الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

9 أعوام على رحيل "جو".. "شاهين".. ممثل صَنَع مجده في الإخراج

المخرج العالمى يوسف
المخرج العالمى يوسف شاهين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
البداية مع «بابا أمين».. و«النهاية» كانت «هى فوضى» «المهن التمثيلية» قاضته على تجسيده شخصية «قناوى» فى «باب الحديد».. والأزهر بسبب «المهاجر»

يحتفى اليوم «الخميس» الوسط الفنى بالذكرى التاسعة لرحيل المخرج العالمى يوسف شاهين صاحب الحالة الفنية الفريدة التى لم تتكرر، وقد لا تتكرر، فهو شخصية تكونت من المزيج الحضارى والثقافى للإسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، التى أثرت بطبيعتها الخلابة وجوها المتميز عن كل البلدان فى تكوينه وشخصيته وفنه وإبداعه، فهو يشبه مدينته فى المزيج الثقافى الذى نشأ وتربى عليه، سواء عن طريق أسرته أو عن طريق دراسته التى تلقاها فى مدارس مختلفة جمعت بين اللغات الإنجليزية والفرنسية.

فمن أسرته ورث العرق اللبنانى الذى كان يجرى فى دماء أبيه، الذى جاء نازحًا من لبنان إلى مصر فى القرن التاسع عشر، ومن والدته اتخذ العرق اليونانى الذى تعود أصوله إليه، وعن طريق هذه الأسرة أجاد التحدث بـ٤ لغات مختلفة، كانت تجيدها أسرته، إلى جانب دراسته التى تلقاها فى مدرسة «سان مارك» الفرنسية إلى جانب انتقاله إلى مدرسة «فيكتوريا» الإنجليزية بالمرحلة الثانوية، كل هذه العوامل والدراسات والثقافات المختلفة أسهمت فى تكوين شخصيته، إلى جانب علاقاته الإنسانية بالعديد من الجنسيات المختلفة التى عاشت بمدينة الإسكندرية حتى منتصف القرن العشرين.
ولدَ يوسف جبريل شاهين، الشهير بيوسف شاهين، فى الخامس والعشرين من شهر يناير عام ١٩٢٦ بمدينة الإسكندرية فى أسرة كاثوليكية متوسطة الحال، سعت إلى تربيته وتعليمه بأفضل المدارس فى وقتها، على الرغم من دخلها المحدود وإمكانياتها المادية الضيقة، ما ساهم فى شعوره بالفقراء ومحدودى الدخل، لما وجده من معاناة أسرته فى تعليمه، خاصة فى مرحلة دراسته الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية، التى سافر إليها للالتحاق بكلية الفنون التمثيلية بـ«مسرح بسادينا» بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام ١٩٤٦ لدراسة فن التمثيل الذى كان عاشقًا له، حيث بدأ حياته الفنية كممثل، منذ أن تعلق بفن التمثيل أثناء دراساته التمهيدية ومزاولته لفن التمثيل داخل المدارس التى التحق بها، ما دفعه للسفر الى الولايات المتحدة الأمريكية بعد صراع طويل مع أسرته انتهى بإقناعهم بالسفر لدراسة فن التمثيل، إلا أنه أثناء الدراسة فى «مسرح بسادينا» اكتشف عن طريق أساتذته أنه يمتلك موهبة أكبر فى الإخراج السينمائى، ما دفعه لاتخاذ قرار ممارسة الإخراج السينمائى عقب انتهاء دراسته وعودته إلى مصر.
