وكان الشيخ محمد إسماعيل المقدم أكثر من أثر فىّ وقتها، ولما تطور الأمر ووصلت لمرحلة السلفية الجهادية كان الشيخ أبومحمد المقدسى مثلى الأعلى، وتأثرت بكتاباته ومقالاته، وكان أحد أهم منظرى السلفية الجهادية وقتها.
■ كيف كان شكل تدينك قبل إلحادك؟
- طبعا كنت ملتزما دينيا جدا جدا، أصلى الفروض كلها فى المسجد خمسة من خمسة كما يقولون، كنت ملتزما بالهدى الظاهر، ولا أشاهد التليفزيون، ولا أقرأ الجرائد، ولا أسمع الأغاني، ولا أتابع حتى على القنوات الدينية لوجود المعازف فيها ولا أتكلم مع النساء ولا أصافحهن، ولا أصلى فى مساجد الأوقاف من باب الاحتياط، نظرا لأنى كنت أكفر الدولة والحكومة عموما، فكنت بوجه عام متشددا بدرجة كبيرة جدا.
■ ما الموقف الذى جعلك تتخذ قرارا بترك الدين؟
- الموضوع ليس موقفا واحدا أو شيئا واحدا، إنما أقدر ألخص لك أهم موقفين جعلانى أقرر ترك الدين، أولهما اختلاف الإسلاميين مع بعضهم البعض وانشقاقاتهم، وفضحهم لأسرار بعض وقت الخلاف، لتكتشف أن أناسا كثيرين أنت كنت تحترمهم ليسوا ملائكة ولا مثاليين، كما كنت متخيلا، هذا الأمر يسقط سلطتهم الفكرية عنك، ويدفعك للبحث بحرية أكثر لتكتشف أمورا فى الدين نفسه لم تكن تعرفها مثل مسألة الكذب، كان شيئا ضخما جدا بالنسبة لى لما كنت أكتشف أن الشيوخ كذبوا علينا حتى لو كان مبرر كذبهم هو نصرة الإسلام أو إثبات صحته فكان هذا له تأثير كبير جدا عليّ.
■ لماذا انتشر الإلحاد بين السلفيين السابقين أو المتدينين بشدة فى السابق؟
- أعتقد لسببين أولهما معرفتهم الكبيرة بالدين وتعمقهم فيه، ثانيا هو الثورة المعلوماتية التى أصبحنا فيها الآن.
■ لماذا هاجرت إلى أمريكا؟
- سافرت لأمريكا للدراسة والبحث عن فرصة للحياة فى مجتمع يمكن أن يتقبلنى أكثر من مجتمعى الذى أتيت منه، وهذه هى الخلاصة.
■ ما قصة ظهورك فى أحد البرامج الأمريكية للحديث عن قصة تركك للإسلام؟
- كانت دعوة من أحد الأصدقاء لى فى واشنطن من الباحثين فى شئون الإسلام والمجتمع المسلم، وملف المسلمين السابقين بالأخص، فلم أجد مشكلة من الظهور ومحاولة توضيح الصورة للجمهور أو المتابعين الأمريكيين الذين يملكون معلومات سطحية جدا عن المجتمعات الإسلامية، ومع هذا أعلن رفضى لكل أشكال التمييز ضد الأقلية المسلمة فى أمريكا أو أن يستخدم كلامى ضد المسلمين هنا، وهذا ما قلته مع صحفية أمريكية قامت بعمل حوار صحفى بعد ظهورى فى البرنامج الأمريكي.
■ هل ستعود إلى مصر مرة أخرى؟
- من الوارد جدا الرجوع إلى مصر فى أى وقت، بشرط أن أعيش حرا وفى كرامة، ولكنى حتى الآن لا أعرف إن كنت سأعود بالفعل أم لا.
■ مَنْ مِن مشايخ الإسلام من وجهة نظرك سبب فى انتشار الإلحاد؟
- سؤال حلو وطريف وأقدر أقول بكل ثقة إنه الشيخ زغلول النجار وشيوخ «الإعجاز العلمى» فى القرآن بوجه عام.
■ هل تطرف بعض الجماعات الإسلامية يساهم فى انتشار الإلحاد؟
- هذا مؤكد، فتنظيم داعش ساهم فى انتشار الإلحاد فى العالم العربى أكثر من أكبر ملحدين فى العالم، بل إنهم دفعوا كثيرا من المسلمين للتفكير فى الدين حتى لو لم يكونوا ملحدين، وهذا فى حد ذاته كارثة.
■ هل من الممكن أن تعود إلى الدين مرة أخرى؟
- هو شىء صعب جدا حدوثه لدرجة أنى أعتقد استحالته، إنما لو يوما ما ظهر لى دليل لم أكن أعرفه، وأقنعنى بصحة الدين، فطبعا لن أعادى الحق فأنا ما تركت الدين لمجرد العند أو لموقف عاطفي.
■ كيف ترى تعامل العالم العربى مع الملحدين؟
- تعامل العالم الشرق أوسطى عموما مع الأقليات عموما ومع المختلفين عموما هو تعامل عنصرى ولا ينتمى لعصرنا الحالى بوجه عام، سواء كان الملحدون أو البهائيون أو المسيحيون أو الشيعة أو القرآنيون، وهذا أمر سيئ جدا.
■ هل أثر إلحادك على حياتك وعلى أسرتك وأصدقائك؟
- التغير والتأثير كان للأفضل ولعل أبرز الأسباب أنى أصبحت لا أتدخل فى حياة أحد تحت ذريعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كما كنت أفعل فى السابق، كما أنى شعرت أنى أحب الناس جميعا على عكس السابق عندما كنت أكره تاركى الصلاة، وأمقت غير المرتديات للحجاب، وأحقد على المسيحيين.. الخلاصة الشعور الحالى أفضل كثيرا.
■ ما سر انتشار الإلحاد بهذه الكثافة فى العالم العربي؟
- أشياء كثيرة جدا أهمها الثورة المعلوماتية، ثانيا التنظيمات الإسلامية الراديكالية التى كرّهت الناس فى الدين، إضافة إلى الثورات التى حدثت فى المنطقة العربية وأعطت الناس جرعة من الحرية تمكنهم من التفكير واتخاذ القرارات دون خوف.
■ كيف تقيم الكتب الإسلامية التى ناقشت ظاهرة الإلحاد لمواجهته فكريًا؟
- يشوبها الكثير من السذاجة وعدم الدقة مع الأسف، كذلك تعاملهم مع الأمر من باب نظرية المؤامرة، أو أن الإلحاد ده دين وعقيدة وله شيوخ مثلا أمر يفقد كل تلك الكتب مصداقيتها لدى كثير من الناس، هذا إضافة إلى عدم دقة مصادرها.
■ لماذا أيضا ومع انتشار الإلحاد انتشر التطرف والرغبة فى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية المسلحة؟
- الثورة المعلوماتية وراء هذا كله، ومن وجهة نظرى أن التعمق فى الدين يقودك إلى شيء من اثنين، إما إلى التشدد والتطرف أو يقودك للإلحاد والخروج من الدين.
■ من الشخص الذى ساعدك على الإلحاد؟
- ليس هناك أي شخص، فقد التزمت بقناعة مني، وتركت الدين بقناعة منى أيضًا.