الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالصور.. قصور وآثار منسية في "الدقهلية".. قصر "إسكندر أفندي" اشتراه سمسار أراضي فتركه خرابًا.. بنت اليهود والشناوي.. ومسجد الصالح أيوب.. كنوز أثرية في المنصورة ومطالبات بالحفاظ عليها

اعمال ترميم بدار
اعمال ترميم بدار ابن لقمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد محافظة الدقهلية من المحافظات المنسية أثريا وتراثيا، فهي تحتوى على العديد من المنشآت والأماكن الأثرية نجدها بعيدة عن الضوء تبحث عن خطة لإظهارها وجذب السياحة إليها.

ففي شارع المختلط بمدينة المنصورة يوجد أحد القصور التاريخية القديمة الذى  أصبح مهملا منذ سنوات طويلة، وهو قصر" الإسكندر" أو القصر الأحمر نتيجة لجدرانه المطلية باللون الأحمر ويتميز بطرازه المعماري الفريد الذي ينتمي للطراز القوطي والذي عادة ما يرتبط ببناء الكنائس في أوروبا ويعتبر واحدًا من القصور القليلة على مستوى مصر التي بنيت على هذا الطراز.
ويتميز القصر ببرجه الذي يغطيه قرميد قشري "على هيئة قشور السمك" وهي لها دلالة في الديانة المسيحية التي ارتبط بها هذا الطراز حيث شيده الخواجة "الفريد جبور" عام 1920 ثم اشتراه "إسكندر أفندي حنا" عام 1934 وكان تحيط به حديقة من أربع جهات وقام ملاك القصر في التسعينيات ببيع القصر لأحد سماسرة الأراضي الذي قام بتخريبه وفك نوافذه وأسواره وبلكوناته تمهيدًا لهدمه إلا  أن المحافظة لم توافق على الهدم نظرًا لقيمته إلا أن الأهمال وابتعاد الآثار عنه أدى إلى الحالة التى وصل إليه وأصبحت القمامة تحيطه من كل اتجاه فيما طالب العديد من المهتمين بالآثار بضرورة انتزاع ملكيته وترميمه واستخدامه كأثر ديني للأقباط ويمكن استثماره سياحيًا ويدر ربحًا.
كما يحتوي شارع بورسعيد بمدينة المنصورة على أحد المباني الأثرية الهامة فى التاريخ المصرى والتاريخ الفرنسى وهى دار بن لقمان والتى تشتهر بها مدينة المنصورة ومحافظة الدقهلية وهي دار القضاة إبراهيم بن لقمان واكتسب شهرته الواسعة إثر أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا به لمدة شهر إثر هزيمته في معركة المنصورة عام 1250م وتعد الدار هي الأثر الوحيد الباقي في المحافظة من العصر الأيوبي بخلاف مسجد الصالح أيوب بمنطقة العباسي وتعد ذات قيمة أثرية وتاريخية هامة تشهد على تاريخ إنشاء المنصورة حيث كانت تطل على نهر النيل حين إنشاء الدار الذي يعود عمره تقريبا لعمر إنشاء مدينة المنصورة والتى أنشئت عام 1219 م حيث بنيت الدار على الطراز الإسلامي العربي جزء للسلاملك وجزء للحرملك وفناء داخلي تطل عليه غرف الدار وكانت مساحة الدار كبيرة ولكنها تضاءلت بسبب الإهمال حيث تعرضت الدار لانتهاكات على مر العصور انتهت ببناء مأذنة لجامع الموافي الملاصق له في حرم الدار ذاتها في التسعينيات من القرن الماضي فيما تتبع الدار الأثرية وزارة الآثار والقاعة المتحفية لوزارة الثقافة فيما يعاني متحف بن لقمان من إغلاقه منذ ثورة يناير عام 2011 رغم أنه كان أكثر المتاحف التي تدر دخلا على وزارة الثقافة على مستوى الدلتا فقد كان مزارا لطلاب المدارس والمواطنون من مختلف المدن والمحافظات المجاورة وظهر الإهمال واضحا به ورغم ميزانيات الترميم إلا أنها كل فتره تتوقف أعمال الترميم وسط مطالب بأن يتم الاهتمام به ليكون مزارا سياحيا عالميا فى حالة التسويقه له حيث إنه شهد أسر ملك فرنسا.