فى عام ١٩٥٠ وعندما بلغ شاهين سن الثالثة والعشرين، قام بالعمل كمساعد مخرج فى فيلم «امرأة من نار» مع المخرج «فريون تشو»، ثم قدم فى نفس العام أولى تجاربه السينمائية من خلال فيلم «بابا أمين» الذى شارك فى كتابته وقام ببطولته الفنان الكبير حسين رياض والفنانة مارى منيب، وساعده على العمل بالإخراج وتقديم أولى تجاربه صديقه المصور «ألفايس أورفانيلى»، ما أظهر من خلاله قدرته الإخراجية التى أهلته لتقديم فيلم «ابن النيل» عام ١٩٥١ الذى تم ترشيحه لمهرجان «كان» السينمائى بفرنسا، ليصبح أول مخرج مصرى وعربى يدعى للمهرجان السينمائى الدولى فى ثانى أعماله الإخراجية، ثم توالت الأعمال الإخراجية ليوسف شاهين حتى وصل إلى رائعته السينمائية فى فيلم «باب الحديد» الذى أخرجه وجسد خلاله شخصية «قناوى» التى حققت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا، إلا أن هذه الشخصية أوقعته فى إشكالية مع نقابة المهن التمثيلة التى قاضته على مزاولته لمهنة التمثيل دون انضمامه إلى النقابة أو حصوله منها على تصريح بمزاولة مهنة التمثيل.
قام شاهين بتقديم مجموعة من كبار نجوم التمثيل للمرة الأولى من خلال أعماله، بدايةً من الفنان العالمى عمر الشريف الذى قدمه لأول مرة من خلال فيلم «صراع فى الوادى» عام ١٩٥٤، مرورًا بمحسن محيى الدين، وعمرو عبدالجليل، وخالد النبوى، وهانى سلامة، وصولًا الى مصطفى شعبان، وأحمد وفيق، ويوسف الشريف، حيث كان يؤمن بمبدأ أن المخرج قادر على جعل الحجر ممثلًا ما دام المخرج مؤمنًا برؤيته وفنه، ما دفعه للاستعانة بالوجوه الجديدة فى الكثير من أعماله السينمائية.
تميز يوسف شاهين عن باقى مخرجى مصر والوطن العربى بتقديم سيرته الذاتية من خلال أعماله الفنية، حيث قدم مشوار حياته من خلال ٤ أعمال سينمائية قام بإخراجها وهى «إسكندرية ليه؟، حدوته مصرية، إسكندرية كمان وكمان، إسكندرية نيويورك». قدم شاهين خلال مشواره الفنى ٣٧ فيلمًا طويلًا كان آخرها هى فوضى، منها «سيدة القطار، جميلة، الأرض، فجر يوم جديد، عودة الابن الضال، العصفور، اليوم السادس، وداعًا بونابرت، صلاح الدين، المصير، الآخر، المهاجر»، وقد أدى هذا العمل الأخير إلى مقاضاته من قبل الأزهر لتقديمه شخصية يوسف الصديق من خلال فيلم «المهاجر»، كما قدم خمسة أفلام قصيرة، هى «عيد الميرون، سلوى، الانطلاق، القاهرة منورة بأهلها، ١١/٩/٢٠٠١، لكل سينماه»، وحصل من خلال هذه الأعمال على العديد من الترشيحات والجوائز الفنية فى المهرجانات السينمائية الدولية، التى كان أهمها جائزة «الإنجاز العام» التى حصل عليها من مهرجان كان السينمائى الدولى، إلى جانب جوائز «التانيت الذهبي» من مهرجان أيام قرطاج السينمائية عن فيلم الاختيار، وجائزة «الدب الفضي» من مهرجان برلين السينمائى عن فيلم إسكندرية ليه؟، وجائزة «فرنسوا كاليه» من مهرجان كان عن فيلم الآخر، وجائزة «اليونيسكو» من مهرجان فينيسيا السينمائى عن فيلمه القصير «١١/٩/٢٠٠١» الذى تناول فيه أحداث تفجير برج التجارة العالمى بأمريكا فى نفس التاريخ الذى يحمل اسم العمل.
رحل المخرج العالمى يوسف شاهين عن عالمنا فى السابع والعشرين من يوليو عام ٢٠٠٨ بعد إصابته بجلطة فى المخ أدت إلى غيبوبة انتقل على إثرها من عالمنا.