رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

آثار مصر التي لا يعرفها أحد.. ثروات مهدرة بالدقهلية

دار ابن لقمان
دار ابن لقمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«دار ابن لقمان» و«قصر بنت اليهود» و«القصر الأحمر» و«قصر الشناوى» و«مسجد الصالح أيوب»
مطالبات بتسويق الأماكن الأثرية واستغلال قيمتها سياحيًا واقتصاديًا

تحتوى محافظات مصر على العديد من الثروات الأثرية والتاريخية المهدرة، البعيدة عن دائرة الضوء، ومن تلك المحافظات الدقهلية التى تضم تراثا وأماكن أثرية تبحث عن خطة لإظهارها وجذب السياحة إليها، لتدر دخلا على اقتصاد المحافظة خاصة واقتصاد مصر عامة.

ويحتوى شارع المختلط بمدينة المنصورة على أحد القصور التاريخية القديمه الذى أصبح مهملا منذ سنوات طويلة، وهو قصر إسكندر باشا أو القصر الأحمر، وترجع التسمية لجدرانه المطلية باللون الأحمر، ويتميز بطرازه المعمارى الفريد الذى ينتمى للطراز القوطي، والذى عادة ما يرتبط ببناء الكنائس فى أوروبا، ويعتبر واحدا من القصور القليلة على مستوى مصر التى بنيت على هذا الطراز، ويتميز القصر ببرجه الذى يغطيه قرميد قشرى «على هيئة قشور السمك»، بما لذلك من دلالة فى الديانة المسيحية التى ارتبط بها هذا الطراز، حيث شيده الخواجة «الفريد جبور» عام ١٩٢٠ ثم اشتراه «إسكندر أفندى حنا» عام ١٩٣٤ وكان تحيط به حديقة من أربع جهات، وقام ملاك القصر فى التسعينيات ببيعه لأحد سماسرة الأراضى الذى قام بتخريبه وفك نوافذه وأسواره وبلكوناته تمهيدًا لهدمه إلا أن المحافظة لم توافق على الهدم نظرا لقيمته التاريخية.
غير أن الإهمال أصاب القصر، فوصل إلى الحالة التى وصل إليها وأصبحت القمامة تحيط به من كل اتجاه، فيما طالب العديد من المهتمين بالآثار بضرورة انتزاع ملكيته وترميمه واستخدامه كأثر دينى للأقباط أو استثماره سياحيًا.
كما يحتوى شارع بورسعيد بالمنصورة على أحد المبانى الأثرية المهمة فى التاريخ المصرى والتاريخ الفرنسى، وهى دار ابن لقمان، والتى تشتهر بها مدينة المنصورة ومحافظة الدقهلية، وهى دار القاضى إبراهيم بن لقمان واكتسب شهرته الواسعة إثر أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا به لمدة شهر بعد هزيمته فى معركة المنصورة عام ١٢٥٠م وتعد الدار هى الأثر الوحيد الباقى فى المحافظة من العصر الأيوبى بخلاف مسجد الصالح أيوب بمنطقة العباسى، وتعد ذات قيمة أثرية وتاريخية مهمة تشهد على تاريخ إنشاء المنصورة، حيث كانت تطل على نهر النيل، ويعود إنشاء الدار لعصر إنشاء مدينة المنصورة التى أنشئت عام ١٢١٩م، حيث بنيت الدار على الطراز الإسلامى العربي، جزء للسلاملك وجزء للحرملك وفناء داخلى تطل عليه غرف الدار، وكانت مساحة الدار كبيرة، ولكنها تضاءلت بسبب الإهمال، حيث تعرضت لانتهاكات على مر العصور انتهت ببناء مئذنة لجامع الموافى الملاصق لها فى حرم الدار ذاتها فى التسعينيات من القرن الماضى فيما تتبع الدار الأثرية وزارة الآثار والقاعة المتحفية لوزارة الثقافة.

ويعانى متحف ابن لقمان من إغلاقه منذ ثورة يناير عام ٢٠١١ رغم أنه كان أكثر المتاحف التى تدر دخلا على وزارة الثقافة على مستوى الدلتا، فقد كان مزارا لطلاب المدارس والمواطنين من مختلف المدن والمحافظات المجاورة، وظهر الإهمال واضحًا به رغم ميزانيات الترميم الذى يتوقف كل فترة، وسط مطالب بأن يتم الاهتمام به ليكون مزارًا سياحيًا عالميًا فى حالة التسويق له، حيث إنه شهد أسر ملك فرنسا.
كما يحتوى شارع الجمهورية بالمنصورة على مرساة قصر الخديو إسماعيل «مبنى الحزب الوطنى المنحل»، والتى تطل على كورنيش النيل بمنطقة المختلط على بعد عشرات الأمتار من مبنى ديوان عام محافظة الدقهلية، حيث كان قديمًا سرايا ملحقة بقصر الخديو إسماعيل باشا وكانت هذه السرايا لاستقبال الشخصيات الحكومية التى تأتى لزيارة مدينة المنصورة وكانت هذه السراى تقوم بوظيفتها حتى عام ١٨٧٠م، ثم صدر الأمر بتحويلها إلى محكمة الإسماعيلية نسبة إلى الخديو إسماعيل ثم تحولت نصف مساحتها إلى مقر للحزب الاشتراكى فى عهد السادات ثم مقر للمجلس الشعبى المحلى لمركز ومدينة المنصورة، ثم إلى مقر الحزب الوطنى المنحل حتى جاءت ثورة ٢٥ يناير، وتم إحراق مقر الحزب ودمر تماما ودمرت بجانبه مكتبة المنصورة التاريخية التى كانت تضم أعظم وأعرق الكتب التاريخية، والتى لا تقدر بثمن، وتواصلت مطالب الثوار والنشطاء السياسيين بإرجاع هذ المبنى إلى تاريخه وأصله الأثرى، ولكن بتحويله إلى متحف لثورة ٢٥ يناير، حتى قام المحافظ الأسبق اللواء محسن حفظى بعد ثورة ٢٥ يناير بإصدار قرار بتحويله إلى مقر متحف إعلام الدقهلية بالقرار رقم ٢٢١ لسنة ٢٠١١ ولكن تم على الورق فقط، حيث تم إغلاق أبوابه بعد الحرق ببنائها بالطوب، وتم تعليق لافتة تفيد بالقرار فقط دون الفعل، ورغم مرور أكثر من ٦ سنوات على إصدار القرار فإنه لم يفعل وسط تساؤلات مواطنى الدقهلية عن مصير هذا المبنى التاريخى، هل سيتحول فعلا إلى متحف إعلام الدقهلية أم متحف لثورة ٢٥ يناير، أم سيعود إلى هيئة الآثار؟، إلا أن نيابة الحراسات أصدرت منشورا تم توزيعه على جميع المحافظات بمنع التصرف فى أملاك الحزب الوطني، وما زال المبنى مغلقا منذ ثورة يناير بلا أى استغلال أو استثمار.
كما تحتوى مدينة المنصورة أيضا على قصر الشناوى الذى بناه محمد بك الشناوى عام ١٩٢٨ بواسطة نخبة من المهندسين والعمال الإيطاليين وحصل القصر فى عام ١٩٣١ على شهادة أجمل مبنى تم بناؤه خارج إيطاليا وينتمى طراز واجهات القصر للعمارة الأوروبية والبحر المتوسط.