منطقة العباسي
كما تحتوى منطقة العباسي بمدينة المنصورة على مسجد الصالح أيوب، والذى يعتبر  أحد الآثار الباقية من العصر الأيوبى بخلاف دار بن لقمان والذى تم بناؤه عام 1243م وتتضارب المعلومات عن الذي قام ببنائه بين السلطان الصالح أيوب ذاته وبين أحد أتباع السلطان الذي قام ببناء المسجد تخليدًا لاسمه ويتميز المسجد بتصميمه الفريد ذي التصميم المعلق ومئذنته ذات الطراز المملوكي، ورغم قيمة المبنى الكبيرة وباعتباره الأثر الوحيد الباقي للمدينة من العصر الأيوبي إلا أنه غير مسجل لدى وزارة الآثار وتم اكتشاف ذلك بعد حادث تفجير مديرية الأمن في ديسمبر 2013 حيث تضرر الجامع وتحطمت جميع نوافذه الأثرية والمصنوعة من الجبس والزجاج الملون جراء قربه من موقع التفجير ورغم تقدم العديد من المهتمين بالآثار بطلبات لتسجيل الجامع الأثري وبالفعل قام الوزير بتشكيل لجنة وتم إعداد كل التقارير اللازمة لتسجيله ومازال ملف وتقارير تسجيل الجامع في وزارة الآثار قيد الدراسة.
كما يحتوى شارع الجمهورية بالمنصورة على مرساة قصر الخديوي إسماعيل "مبنى الحزب الوطنى المنحل" والتى تطل على كورنيش النيل بمنطقة المختلط على بعد عشرات الأمتار من مبنى ديوان عام محافظة الدقهلية حيث كان قديما سرايا ملحقة من قصر الخديوى إسماعيل باشا وكانت هذه السرايا لغرض استقبال الشخصيات الحكومية التى تأتى لزيارة مدينة المنصورة وكانت هذه السراى تقوم بوظيقتها حتى عام 1870م ثم صدر الأمر بتحويلها إلى محكمة الإسماعيلية نسبة إلى الخديوي إسماعيل ثم تحولت نصف مساحته إلى مقر للحزب الاشتراكي في عهد السادات ثم مقر للمجلس الشعبى المحلي لمركز ومدينة المنصورة ثم إلى مقر الحزب الوطنى المنحل حتى جاءت ثورة 25 يناير وتم إحراق مقر الحزب ودمر تماما ودمرت بجانبه مكتبة المنصورة التاريخية التى كانت تضم أعظم وأعرق الكتب التاريخية والتي لا تقدر بثمن وظلت بعد فترة مطالب الثوار والنشطاء السياسيين بإرجاع هذ المبنى إلى تاريخه وأصله الأثري ولكن بتحويله إلى متحف لثورة 25 يناير، ثم أصدر المحافظ الأسبق اللواء محسن حفظى بعد ثورة 25 يناير قرارًا  بتحويله إلى مقر متحف إعلام الدقهلية، ورغم مرور أكثر من 6 سنوات على إصدار القرار إلا أنه لم ينفذ فعليا.

