الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الذهب الأبيض" يفقد بريقه.. بأيادٍ حكومية

92 صنفًا للأقطان بلا تحديث منذ التسعينيات

وزير الزراعة الدكتور
وزير الزراعة الدكتور عبدالمنعم البنا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خبراء إسرائيليون وراء إغلاق الشركة المصرية الوحيدة لإنتاج التقاوى
200 ألف جنيه ميزانية معهد بحوث القطن.. وانخفاض المساحة المنزرعة

خلال مؤتمر الشباب الذى جرت وقائعه، قبل يومين، بمدينة الإسكندرية، كشف وزير الزراعة الدكتور عبدالمنعم البنا، معلومات خطيرة فيما يخص تدهور أصناف القطن المصري، وانهيار الإنتاجية بسبب تداخل الأصناف، مما أدى إلى تراجع إنتاجية الفدان والمساحة المنزرعة بشكل عام. 
وبحسب وزارة الزراعة، انخفضت المساحة المنزرعة من القطن خلال العام الجارى إلى أقل من ١٠٠ ألف فدان، بعدما كانت أكثر من نصف مليون فدان فى تسعينيات القرن الماضي. 

ويقول الدكتور جمال صيام، الخبير الزراعي، إن العام الحالى شهد أقل مساحة فى تاريخ مصر منذ عهد محمد علي، مشيرًا إلى سلبية وزير الزراعة، فهو لم يفعل شيئًا لزيادة الإنتاجية أو المساحة المنزرعة، فضلًا عن تدهور المساحات فى عهده من ١٣٩ ألف فدان إلى أقل من ٨٨ ألف فدان. 
معهد بحوث القطن
ويضيف، أن معهد بحوث القطن لا تتجاوز موازنته الرئيسية الـ ١٠ آلاف دولار، أى أقل من ٢٠٠ ألف جنيه، وهذه ميزانية لا تبنى مركز بحوث قادرا على النهوض بزراعة القطن، التى تواجه تنافسًا عالميًا من قبل دول وشركات ضخمة. 
ويشير إلى أن «ارتجالية» وزير الزراعة، فى حديثه خلال عرضه لرؤية الوزارة فى مؤتمر الشباب الذى يقام بالإسكندرية، لافتًا إلى رميه الهندسة الوراثية بتهمة التقصير فى أداء عملها، وهذا رمى بالباطل، لأن إنتاجية القطن لن تعود إلى سابق عهدها، إلا مع وضع خطة تكون محددة الأهداف والآليات. 
ويتابع صيام، أنه منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، لم يتم استنباط أصناف قطن جديدة على الإطلاق، لافتًا إلى كارثية هذا على محصول القطن، الذى أصبح «خليطًا» أو بالتعبير العامى «مهجنا.. من كل الأصناف». ويلفت إلى أنه بعد تحرير الزراعة المصرية فى عهد وزير الزراعة يوسف والي، تُرك القطن جانبًا دون تطوير. 
٣ مجاميع
وبحسب معهد بحوث القطن، ينقسم القطن إلى ٣ مجاميع، لم تتجدد منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد قام معهد بحوث القطن بإنتاج سلسلة من أصناف القطن المصري، حسب التفوق فى الإنتاج والجودة، ويصل عدد الأصناف التى طورها المعهدإلى ٩٢ صنفًا تجاريًا متتاليًا، وعادة يسمى الصنف برقمه فى سلسلة الإنتاج مسـبوقًا بكلمة «جيزة» نسبة إلى المقر الرئيسى لمعهد بحوث القطن بالجيزة. 
وأحيانًا يسمى الصنف اسمًا خاصًا قد يكون فرعونيًا أو اسم منطقة معينة أو يكون دليلًا على إحدى صفاته مثل الأشمونى والمنفى وإيزيس ولوتس. وأشهر أنواع القطن المصرى هى «جيزة ٤٥ - جيزة ٨٧ - جيزة ٨٨ - جيزة ٩٢ - جيزة ٨٦ - جيزة ٨٩ - جيزة ٨٠ - جيزة ٩٠». 
انخفاض الإنتاجية
فضلًا عن أن الكارثة الأكبر التى تظهر جليًا هى انخفاض مساحة إنتاجية فدان القطن، إذ تصل فى مصر إلى أقل من ٦ قناطير للفدان الواحد، وذلك مقارنة بالولايات المتحدة أو الهند التى تصل إنتاجية الفدان بها إلى أكثر من ١٤ قنطارا، بحسب الخبير الزراعي. ويشير «صيام» إلى انخفاض المساحة المنزرعة بالقطن من ٥٠٠ ألف خلال ثمانينيات القرن الماضى إلى أقل من ١٠٠ فدان خلال العام الجاري، موضحًا أن الخطة التى أعلن عنها وزير الزراعة بخصوص زيادة مساحة زراعات القطن إلى نصف مليون فدان خلال الموسم الزراعى القادم «صعبة التحقيق». 