عُرف قصر الشناوى بقصر الأمة نظرًا لأن مالكه كان أحد أعضاء حزب الوفد البارزين، مما جعل القصر مقرًا لاستضافة الأحداث السياسية المهمة بمدينة المنصورة، وقامت وزارة الآثار بشرائه من ورثته عام ٢٠٠٥ بغرض تحويله كمتحف للمنصورة، وبدأ العمل فى المشروع فى عام ٢٠١٠ إلا أن المشروع توقف منذ ثورة يناير وحتى الآن، بالإضافة إلى أن وزارة الآثار حولت المبنى تدريجيا كمبنى لموظفى إدارة قطاع الآثار الإسلامية بالدقهلية، وإدارة قطاع المتاحف مما أثر بالسلب على الأرضيات الباركيه ودمرها وأتلف بعض الزخارف الرائعة بالأسقف والجدران للقصر نتيجة انتشار الرطوبة بسبب زيادة عدد الموظفين واستخدامه فى وظيفة أخرى لا تتلاءم وطبيعته.
كما أن ناووس تل آثار الربع الباقى فى موضعه بمعبد إقامة الملك «أحمس الثانى ـ أمازيس» إبان الأسرة السادسة والعشرين منحوت من حجر الجرانيت الوردى ويبلغ ارتفاعه سبعة أمتار ونصف المتر، ومقام على قاعدة من الحجر الجيرى بارتفاع سبعة أمتار ونصف المتر تقريبًا، والناووس لا يزال فى موضعه تغطيه الشروخ الرأسية والأفقية نتيجة حريق شب بمنطقة «قدس الأقداس» بالمعبد، والذى كان محاطًا بأربعة نواويس بنفس القياسات وهذا المعبد خصص لعبادة «الكبش» المسمى «با ـ نب ـ جد» بمعنى «سيد روح جدت»، حيث كان الإلة ذو رأس الكبش يمثل محور العبادة فى منديس موضع «تل الربع» حاليًا، فهو يمثل قوة الحرب والخصوبة وفى الدولة الوسطى وصف كبش منديس باعتباره «با» أى بمعنى «روح» الإله «أوزوريس»، ومن ناحيته طالب الأثرى سيف العراقي، عضو جمعية الأثريين المصريين بتحويل منطقة آثار «تل الربع» إلى مزار سياحي، نظرًا لأهمية هذا الأثر وأن يتم إدراجه على الخريطة السياحية ويتم تقديمها إلى شركات السياحة لخلق مقصد سياحى جديد مصحوبًا بتذكرة سياحية لتجلب دخلًا للبلاد وتنشط من خلالها السياحة الداخلية والخارجية مؤكدا أن منطقة تل آثار الربع لا تقل أهمية عن منطقة أهرامات الجيزة. فإذا تحدثنا عن الأهرامات هى قمة الإبداع الهندسى والمعمارى فى العالم القديم. فإذا تحدثنا عن هرم الملك خوفو كأشهر إنشاء معمارى عند المصريين القدماء، فأرجو ألا نتناسى «ناووس تل آثار الربع» أشهر أثر فرعونى ثابت فى الدلتا والأكبر حجمًا فى مصر على الإطلاق.
فيما طالب المهندس مهند فودة المدرس المساعد بقسم الهندسة المعمارية بهندسة المنصورة، والمنسق العام لمبادرة «أنقذوا تراث المنصورة» وعضو لجنة حصر المبانى المتميزة بمحافظة الدقهلية بأن يتم الاهتمام بتلك الآثار وإظهارها للنور، حيث ستدر دخلًا كبيرًا للمحافظة وللدولة، حيث إن لها قيمة أثرية وتاريخية كبيرة، مشيرًا إلى أن هناك منشآت أثرية أخرى فى الدقهلية تحتاج إلى إظهارها للضوء والاستفادة منها لزيادة الاستثمار داخل المحافظة، وتنشيط السياحة الداخلية منها التى يمكن أن تُضم للآثار الإسلامية والفرعونية.