كما تحتوى مدينة المنصورة أيضا على قصر الشناوي والذى بناه محمد بك الشناوي عام 1928 بواسطة نخبة من المهندسين والعمال الإيطاليين وحصل القصر في عام 1931 على شهادة أجمل مبنى تم بناؤه خارج ايطاليا وتنتمي طراز واجهات القصر للعمارة الأوروبية والبحر المتوسط.
قامت وزارة الآثار بشرائه من ورثته عام 2005 بغرض تحويله كمتحف للمنصورة، وبدأ العمل في المشروع في عام 2010 إلا أن المشروع توقف منذ ثورة يناير وحتى الآن، بالإضافة إلى أن وزارة الآثار حولت المبنى تدريجيا كمبنى لموظفي  إدارة قطاع الآثار الإسلامية بالدقهلية، وإدارة قطاع المتاحف مما أثر بالسلب على الأرضيات الباركيه ودمرها وأتلف بعض الزخارف الرائعة بالأسقف والجدران للقصر نتيجة انتشار الرطوبة بسبب زيادة عدد الموظفين واستخدامه في وظيفة أخرى لا تتلاءم وطبيعته.
كما يحتوى تل الربع بمدينة تمى الأمديد على إثر قديم له أهمية أثرية وهو "قصر بنت اليهود" كما تسميه الأساطير الشعبية أو "الناووس" كما يسميه العلماء والذى يبحث عن الظهور للنور بسبب قيمته الأثرية والتاريخية حيث يعتبر "ناووس منديس العظيم" الأشهر والأكبر حجمًا في مصر على الإطلاق والوحيد بالدلتا والمنحوت من حجر الجرانيت الوردي ويبلغ ارتفاعه 15 مترًا، ومقام على قاعدة من الحجر الجيري بتل الربع بمركز تمي الأمديد بمحافظة الدقهلية ويعد أشهر أثر فرعوني ثابت في الدلتا والأكبر في مصر على الإطلاق ويطلق عليه العامة "قصر بنت اليهود" نسبة إلى ما يذكرة بعض المؤرخين من أن فرعون منديس هزم اليهود وفتح أورشليم وأسر ابنة الملك يهودا، وأحضرها إلى منديس موضع "تل الربع" حاليًا وعرضها على الشعب الناووسي المسمى "قصر بنت اليهود" في عام "930" قبل الميلاد تقريبًا حيث إن مصطلح ناووسي اشتق من كلمة "ناووس" اليونانية وهي تعني "المقصورة أو الضريح"، وناووس "تل الربع" خصص للعبادة حيث كان هناك ثلاثة أنواع من النواويس وهما "ناووس ملكي وناووس للأفراد وناووس إلهي " والناووس عند المصري القديم هو البيت الذي يأوي الإله، والذي يضم بين جنباته تمثاله أو رمزة المعبود وعلى ذلك كان الناووس صورة للسماء وعندما تفتح المقصورة فإن الشعائر تقدم بهذه الكلمات "فلتفتح بوابات السماء"، وذلك لحمايتهم من أي مكروه طبقًا لمعتقداتهم وعادة كان "الناووس" يقع بداخل "قدس الأقداس" في أعمق أعماق المعبد.

وطالب سيف العراقي، عضو جمعية الأثريين المصريين بتحويل منطقة آثار "تل الربع" إلى مزار سياحي، نظرًا لأهمية هذا الأثر وأن يتم إدراجه على الخريطة السياحية ويتم تقديمها إلى شركات السياحة لخلق مقصد سياحي جديد مصحوبًا بتذكرة سياحية لتجلب دخلًا للبلاد وتنشط من خلالها السياحة الداخلية والخارجية.
فيما دعا المهندس مهند فودة المدرس مساعد بقسم الهندسة المعمارية جامعة المنصورة أن يتم الاهتمام بتلك الآثار وإظهارها للنور حيث ستدر دخلا كبيرًا للمحافظة وللدولة لما لها من قيمة أثرية وتاريخية كبيرة، مشيرًا إلى أن هناك منشآت أثرية أخرى في الدقهلية تحتاج إلى إظهارها للضوء والاستفادة منها لزيادة الاستثمار داخل المحافظة وتنشيط السياحة الداخلية.