تقاوٍ معدلة
من جانبه، يكشف الدكتور عماد عبدالوهاب، الخبير بالمركز القومى للبحوث، أنه طبقا للقوانين المصرية، فإن أغلب التقاوى التى تُستخدم فى الزراعة «معدلة وراثيًا». فضلًا عن كون التقاوى تفتقد لجين النمو، لذا فإنها تنمو وتخرج ثمارا، ولكن لا يمكن استخدامها كتقاوٍ من أجل زرعها مستقبلا لأنها مصابة بالعقم. 
ويوضح عبدالوهاب، أن الشركات الأمريكية تحتكر «طرق إنتاج التقاوي»،مدللًا على ذلك بمقولة البروفسير الأمريكى «هود براين» أثناء انعقاد مؤتمر للباحثين فى اليابان، بأن الشركات الأمريكية دفعت مليارات الجنيهات من أجل التوصل للمعلومة، ولن نعطيها لأى أحد أيا كان دون مقابل، «فالجميع يجب أن يدفع حتى يحصل عليها». 

هندسة نقل الجينات
من جانبه، قال الدكتور خليل المالكي، أستاذ المبيدات بالمركز القومى للبحوث وعضو لجنة الآفات بوزارة الزراعة السابق، إنه فى كثير من الأحيان تتسبب عمليات الهندسة الوراثية أو عملية نقل الجينات فى بعض الصعوبات، مثل حدوث مناعة لبعض الحشرات أو إنماء حشائش لا يوجد لها مبيد، ففى الولايات المتحدة تم استخدام نوع من البكتيريا فى رش دودة القطن، ولكنها تفرز مادة سامة تسمى «اندو سكسون»، هذه المادة سببت كارثة لأن الحشرة اكتسبت مناعة من المبيد، وأصبحت أقوى، كما حدثت كارثة عند تغيير صفات الذرة باستحداث نوع جديد مهندس وراثيا أو جينيا سمّوه «بى تى كورن»، والذى تسبب فى نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات، بحسب أستاذ المبيدات بالمركز القومى للبحوث الزراعية.
وكشف المالكي، أنه خلال أعوام ما بعد ثورة ٢٥ يناير، حاولت بعض الشركات إدخال ٧٠ طنا من التقاوى المهندسة وراثيًا، ولكن بمساعدة المركز القومى للبحوث الزراعية، تم وقف الشحنة، وأن الولايات المتحدة تحتكر علم هندسة نقل الجينات، وخاصة شركة مونسمانتو العملاقة. 
ويوضح أستاذ المبيدات، أن الشركة العملاقة مونسمانتو، استحدثت فروعا لها فى غالبية البلدان العالمية، ودخلت لمصر منذ عام ٢٠٠٢ بالتعاون مع وزارة الزراعة المصرية فى عهد الدكتور يوسف والى، وزير الزراعة السابق، وقد سجل عام ٢٠٠٨ إطلاق أول نبات معدل وراثيا فى مصر والمنطقة العربية وأُطلق عليه اسم «عجيب واى جى Ajeeb-YG»، ذرة شامية مقاومة للحشرات، ثم تم تجربة نوع من القطن فى السودان أطلق عليه اسم «بى تى قطن» القطن المقاوم للحشرات، وتم استخدام مساحات متوسطة سواء فى مصر أو السودان. 

شركات أمريكية وغربية
كما يكشف الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، أن السبب وراء تردى أصناف القطن المصرى ترجع إلى أن بعض الشركات الأمريكية والغربية بشكل عام، استطاعت تخليق أنواع من البذور والتقاوى المُصابة بالعقم، أو التى أفقدتها جين النمو، وذلك حتى تحتكر صناعة التقاوى عالميًا. 
ويضيف، أن كل هذا يأتى مع غياب كامل لقانون سلامة الغذاء والأمان الحيوي، وقصور فى قانون الحفاظ على الأنواع والتقاوى والأصناف المصرية، مشيرًا إلى عدم وجود بنود واضحة، ولا عقوبات رادعة، فالقانون يستلزم مشاركة وزارات البيئة والمالية والصحة والتعاون الدولى والخارجية والزراعة، وهذا لم يحدث.
ويؤكد نورالدين، أن التقاوى المُستخدمة فى مصر «مستوردة من الخارج» وبخاصة من شركات «أمريكية وهولندية وبلجيكية، وإسرائيلية»، وخاصةً أن إسرائيل هى أكبر مصدر لتقاوى الخضر والفاكهة فى الشرق الأوسط، والدولة المصرية لا تمنع التعامل مع إسرائيل وتسمح للشركات الخاصة بالاستيراد منها. 
وأكد تحكم الولايات المتحدة فى زراعات التقاوى من خلال احتكارها للهندسة الوراثية، مشيرًا إلى وجود «مندوب» لشركات الهندسة الوراثية الأمريكية فى كل السفارات الأمريكية. 
تدمير «نوف تيك»
ولفت أستاذ الزراعة إلى مسئولية يوسف والى عن تدمير الشركة المصرية الوحيدة التى كانت تُنتج التقاوي، وهى شركة «نوف تيك» مؤكدًا أنها كانت ذات سمعة طيبة فى الشرق الأوسط وإفريقيا؛ إلا أن سماح والى بدخول مهندسين إسرائيليين بحجة تطوير الشركة، والذين قاموا بهدم الشركة، حتى تم بيع أراضيها وتصفية ممتلكاتها، وتحولت من القطاع الزراعى إلى قطاع آخر فى عام ١٩٩٥، وأن إسرائيل استغلت غيبة مصر خلال سنى حكم مبارك، وفترة الاضطرابات بعد ثورة ٢٥ يناير، وأخذت تفويضا ومنحا من الأمم المتحدة لتطوير الزراعة فى إفريقيا بحجة أنها تسعى لتطوير الغذاء والأمان الحيوى فى إفريقيا؛ كل هذا ومصر فى غيبة تامة عما يحدث.