الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الديب": "الملحدون العرب" وراء تركى الإسلام.. وانشققت عن الإخوان بسبب "رفعت السعيد"

قال: شرطى الوحيد للعودة أن يظل الدين فى المسجد فقط

احمد الديب
احمد الديب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى سن 10 سنوات، زحف الشك فى الدين ووجود الله، إلى رأس الطفل الصغير، ابن مدينة طنطا، الذى تميز عن باقى أبناء قريته بامتلاكه جهاز كمبيوتر، فتح له آفاقا واسعة، وكان سببا فى تعرفه على شبكة «الملحدين «العرب» على الإنترنت. هو أحمد الديب الشاب المصرى صاحب التجربة الفريدة مع الإخوان والسلفيين فى سن صغيرة، الذى أصيب باكتئاب بعد وصول الإسلاميين للحكم، ويذكر من ذلك مقولة صديق عمره «سيكونون سببا فى شك الناس فى دينهم». ومن هذا المنطلق، يعتبر «الديب» أن التشدد والتطرف أقصر الطرق إلى الإلحاد والبعد عن دين الله. هنا يتحدث «أحمد» أو الملحد الصغير عن جوانب متعددة من تجربته، التى يلخصها بقوله إنه يعادى «الغلو والتطرف» وليس الإسلام.
■ ما تعريفك المختصر لنفسك؟
- اسمى أحمد الديب عمرى ٢٣ سنة أسكن فى أسرة مسلمة متوسطة فى محافظة دمياط.
■ كيف بدأت مسيرتك مع الإلحاد؟
- قصتى مع الإلحاد لن تُصدق، وبدأت منذ أن كان عمرى ١٠ سنوات، حيث كنت أملك أول جهاز كمبيوتر فى المدينة التى أسكن فيها ومن خلاله دخلت على شبكة الإنترنت ودخلت على موقع «شبكة الملحدين العرب» الشهيرة، وبدأت أتعرف على ملحدين من مختلف دول العالم العربي، وكنت أقرأ ما يكتبه كبار الملحدين ولكنى بالطبع لم أكن أعى ما يعنونه، وبعد فترة من انضمامى إلى «الشبكة» وتعرفى على ملحد شهير يعرف باسم «فاروق بلحاج» كان عمره وقتها ٤٥ عاما، تحدثت معه وتعلقت به لما كان يكتبه فى شئون الدين، وكان الكل يستغرب: كيف لطفل عمره ١٠ سنوات يدخل الشبكة ويسعى للتعرف على الناس فيها، ومن خلال دخولى على الشبكة سقط عن عقلى المظهر الذى كان يتم وصف الملحدين به فى منطقتنا، حيث كان يقال عنهم إنهم «خمورجية» ويفعلون كل شيء حرام ولهم أسنان سوداء ومخالب، وقد تخيلتهم فى فترة من الفترات أنهم «وحوش» وليسوا بشرا مثلنا حتى تأكدت من عدم صحة ذلك تماما.
■ ماذا عن تأثير هذه الشبكة فى أفكارك وشخصيتك؟
- بدأت الأسئلة تدور فى ذهنى وكانت كثيرة جدا، وارتبطت بأحداث دموية تشهدها مصر والعالم العربى مثل استشهاد محمد الدرة الطفل الفلسطيني، وهنا سألت نفسى: لماذا الله لا ينصر المسلمين المؤمنين على إسرائيل المحتلة الكافرة؟ ولماذا لا ينقذ الله الناس التى تموت يوميا فى حوادث الطرق والقطارات؟ وغيرها من الأسئلة التى كنت أحاول التغلب عليها على مدار ٥ سنوات، كنت خلالها أصلى وأصوم وأكثر من قراءة القرآن حتى أتغلب على شكوكى التى كانت طفولية فى تلك الفترة.
■ ما الذى قربك من الإلحاد إلى هذه الدرجة ودفعك للابتعاد عن الإيمان والاحتفاظ بدينك؟
- كان لى صديق توفى يدعى مصطفى علم الدين كان يدرس بكلية الهندسة وكان ملحدا ومن أجمل الشخصيات التى من الممكن أن أقابلها فى الحياة، اتخذته صديقا لى رغم صغر سنه، وجعلنى أحضر مناقشاته مع صديق مهندس البترول الذى كان شيوعيا ماركسيا أثناء مناقشاتهم حول «وجود الله»، وقام الثنائى بإحضار العديد من الكتب لى رغم صغر سني، وقرأت وأنا عمرى ١٣ سنة كتاب «أصل الأنواع» تأليف داروين وصادر عام ١٨٥٩، ويعتبر أحد الأعمال المؤثرة فى العلم الحديث وإحدى ركائز علم الأحياء التطوري.
■ كيف كانت إذا بداياتك مع الإلحاد؟
- كنت أعيش فى ظروف صعبة فى بداية حياتى حيث كنت دائم المشاكل مع والدي، ووصلت المشاكل إلى حد منعى من دخول المدرسة، وأثناء هذه الفترة وقع حدثان أصعب من بعض، الأول وفاة جدى لوالدى الذى كنت أعشقه، ووفاة صديق لى كنت أذهب معه إلى المدرسة دوما، ومن وقتها عادت الأسئلة إلى ذهنى من جديد، مثل أين يذهب الموتى؟ وهل يعذبون؟ ولماذا خلق الله الموت والعذاب أصلا؟ ومن هنا بدأت فى الإلحاد من هذا السن.
■ قلت إن لك تجربة مع الإخوان.. ما تفاصيلها؟
- كان لى صديق عضو فى جماعة الإخوان كون أسرته من أعضاء الجماعة، ورغم سننا الصغيرة بدأ يجندنى لأن أكون أحد أعضاء الجماعة فأخذنى إلى المقارئ الإخوانية التى فيها يتم قراءة القرآن وشرح الدروس الدعوية، وفى هذا الوقت كانت لى مشاكل كبرى مع أسرتى فوجدت فى الجماعة الحضن الدافئ الذى سيحتضننى ويعوضنى عما أعانيه، وبالفعل أصبحت واحدا من الإخوان وانضممت إلى أسرة الجماعة المخصصة للأطفال فى عمري، وكان هناك مسئول للمجموعة أشبه بالمرشد الصغير يأتى لنا لينادينا لحضور الاجتماعات من بيوتنا كى يعلمنا ويغرس فينا الفكر الإخواني.
■ ولماذا تركت الإخوان؟
- بدأت القصة عندما أهدانى صديق لى كتاب لرفعت السعيد المفكر البارز يعرف باسم «وهم الخلافة» فعندما أتى مسئول الأسرة إلى بيتى وجد هذا الكتاب فسألنى من يقرأ هذا الكتاب؟ فقلت له أنا فوبخنى بشدة وقالى لى لا تقرأ فى مثل هذه الكتب، وكان هذا الأمر سببا فى تركى الإخوان كونهم يحرمون القراءة والفكر، ومن وقتها تركت الجماعة دون تفكير فى العودة إليها من جديد.
■ ماذا بعد تجربة الإخوان؟
- انضممت إلى السلفيين لفترة، حيث كانوا يطرقون بابنا لإقناعنا بالصلاة فى مساجدهم والسماع لمشايخهم ودروسهم، وكان يعرضون مقابلا ماديا نظير هذا الأمر، فصليت معهم وسمعت لدروسهم، وتشددت لفترة قصيرة قبل أن أقرر أن أتركهم هم أيضا وأصبح ملحدا.
■ هل شاركت فى اعتصام رابعة؟ وكيف ترى هذا الاعتصام؟
- بالطبع لا، فأنا من مؤيدى ثورة ٣٠ يونيو، وأنا أرى هذا الاعتصام اعتصاما إرهابيا كان يمثل تهديدا وتحديا صارخا للدولة التى لم يكن أمامها حل غير فض الاعتصام، الأمر الذى استغله الإخوان فى المظلومية والادعاء، وحاولوا أن يصنعوا من رابعة «كربلاء جديدة»، وسأخبرك بقصة جميلة بشأن «رابعة» وهى أنى وصديقى الملحد والذى كان فنانا تشكيليا ظللنا فى خلاف وخناق بسبب أنى مؤيد لفض «رابعة» وهو يرفضه رغم أنه «ملحد».
■ هل هذه التجارب مع الإخوان والسلفيين كانت سببا فى إلحادك؟
- بالطبع كان لهذه التجارب تأثير قوى فى اتخاذى قرارا بالإلحاد، فقد رأيت الإخوان يقولون كلاما ويفعلون عكسه، ويجعلون الدين مطية ليصلوا لأهدافهم وأجنداتهم وأغراضهم، وكان هذا أمرا دمر الدين فى عينى وجعلنى أتأكد أن الأديان مجرد خرافات، خاصة أن هناك آلاف الأديان فى العالم، كل دين به العديد من المذاهب والطوائف، كل هؤلاء يكفرون بعضهم البعض ويستحلون دماء بعضهم البعض، ويدعون أنهم الأصح وأن لهم الجنة والبقية لهم النار.
■ هل تؤمن بوجود الله؟
- لا أستبعد وجود إله لهذا الكون ولكنى متأكد من أن الله الحقيقى ليس الله الذى تدعو إليه الأديان، وأن هناك أسبابا أخرى لخلق هذا الكون، بعيدة عن الأسباب التى رددتها الأديان المختلفة.
■ كيف تعاملت معك أسرتك بعد إلحادك؟
- الأسرة تعلم بإلحادى لكنها متقبلة أمرى بشرط أن أحتفظ به لنفسى ولا أدخل فى نقاشات تشوشهم، وقد التزمت بهذا الأمر، لكن والدى فى فترة من الفترات طردنى من المنزل، وقال لى «لن آوى ملحدا فى بيتي»، لكنه الآن كبرت سنه، وتركنى أفعل ما أريد بشرط ألا أشوش على أحد، خاصة أختى الصغرى التى لا تزال فى المرحلة الابتدائية.
لن أنسى موقفا حدث معى أو بالأحرى كلمة قالها لى صديقى «مصطفى» عندما صعد الإخوان للحكم ووصلت لدرجة اكتئاب من هذا الأمر رغم انتخابى أحمد شفيق ومشاركتى فى ثورة ٢٥ يناير المجيدة، حيث قال لى نصا: الإخوان سيخدعون الناس وسيقولون لهم سنصنع لكم جنة الله فى الأرض وسنطبق شرع الله إلا أنهم لن يفعلوا هذا وسيكونوا سببا فى أن يشك الناس فى أمور دينهم.
■ هل من الممكن أن تعود إلى الإسلام مرة أخرى؟
- عودتى للإسلام ليست مستحيلة فأنا ليس لدى مشكلة مع الإسلام ولكن مشكلتى مع الغلو والتطرف.